أعلن مسؤول في ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب أمس الجمعة أن مجموعة العمل المالي الدولية برئاسة أميركية ستطلب من إيران اتخاذ تدابير ضد تبييض الأموال من خلال فرض مهلة مع فرض عقوبات في حال لم تحترم.
وفي إحدى تغريداته الصباحية حول الأزمة بين طهران وواشنطن بعد اسقاط إيران الخميس طائرة مسيرة أميركية أعلن ترامب الجمعة "العقوبات موجعة وتم اضافة مزيد منها ليلا".
واشار وزير الخزانة ستيفن منوتشن إلى تشديد المراقبة المالية على إيران في خطاب ألقاه الجمعة في فلوريدا خلال جلسة لمجموعة العمل المالي الدولية.
وقال "ردت مجموعة العمل المالي الدولية على رفض إيران المتعمد معالجة الخلل في مجالي تبييض الأموال وتمويل الارهاب عبر المطالبة بتشديد الرقابة على فروع المؤسسات المالية الناشطة في ايران".
وأضاف أن المجموعة دعت إلى "إعادة فرض تدابير جديدة في حال لم تحرز ايران تقدما".
وفي شباط/فبراير ذكرت المجموعة أنه "في حال لم تتبن ايران بحلول حزيران/يونيو 2019 باقي القوانين طبقا لمعايير مجموعة العمل المالي الدولية ستطالب الأخيرة بتشديد الرقابة" على المؤسسات المالية.
وأوضح مسؤول في إدارة ترامب أن المهلة لتحقيق ذلك ستعلن الجمعة.
وتهدف هذه المجموعة التي تأسست في 1989 وتضم 38 بلدا عضوا الى تحسين النظام المالي الدولي عبر الحض على تبني قوانين ضد تبييض الأموال وتمويل "الارهاب".
وتورطت ايران في دعم المجموعات المتطرفة سواء في اليمن او لبنان او سوريا او العراق ما هدد السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
ومنذ عام أعادت ادارة ترامب العمل بالعقوبات المرتبطة بالبرنامج النووي الايراني، وفي نيسان/أبريل ادرجت واشنطن الحرس الثوري الايراني على قائمتها السوداء "للمنظمات الأجنبية الإرهابية".
وفي ظل تصاعد حدة التوتر مع الولايات المتحدة التي انسحبت العام الماضي من الاتفاق النووي وفرضت بعده عقوبات اقتصادية مشددة على طهران، لا تزال تهمل بعض جوانب الاتفاق على الأقل في سياسة تحدي للمجتمع الدولي.
ومنذ انسحابها من الاتفاق، أعادت واشنطن فرض عقوبات على طهران وأضافت عقوبات جديدة لعزل الجمهورية الإسلامية في مسعى تصفه إيران بأنه "إرهاب اقتصادي".
وكانت الولايات المتحدة الاميركية اعلنت الجمعة 7 حزيران/يونيو فرض حزمة جديدة من العقوبات تستهدف أساسا قطاع البتروكيماويات الإيراني ضمن جهود أميركية لقصقصة الأذرع المالية للحرس الثوري وكبح أنشطة طهران المزعزعة للاستقرار في المنطقة.
وتستهدف العقوبات شركة الخليج الفارسي للصناعات البتروكيماوية لتوفيرها الدعم المالي للذراع الاقتصادية للحرس الثوري الإيراني وهو وحدة النخبة العسكرية في إيران والتي تشرف على برنامج الصواريخ الباليستية والبرنامج النووي.
وأدرجت وزارة الخزانة الأميركية أيضا شبكة المجموعة القابضة المؤلفة من 39 شركة فرعية للبتروكيماويات ووكلاء مبيعات أجانب.
وفي خضم الوساطات المتواترة من قبل عدد من الدول لحل الازمة، أفاد آخر إخطار نشر على موقع وزارة الخزانة الأميركية على الإنترنت الأربعاء بأن الولايات المتحدة فرضت عقوبات جديدة تتعلق بإيران على شركة مقرها العراق وفردين.
والعقوبات الجديدة هي الأحدث في سلسلة إجراءات عقابية تستهدف تضييق الخناق على أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة.
وقالت بريطانيا اليوم السبت إن أندرو موريسون وزير شؤون الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية سيزور إيران غدا الأحد لإجراء محادثات "صريحة وبناءة" في ظل تصاعد التوتر بين طهران وواشنطن بعد إسقاط طائرة أمريكية مسيرة.
وقالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان "في هذا الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر الإقليمي وفي فترة حاسمة لمستقبل الاتفاق النووي تمثل هذه الزيارة فرصة لمزيد من التواصل المنفتح والصريح والبناء مع الحكومة الإيرانية".
