Skip to main content

هجوم المسيرات يأجج الصراع بين إربيل وبغداد

القوات الامنية
AvaToday caption
كانت حكومة إقليم كوردستان اتهمت الحكومة في بغداد بـ"دعم الجهات الخارجة عن القانون"، التي قالت إنها "تنفذ هجمات صاروخية تستهدف مواقع مدنية وعسكرية تابعة لكوردستان
posted onJanuary 5, 2024
nocomment

أعادت الهجمات الصاروخية التي شنتها الفصائل المسلحة العراقية على مواقع في إقليم كوردستان العراق، التوتر بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، إذ طاولت الاستهدافات الأخيرة مقراً لقوات البيشمركة الكوردية الذي تعرض، السبت الماضي، لهجوم بطائرتين مسيرتين مفخختين.

وتزامن ذلك مع إعلان "المقاومة الإسلامية في العراق" استهداف "مركز للتجسس الفني تابع لإسرائيل شمال شرقي أربيل"، بينما نفت حكومة الإقليم وجود أي مقر أو قاعدة إسرائيلية لديها.

ووسعت فصائل "المقاومة الإسلامية" منذ بدء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي استهدافها للقواعد الأميركية في العراق وسوريا، وذلك رداً على الدعم الأميركي "للاحتلال الإسرائيلي وعدوانه على غزة".

ويرى مراقبون للشأن العراقي أن الأوضاع بدأت تتعقد أكثر في العراق على رغم الجهود التي تبذلها الحكومة لتجنيب البلاد مزيداً من التصعيد في هذه الأوقات، وإبعادها عن "الدخول في سياسة المحاور والصراع بين الولايات المتحدة وإيران".

وكان رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني دان بشدة الهجوم على قاعدة للبيشمركة شمال شرقي أربيل، معتبراً أنه هجوم على العراق كله، والحكومة الاتحادية مسؤولة عن ردع الجناة.

وكتب رئيس حكومة الإقليم في تدوينة على منصة "إكس": "أشعر بقلق عميق إزاء الهجوم الإرهابي الذي استهدف الليلة الماضية قاعدة للبيشمركة شمال شرقي أربيل، وأدين بأشد العبارات الخارجين عن القانون والمتواطئين معهم".

وأضاف بارزاني: "نحن ندرك جيداً الألاعيب التي يمارسونها هنا، والخارجين عن القانون الذين يقفون وراءها، ولدينا الحق في الدفاع عن شعبنا".

وشدد بارزاني على "وجوب أن تنظر الحكومة الاتحادية إلى أي هجوم على إقليم كوردستان على أنه هجوم على العراق بأكمله، وأن تتصدى له بالإجراء المناسب"، معتبراً أن "التقاعس المستمر سيشجع هؤلاء الجناة على مواصلة ارتكاب جرائمهم".

وأكد أن "الجهات التي تهاجم الإقليم تستغل أموال الدولة وأسلحتها لمهاجمة كوردستان، وزعزعة استقرار البلاد بأسره، مما يعرضه لخطر إعادة إشعال الصراع في بلد عاش ما يكفي من سفك الدماء".

وطالب بارزاني رئيس الوزراء العراقي "باتخاذ إجراءات عملية وفاعلة لردع هذه المجموعات ومحاسبتها وإعادة تأكيد سيطرة الدولة على الأراضي التي تستخدم منطلقاً لشن تلك الاعتداءات".

في وقت، دان "الحزب الديمقراطي الكوردستاني" بزعامة مسعود بارزاني الهجوم بالطائرات المسيرة على مقر قوات البيشمركة، الذي تم تنفيذه بتاريخ 30 ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي عند حدود منطقة بيرمام في أربيل من قبل مجموعات وصفها بـ"الخارجة عن القانون".

وقال "الحزب الديمقراطي" في بيان، إن استقرار وسلام وأمن إقليم كوردستان هو ضمان السلام والاستقرار في العراق والمنطقة، داعياً الحكومة العراقية والتحالف الدولي إلى "مساعدة إقليم كوردستان لوقف هذه الهجمات غير المسؤولة، والتي ستؤدي إلى مزيد من الفوضى في الإقليم والعراق والمنطقة بصورة عامة".

ورأى أن "قوات البيشمركة كما هي الحال دائماً، سيكون لها حق الرد المطلوب والمناسب لحماية أراضيها وشعبها".

وكانت حكومة إقليم كوردستان اتهمت الحكومة في بغداد بـ"دعم الجهات الخارجة عن القانون"، التي قالت إنها "تنفذ هجمات صاروخية تستهدف مواقع مدنية وعسكرية تابعة لكوردستان وآخرها استهداف موقع لقوات البيشمركة".

لكن المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، أعرب عن استغرابه من الاتهامات التي وجهتها حكومة إقليم كوردستان إلى بغداد في ما يتعلق بصرف المخصصات المالية والاعتداءات الأخيرة.

وقال العوادي في بيان إن "الحكومة الاتحادية تعبر عن استغرابها من تصريحات حكومة إقليم كوردستان العراق، التي تضمن شتى الاتهامات غير الواقعية وغير المسؤولة، لما ورد فيه من خلط لمعلومات مضللة وأكاذيب باطلة، خصوصاً الادعاء بتجويع المواطنين في الإقليم، متناسياً الأرقام الرسمية للتمويلات المالية وباعتراف موظفي الإقليم".

