Skip to main content

الداخلية العراقية ورقة إيران لتهرب من العقوبات

تحالف الفتح المقربة من إيران تصر على تولي فالح الفياض منصب وزير الداخلية
AvaToday caption
موقف الحكومة العراقية الجديدة سيكون حاسما في القرار الإيراني بشأن الصمود في وجه العقوبات الأميركية
posted onNovember 6, 2018
nocomment

تحوّل العراق إلى منطقة صراع استراتيجي بين الولايات المتحدة وإيران بعد فرض العقوبات على إيران. وتسعى واشنطن لقطع دابر التأثير السياسي والعسكري والاقتصادي الإيراني في العراق باعتباره الأكثر تأثيرا وكمقدمة لتحجيم دورها في المنطقة برمتها.

وسيسعى كل طرف إلى أن يضم العراق إلى ملعبه، وهو ما سيحوله إلى ساحة صراع، سيكون للحشد الشعبي دور مؤقت فيها في انتظار إمكانية أن تحل إيران عن طريق الحوار مشكلتها السياسية مع الولايات المتحدة.

وتوقع مراقبون أن تقدم الولايات المتحدة إغراءات إلى حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي من أجل فك ارتباط العراق الاقتصادي بإيران. وهو أمر سيكون من شأنه إضعاف موقف الأحزاب الموالية لإيران.

ودخلت حزمة العقوبات الأميركية الثانية على إيران حيز التنفيذ، الاثنين، عشية التصويت على استكمال وزراء الحكومة العراقية الجديدة، خلال جلسة يعقدها البرلمان العراقي، الثلاثاء، وسط تمسك الأحزاب الحليفة لطهران بحقيبة الداخلية باعتبارها بوابة رئيسية لتلافي الحظر الأميركي.

ومن المقرر أن ينعقد البرلمان العراقي، الثلاثاء، للتصويت على مرشحي 8 حقائب ما زالت شاغرة في حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، في أجواء يسودها التوتر، على خلفية إصرار حلفاء طهران في مجلس النواب العراقي، على تسمية رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، وزيرا للداخلية.

ويقول مراقبون إن حقيبة الداخلية في حكومة عبدالمهدي، ستمثل مفصلا مؤثرا في توجهات العراق للالتزام بالعقوبات الأميركية على إيران، إذ تتولى هذه الوزارة، وفقا لصلاحياتها المرسومة في الدستور، الإشراف على حدود البلاد.

ويضيف مراقبون الشأن السياسي العراقي إنه في ظل موازين القوى الداخلية فإن العراق مضطر لاتباع سياسة تقوم على أساس الحفاظ على المصالح الإيرانية، حتى لو كانت تلك العملية تضر بمصالحه وموقفه من الالتزام بالعقوبات الأميركية، وهذا ما تدركه واشنطن.

وأشار المراقبون إلى أنه ومن أجل تجنب حدوث شرخ متوقع بين ميليشيا الحشد الشعبي التابعة سياسيا لإيران والحكومة العراقية التي تقوم بتمويلها، فإن تسوية أميركية ستكون هي الحل من أجل أن تجتاز حكومة عادل عبدالمهدي هذه المرحلة الصعبة من غير أن تتعثر أو تنهار قبل أن تباشر عملها.

وعبر عن اعتقاده بأنه لن تكون تلك التسوية بأقل من الاستمرار في العرف السائد الذي يضع وزارة الداخلية ضمن حزمة الوزارات التي هي من حصة الأحزاب الموالية لإيران، وإذا ما كان هناك اختلاف على الشخصية التي ستتولى منصب الوزير فإن ذلك لا يعد مشكلة كبيرة في ظل عدم ظهور أسماء لشخصيات منافسة لفالح الفياض الذي لا يحظى برضا الكتل السياسية الأخرى بسبب ارتباط اسمه بالحشد الشعبي.

ولا يستبعد أن تتضمن التسوية اقتراح أسماء بديلة لشخصيات لن تكون أقل ولاء لإيران من الفياض، وفي ذلك ما يحفظ ماء الوجه بالنسبة للجميع ويجنب العراق مرحلة صعبة، قد تؤدي إلى انهيار الوضع الأمني فيه.

ويرتبط العراق بشريط حدودي طويل مع إيران يبلغ نحو 1458 كم. ويمكن لهذا الشريط أن يمثل رئة للاقتصاد الإيراني في ظل الحصار الدولي الخانق، الذي تتضمنه حزمة العقوبات الأميركية الجديدة على طهران.

وتقول مصادر سياسية مطلعة في بغداد إن “حلفاء إيران في البرلمان العراقي لن يسمحوا بخروج حقيبة الداخلية عن دائرة نفوذهم، في ظل الدور الخطير الذي يمكن أن تلعبه في ملف العقوبات الأميركية على إيران”.

ومع أن الولايات المتحدة، وفقا لمراقبين، وضعت العراق ضمن قائمة محدودة للدول المستثناة من تطبيق بعض العقوبات على إيران، إلا أن حلفاء طهران في بغداد لن يقبلوا بأي تقييد للتعاملات التجارية والمالية مع الجارة الشرقية.

ووفقا للائحة الاستثناءات المحدودة، فإن القطاعات التي يسمح للعراق باستمرار تعامله فيها مع إيران تختص بجملة احتياجات عراقية ملحة كالغاز اللازم لتشغيل محطات الطاقة والكهرباء، على أن العراق ملتزم بالامتناع عن التداول بالدولار الأميركي في أي من هذه التعاملات مع جارته المعاقبة، ما يعني أن الاستثناء سيعود بالنفع على بغداد وليس طهران.

ويعتقد مراقبون أن “العراق لم يعد ممكنا له تسجيل استدارة حادة في طبيعة علاقاته بإيران، في ظل وصول عدد كبير من النواب إلى البرلمان، لديهم علاقات علنية وثيقة بطهران”.

وأقصى ما يمكن تحقيقه في هذا المجال، هو العمل على تجنب استفزاز الولايات المتحدة، من خلال إشارات ضمنية إلى التزام العراق بالإطار العام للعقوبات الأميركية على إيران.

ويقول ساسة في بغداد إن “موقف الحكومة العراقية الجديدة سيكون حاسما في القرار الإيراني بشأن الصمود في وجه العقوبات الأميركية أو الخضوع لها”. ففي حال أصرت طهران على مواجهة العقوبات بعناد، واستخدمت العراق ورقة ضغط على الولايات المتحدة، يقول ساسة عراقيون إن حكومة عبدالمهدي قد تنهار.

لكن الرئيس العراقي، برهم صالح، يقول إن بمقدوره بالشراكة مع عبدالمهدي، تحويل العراق إلى ساحة حوار بين الولايات المتحدة وإيران، بالنظر إلى العلاقات الوثيقة التي تربطه ورئيس الوزراء بمسؤولين بارزين في الدولتين.

ويعول عبدالمهدي على اتساع مصالح الأحزاب العراقية الموالية لإيران، في ظل الإمكانات الهائلة التي يوفرها ريع النفط العراقي. وعلى هذا الأساس، ربما لن تجازف هذه الأحزاب بخسارة كل شيء إذا ما قررت إيران مواجهة الولايات المتحدة على أرض العراق.

وتدير أحزاب عراقية موالية لإيران، مصالح واستثمارات تعادل المليارات من الدولارات. ويقول مراقبون إن هذا الواقع، ربما يدفعها إلى الانحياز نحو التهدئة خلال الأعوام القليلة المقبلة في العلاقة مع الولايات المتحدة، خشية تحول مصالحها في العراق إلى أهداف لواشنطن.