وأضاف البيان أن موريسون سيدعو إلى وقف عاجل للتصعيد في المنطقة وسيعبر عن المخاوف إزاء "سلوك إيران في المنطقة وتهديدها بالكف عن الالتزام بالاتفاق النووي الذي تبقى بريطانيا ملتزمة به بالكامل".
وتقود إيران حاليا حملة دعائية تروج فيها لقدرتها على الصمود في وجه العقوبات الأميركية بإعلانات وتصريحات تبدو مبالغ فيها ومغرقة في التفاؤل ضمن إعلانات للاستهلاك المحلي ولتخفيف التوترات في الشارع الإيراني وامتصاص موجة غضب تبدو حتى الآن صامتة لكنها تعتبر قنبلة موقوتة.
لكن الدعاية الايرانية أخفقت في اخفاء الانقسام السياسي في ايران على خلفية تشديد العقوبات حيث تحاول الحكومة الإيرانية مداراة عجزها عن مواجهة تأثيرات العقوبات الأميركية بالترويج للصمود والوحدة والدعوة للمقاومة في الوقت الذي ظهرت فيه شروخ وانقسامات لعل أبرزها تعالي بعض الأصوات المنادية بإقالة وزير النفط بيغن زنغنة الذي يراهن عليها النظام للخروج من ورطة انخفاض الإيرادات النفطية.
وتشير هذه الدعوات إلى وجود خلافات تهز الحكومة الإيرانية، لكن زنغنه نفى الاثنين تقريرا أفاد بنشوب خلاف بينه وبين الرئيس الإيراني حسن روحاني بشأن مبيعات النفط في ظل العقوبات الأميركية، مضيفا أنه سيستمر في منصبه.
ومع تفاقم تأثير العقوبات، انخفضت صادرات النفط الإيراني من 2.5 مليون برميل يوميا في أبريل/نيسان في العام الماضي لتصل إلى نحو 400 ألف برميل يوميا في مايو/أيار، وهو انخفاض قياسي يدفع بشدة الاقتصاد الإيراني إلى حافة الهاوية وينذر بارتدادات اجتماعية وسياسية.
والتراجع الحاد في إيرادات النفط من شأنه أن يعطل المشاريع الحكومية ويحرك الجبهة الاجتماعية حيث باتت إيران تعاني من شح في النقد الأجنبي في السيولة في السوق المحلية والتي تعتمدها طهران في تنشيط قطاعاتها الاقتصادية.
وفي الفترة الماضية بدا تأثير العقوبات الأميركية واضحا في بازار طهران الذي يضم عشرات المتاجر التي يتزود معظمها بسلع مستوردة وبالتالي يحتاج التجار إلى إتمام معاملاتهم الخارجية بالعملة الصعبة.
وفرضت الحكومة الإيرانية قيودا صارمة على السلع المستوردة في مواجهة شح النقد الأجنبي، ما أثر على كثير من الأنشطة التجارية ودفع تجار بازار طهران للخروج في احتجاجات قمعتها أجهزة النظام.
وثمة تسريبات تشير إلى أن الحكومة الإيرانية تعمل جاهدة على ترميم الشروخ الداخلية الناجمة عن خلافات مردّها العقوبات الأميركية.
وكان مشرع إيراني قال الأسبوع الماضي إن مشادة نشبت بين زنغنه وروحاني حول هذا الأمر خلال اجتماع لمجلس الوزراء.
ويحاول النظام الايراني ابعاد الانظار عن خلافاته الداخلية بتوجيه تصريحات حادة ونارية ضد الولايات المتحدة.
ونقلت وكالة تسنيم للأنباء السبت عن عباس موسوي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية قوله إن إيران سترد بحزم على أي تهديد أميركي لها.
ونسبت الوكالة إلى موسوي قوله "لن نسمح بأي انتهاك لحدود إيران. وإيران ستواجه بحزم أي عدوان أو تهديد من قبل أميركا".
وتصاعد التوتر بين طهران وواشنطن منذ يوم الخميس عندما دمر صاروخ إيراني طائرة استطلاع أميركية من طراز جلوبال هوك. وقالت طهران إن إسقاط الطائرة المسيرة تم داخل أراضيها في حين قالت واشنطن إنه وقع في المجال الجوي الدولي.
وقال الرئيس الأميركي الجمعة إنه تراجع عن ضربة عسكرية ردا على إسقاط إيران للطائرة الأميركية المسيرة وذلك لأنها ربما كانت ستسفر عن مقتل 150 شخصا وألمح إلى أنه مستعد لإجراء محادثات مع طهران.
وقال موسوي "بغض النظر عن أي قرار يتخذه (المسؤولون الأميركيون) لن نسمح بأي انتهاك لأراضي الجمهورية الإسلامية".