ورأى العوادي أن "ما صدر يمثل تحاملاً غير مبرر على السلطات الدستورية، ومسؤوليتها الحصرية في حماية سيادة البلد، ونؤكد أن التسرع في إطلاق الأحكام والإدلاء بتصريحات تفتقر للدقة، يسهم في تعقيد المشهد السياسي والحكومي، كونها تصريحات غير بناءة تضر بحالة الاستقرار السياسي والاجتماعي، ولا تتوافق مع سياسة الحكومة ومنهجها وبرنامجها الوطني، الذي التزمت فيه بالدفاع عن مصالح العراقيين في جميع أنحاء العراق وبلا تفرقة".

وشدد على أن "الحكومة الاتحادية من واجباتها حفظ الأمن والاستقرار في عموم العراق ولا تفرق بين مواطنيها، وقد اتخذت بالفعل جملة من الإجراءات، وفتحت تحقيقاً بالاعتداء الأخير لكشف ملابساته، وأن مثل هكذا تصريحات تعقد مسار التحقيق الذي أنيط بالجهات الأمنية الاتحادية، بالتنسيق مع الجهات المتخصصة في حكومة إقليم كوردستان العراق".

وأكد العوادي أن "الحكومة العراقية وانطلاقاً من واجباتها وصلاحياتها الدستورية، تجدد موقفها الرافض للاعتداءات التي تستهدف أي أرض عراقية، سواء في الإقليم أو باقي المحافظات"، وتؤكد مضيها بملاحقة المتورطين من أجل "تسليمهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل".

في حين، قال الباحث السياسي، مجاشع التميمي، "بدأت الأوضاع تتعقد أكثر في العراق على رغم الجهود التي يبذلها القائد العام للقوات المسلحة لتجنيب العراق مزيداً من التصعيد في هذه الأوقات وإبعاده عن الدخول في سياسة المحاور والصراع بين الولايات المتحدة وإيران".

وزاد أن "الأميركيين في النهاية يخضعون للأمر القانوني إذا صدر من الدولة العراقية، فعلى المعارضين من القوى العراقية الذهاب للبرلمان وتشريع قانون إخراج القوات الأميركية من العراق، وتحديد أوجه العلاقة مع الجانب الأميركي من خلال تحديد العلاقة بحسب الطابع الدبلوماسي، بمعنى لا نحتاج إلى مستشارين ولا تقنيين ولا قوات قتالية، لذا لا بد من إرسال قانون إلى الحكومة وإلزامها إخراجهم".

وكشف عن أن وقف الهجمات الصاروخية تجاه أربيل يتطلب من القائد العام للقوات المسلحة والقوى السياسية لا سيما الإطار التنسيقي، تحركاً لتهدئة الأوضاع من قبل الفصائل المسلحة من جهة.

ودعا التميمي الدولة العراقية إلى أن تبسط سيطرة المؤسسات الرسمية إذا ما كانت ترغب في معالجة هذا الملف، فالقوة يجب أن تكون بيد الدولة حصراً لتجنب تحول العراق إلى ساحة صراع إقليمية ودولية، وهذا مبدأ مقبول وأعتقد أن جميع الأطراف تقبله، ولن نبني دولة إن لم تكن الدولة تحظى بالسيطرة التامة".

وبين أن "حكومة السوداني تريد التهدئة وترتيب علاقتها الدولية والإقليمية، لكن علينا أن نعترف بأن العراق ما زال ساحة صراع بين أميركا وإيران ولكل منهما مصلحة لا تنسجم مع المصلحة العليا للشعب العراقي، لذلك على الحكومة العراقية أن ترتب علاقتها وأعتقد أن السوداني قادر على ذلك".

من جهته قال المتخصص الأمني، عقيل الطائي، إن الهجوم على مواقع أمنية للبيشمركة في أربيل خلق تراشقاً إعلامياً بين المركز وأربيل تضمن خطابات عالية النبرة.

ولفت إلى أن المهاجمين ومن خلال ضرب هذه المواقع الأمنية عراقية، بغض النظر إن كانت كردية أو غيرها، يحاولون إعادة خلط الأوراق وتأجيج التوتر القائم أصلاً بسبب مشكلات اقتصادية وأزمة الرواتب والموازنة.

ودعا الطائي الحكومة العراقية إلى متابعة هذا الخرق الكبير من خلال تحقيق دقيق، مرجحاً عودة الثقة عقب المبادرة بإصلاحات أو إجراءات من قبل حكومة المركز تثبت فيها حسن النوايا.

وفي السياق، قال المتخصص الأمني والاستراتيجي عماد علو، إن تكرار الهجمات يبعث برسائل سلبية إلى حكومة الإقليم لأنها وبطبيعة الحال تربك الوضع الأمني في إقليم كوردستان وتؤثر في حركة النقل الجوي في مطار أربيل.

ورأى أن تعرض البيشمركة إلى مثل هذه الهجمات تجاوز للخطوط الحمر بالنسبة لحكومة إقليم كوردستان التي تعمل على حماية الإقليم، مبيناً أنه ما لم يكن هناك حوار وإعادة النظر بقواعد الاشتباك، فمن الممكن أن تنزلق الأمور وتتوسع مساحة الصراع في العراق بين فصائل "المقاومة الإسلامية" والقوات الأميركية، مما قد يؤدي إلى عواقب أمنية ذات تداعيات سلبية.