استأنف ميليشيا الحرس الثوري الإيراني صبيحة اليوم الاثنين قصف من وصفها بـ"جماعة إرهابية" في إقليم كوردستان العراق الذي يتمتع بالحكم الذاتي، في هجوم أسفر عن مقتل اثنين من عناصر الحزب الديمقراطي الكوردستاني الإيراني المعارض، مستخدما طائرات مسيّرة وصواريخ في أحدث عملية أدانتها حكومة الإقليم والأمم المتحدة.
وصعد الحرس الثوري من هجماته على قواعد المعارضة الكوردية الإيرانية المسلحة في الإقليم الواقع بشمال العراق منذ مقتل الشابة الكوردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر/أيلول، بينما تتهم طهران المعارضة الكوردية بالتورط في تلك الاحتجاجات ونسبت لها تنفيذ عمليات تخريب.
ونقلت وكالة أنباء فارس الإيرانية عن مصدر عسكري قوله "شنّت إيران ضربات بالطائرات المسيّرة والصواريخ مستهدفة مراكز للأحزاب الإرهابية في منطقة شمال العراق".
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في مؤتمر صحفي ردا على سؤال حول تنفيذ قوات برية تابعة للحرس الثوري هجمات صاروخية وبالمسيرات على مواقع في إقليم كوردستان العراق "لن نتهاون بشأن أمننا الحدودي وسنرد على تهديدات الجماعات الانفصالية في كوردستان العراق وسندافع عن أمننا القومي وعن أمن مواطنينا وفق الأصول والقوانين الدولية".
وتابع "لذا فإن القصف الصاروخي الذي طال المناطق الشمالية من العراق يأتي في هذا الإطار"، مؤكدا أن "حكومة إقليم كوردستان تعهدت لنا ولأكثر من مرة بضبط حدودها ومنع التنظيمات الإرهابية من تهديد أمن ومصالح إيران لكنها لم تنجح في ذلك"، محملا أيضا الحكومة الاتحادية في بغداد المسؤولية عما قال "زعزعة أمننا من داخل أراضيها".
وبينما أعلن الحزب الديمقراطي الكوردستاني الإيراني المعارض، مقتل اثنين من عناصره في الهجوم الإيراني، ذكرت مصادر رسمية في أربيل أن الهجوم أسفر عن مقتل شخص وإصابة ثمانية على الأقل.
وقال قائم مقام قضاء كويسنجق طارق الحيدري "قتل شخص وأصيب ثمانية بجروح جراء قصف إيراني بخمسة صواريخ استهدف مقرا للحزب الديمقراطي الكوردستاني الإيراني" يقع في محافظة أربيل وهو ما أكدته أيضا وزارة الصحة في الإقليم.
وبحسب المصادر ذاتها تعرضت مقار لأحزاب كوردية إيرانية معارضة بينها 'كومالا' والحزب الشيوعي الإيراني، لقصف بطائرة مسيرة.
وقال عطا سقزي القيادي في حزب 'كومالا' "قصفت طائرة مسيرة حوالي الثامنة صباحا، مقرات أحزاب كومالا و الحزب الشيوعي الإيراني في منطقة زركويز" الواقعة شرق مدينة السليمانية، مؤكدا "عدم وقوع ضحايا لأن المقرات كانت خالية، لتلقيهم إنذارا مبكرا".
وتتخذ أحزاب وتنظيمات معارضة كوردية إيرانية يسارية من إقليم كوردستان العراق مقرا لها وهي أحزاب خاضت تاريخيا تمردا مسلحا ضدّ النظام في إيران على الرغم من تراجع أنشطتها العسكرية في السنوات الأخيرة.
في الأيام الأخيرة، استهدفت ضربات إيرانية مرارا مواقع حدودية في كوردستان العراق، شمال أربيل، بدون أن تسفر عن أضرار ملحوظة.
وتأتي هذه الضربات فيما تتواصل الاضطرابات في إيران منذ وفاة الشابة الإيرانية الكوردية مهسا أميني منتصف سبتمبر/أيلول بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران.
وأدانت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) القصف الإيراني الذي يعتبر انتهاكا للسيادة العراقية، داعية بغداد وطهران للحوار لمعالجة ما وصفتها بـ"الشواغل الأمنية".
وقالت البعثة في بيان "ندين تجدّد الهجمات الإيرانية بالصواريخ والطائرات المسيرة على إقليم كوردستان والتي تنتهك السيادة العراقية"، مضيفة أنه "لا ينبغي استخدام العراق كساحة لتصفية الحسابات ويجب احترام سلامة أراضيه"، مشيرة إلى أن "الحوار بين العراق وإيران حول الشواغل الأمنية المشتركة هو السبيل الوحيد للمضي قدما".
والهجوم الأخير ليس استثناء في سياق هجمات دأب الحرس الثوري الإيراني على شنها ضد المتمردين من الكورد الإيرانيين، لكن ينظر لتوقيت هذا التصعيد على أن له صلة بالاحتجاجات التي انطلقت في منتصف سبتمبر/أيلول وتوسعت لتشمل الكثير من المدن بما فيها مدنا تقطنها أغلبية سنّية (أقلية في الأقاليم النائية).
ويعتقد أن إيران التي عجزت عن إخماد تلك الاحتجاجات، تتذرع بدور محتمل للمتمردين الكورد في ما تسميه أعمال التخريب وعمليات قتل عناصر في الشرطة، لتبرير حملة القمع الدامية والاعتقالات التي تنفذيها وما سيترب عليها من أحكام قاسية بعضها يصل إلى الإعدام.
وتزعم السلطات الإيرانية كذلك تورط جهات خارجية في تأجيج وتمويل الاحتجاجات، واتهمت مؤخرا السعودية والولايات المتحدة وكذلك إسرائيل وجهات أخرى بالوقوف وراء اتساع نطاق المظاهرات.