بدأت محكمة تركية اليوم الاثنين محاكمة العشرات من أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للكورد، بينهم الزعيم السابق للحزب، بسبب الاحتجاجات التي تفجرت أثناء هجوم تنظيم الدولة الإسلامية على بلدة كوباني الكوردية السورية عام 2014، في أحدث خطوة على مسار تقويض الحزب بهدف إخلاء طريق الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من العقبات ومحو المعارضة قبل الانتخابات القادمة في ظل تراجع شعبيته.
ولاقى 37 حتفهم في الاحتجاجات، التي اندلعت على خلفية اتهامات بأن الجيش التركي وقف مكتوف الأيدي بينما كان المسلحون المتشددون يحاصرون كوباني، وهي بلدة حدودية يمكن رؤيتها من تركيا.
ويقول حزب الشعوب الديمقراطي إن قضية هذا الأسبوع خطوة أخرى من السلطات لتقويض الحزب بعد أن قدم ممثل ادعاء تركي كبير دعوى قضائية لحظر الحزب الشهر الماضي بسبب روابط مزعومة بمسلحين كورد.
ووجهت للمتهمين وعددهم 108 من بينهم صلاح الدين دمرداش أحد أبرز السياسيين في تركيا، 37 تهمة بالقتل وزعزعة وحدة وسلامة أراضي الدولة.
وتضم لائحة الاتهام أيضا تهما بالتحريض على الاحتجاجات وهو ما ينفيه حزب الشعوب الديمقراطي.
وقال مدحت سنجار الزعيم المشارك للحزب أمام المحكمة في مجمع سجن سنجان بأنقرة "سندحض هذ المؤامرة ونوسع النضال من أجل الديمقراطية ونفسد حسابات السلطة السياسية وسننقذ معا بكل تأكيد هذا البلد من تلك الهجمة الاستبدادية".
ويتعرض حزب الشعوب الديمقراطي لضغوط متزايدة من حزب العدالة والتنمية، الذي يتزعمه اردوغان، وحلفائه في حزب الحركة القومية خلال السنوات الأخيرة.
ويواجه ثالث أكبر حزب في تركيا حملة قمع بلغت ذروتها يوم في مارس/آذار الماضي عندما تحرك المدعي العام لإغلاقه بسبب اتهامات بأنه على صلة بالمسلحين الكورد، وهي اتهامات ينفيها حزب الشعوب الديمقراطي ويصفها بأنها "انقلاب سياسي".
وقدم مدع عام تركي الشهر الماضي التماسا إلى المحكمة الدستورية للمطالبة بحظر الحزب، كما اتقلت نائب ممثل عن الحزب بعد احتجاجه قرار تعليق عضويته التعسفي.
وجرد البرلمان النائب جرجرلي أوغلو الناشط في مجال حقوق الإنسان، من عضويته والحصانة المرتبطة بها بسبب إدانته من قبل بنشر دعاية إرهابية من خلال مشاركة رابط موضوع إخباري على تويتر.
وندد حلفاء تركيا الغربيون بخطوة إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي في حين دافع حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه اردوغان والذي يتمتع بأغلبية في البرلمان مع القوميين عن هذه الخطوة. واحتشد آلاف الكورد الأتراك في إسطنبول دعما لحزب الشعوب الديمقراطي.
وعبر كورد أتراك عن غضبهم من محاولة قضاء الرئيس التركي حظر الحزب، مما حوّل احتفالاتهم بعيد النوروز في مارس/آذار بأنحاء البلاد إلى استعراض للتحدي.
وأثارت المطالبة بإغلاق الحزب المؤيد للكورد مخاوف الدول الغربية بشأن سيادة القانون في تركيا، فيما تسعى أنقرة إلى تهدئة التوتر الذي يخيم على علاقاتها مع الولايات المتحدة وأوروبا.
وحذّرت الولايات المتحدة من أن الجهود التي تبذل لحظر حزب رئيسي موال للكورد في تركيا ستشكل تقويضا للديمقراطية.
ولطالما انتقدت الدول الأوروبية سلوك اردوغان تجاه الكورد وممارسات القمع المجحفة بحق المعارضة وأثارت تلك الممارسات مخاوف الأوربيين إزاء الديمقراطية والحقوق الأساسية في تركيا.
وكثفت السلطات التركية متجاهلة الانتقادات الغربية والأوربية، في السنوات الأخيرة عمليات الاعتقال وعزل مسؤولين منتخبين أعضاء في الحزب واستبدلت الغالبية العظمى لرؤساء البلديات الستة والخمسين المؤيدين للكورد.
وينفي الحزب بشدة الاتهامات الموجّهة له بممارسة "أنشطة إرهابية"، ويقول إنه ضحية حملة اضطهاد بسبب معارضته لاردوغان.
وتأتي محاولات اردوغان لدحض المعارضة وتقليص في الانتخابات المرتقبة في وقت يشهد في الرئيس التركي وحزبه تآكلا في الخزان الانتخابي وتراجع القاعدة الجماهيرية والمناصرين.
وسيؤدي الحظر المحتمل لحزب الشعوب إلى تغير كبير في المشهد السياسي قبل سنتين من الانتخابات التشريعية والرئاسية التي يبدو أنها ستكون صعبة بالنسبة لاردوغان، في ظل التحديات الاقتصادية.
وأمام تلبد الأفق يشدد حزب الشعوب الديمقراطي على قدرة الحركة الكوردية السياسية على الاستمرار.
فقد سبق وحظرت أحزاب كثيرة مؤيدة للكورد مثل حزب ديمقراطية الشعب في العام 2003 المتهم بإقامة روابط مع حزب العمال الكوردستاني.