على يمين الرئيس الإيراني حسن روحاني جلس قائد فيلق القدس (ذراع عسكرية خارجية لمليشيا الحرس الثوري) الإرهابي قاسم سليماني موضع وزير خارجيته خلال لقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يزور حلفاءه في طهران للمرة الأولى منذ 8 سنوات.
لم تمض عدة ساعات على هذه اللقطات التي تداولتها بكثافة وسائل إعلام إيرانية على هامش لقائي بشار بروحاني والمرشد الإيراني علي خامنئي حتى أعلن وزير خارجية طهران محمد جواد ظريف استقالته من منصبه بشكل مفاجئ، مساء الإثنين، في مشهد يبدو اعتراضا ضمنيا على تغول الجنرال الإرهابي على حقيبة الدبلوماسية في البلاد.
ونقلت صحيفة "انتخاب" الإيرانية المحلية على موقعها الرسمي، الثلاثاء، رسائل نصية نقلا عن ظريف بعد استقالته حيث اعتبر أنه أصبح وزير خارجية "بدون قيمة" على مستوى العالم بعد غيابه عن اجتماعات رسمية ببشار الأسد، خلافا للعرف الدبلوماسي المعمول به.
وفي سياق متصل، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "ارنا" تصريحات أخرى أدلى بها ظريف بعد استقالته الموجزة عبر تطبيق أنستقرام (غير محظور في إيران) قال خلالها إن قيامه بهذا الأمر كان مجرد "تنبيه" بهدف إعادة وزارة الخارجية الإيرانية إلى وضعها القانوني في العلاقات الخارجية.
وفي الوقت الذي أغلق وزير خارجية طهران هاتفه الجوال في وجه الجميع، أوردت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية "إيسنا" عن محمد رضا تابش نائب رئيس كتلة الأمل البرلمانية (إصلاحية) دعوته إلى وقف تدخل الأجهزة الموازية في عمل الدبلوماسيين الإيرانيين.
يذكر أن أدوار جنرال الحرس الثوري المدرج على قوائم الإرهاب دوليا منذ عام 2011، تعددت في بلدان إقليمية فضلا عن تدخله المعلن في السياسات الخارجية لبلاده، حيث أجرى مؤخرا لقاءات رسمية سواء مع مكونات سياسية موالية لنظام ولاية الفقيه في العراق، وكذلك مع عناصر المليشيات الحوثية الانقلابية في اليمن، وصولا إلى مليشيا حزب الله في بيروت، وأخيرا حضوره اللافت في زيارة الأسد للعاصمة الإيرانية.
وفي أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني في مايو/ أيار الماضي، جاء أول ردٍّ على لسان قاسم سليماني وليس ظريف الذي توارى عن المشهد تماما في ظل تصريحات عدائية أطلقها قائد المليشيا المختصة بتنفيذ خطط اغتيالات واستخبارات خارج الحدود.
أدوار سليماني الدبلوماسية التي تجاوزت مهامه العسكرية دفعت ظريف إلى الاستقالة للمرة الأولى في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لكنها لم تقبل من روحاني حينها بسبب تداعيات فرض أمريكا حزمة عقوبات اقتصادية قاسية على طهران.
يشار إلى أن مليشيا الحرس الثوري الإيراني التي يتبعها قاسم سليماني باتت ذات أذرع طولى داخل إيران وخارجها، بحيث أصبحت أقوى من هيئات حكومية في ظل ميزانية سنوية تتجاوز 7 مليارات دولار أمريكي، واستحواذها على أكثر من 50 % من إجمالي الاقتصاد المحلي في مختلف المجالات.
ويرى مراقبون أن لظريف خلافات شديدة مع جنرالات مليشيا الحرس الثوري الإيراني حول كيفية إدارة نفوذ طهران في دول المنطقة التي تتموضع بها مليشيات عسكرية مدعومة رأسا من نظام الملالي.