دخلت دعوى حظر حزب الشعوب الديمقراطي في تركيا متاهة جديدة من الإجراءات إلا أنها تشكل في مضامينها وتوقيتها محاولة لتضييق الخناق القضائي والقانوني على الحزب الموالي للكورد والذي يتهمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية الحاكم وحليفه حزب الحركة القومية بأنه واجهة سياسية لحزب العمال الكوردستاني.
ويعتقد أن ردّ الدعوى التي رفعها أحد ممثلي الإدعاء في تركيا هي مجرد تجميل لقرار جاهز ومحاولة لإيهام الرأي العام التركي والدولي باستقلالية القضاء في الوقت الذي تؤكد فيه مصادر محلية وممارسات على الأرض أن الرئيس التركي قام خلال السنوات الأخيرة بالسيطرة على الجهاز القضائي عبر تنصيب الموالين له، مستدلة في ذلك بالأحكام التي صدرت بحق معارضين لأردوغان أو بالاحتجاز الطويل لمعارضين وبينهم زعيم حزب الشعوب الديمقراطي السابق صلاح الدين دميرطاش على الرغم من صدور حكم سابق ببراءته أو مواصلة احتجازه بلا محاكمة وبتهمة الإرهاب من دون تقديم أدلة على ذلك.
وفي نهاية المطاف طال أمد التقاضي أو قصر، فإن المؤشرات تؤكد أن تركيا سائرة بخطى ثابتة لحظر الحزب، لكن قبل الانتخابات العامة المقررة في 2023 وهي انتخابات حاسمة ومصيرية للرئيس أردوغان ولحزبه.
وذكرت وكالة الأناضول للأنباء التي تديرها الدولة اليوم الأربعاء أن أكبر محكمة تركية ردت لائحة اتهام تدعو لحظر حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للكورد إلى الادعاء لأسباب إجرائية.
وقالت المحكمة الدستورية إن لائحة الاتهام بها أوجه قصور ولهذا أعادتها إلى محكمة النقض. ويمكن للأخيرة تقديم لائحة الاتهام مجددا بعد استكمال التفاصيل الضرورية.
وكان ممثل ادعاء كبير قدم دعوى قضائية هذا الشهر يطالب بحظر حزب الشعوب الديمقراطي لصلاته المزعومة بمقاتلين أكراد، فضلا عن منع ما يزيد على 600 من أعضاء الحزب من ممارسة العمل السياسي لخمسة أعوام.
وجاءت خطوة الادعاء بعد حملة استمرت لأعوام واستهدفت حزب الشعوب الديمقراطي الذي حوكم الآلاف من أعضائه بتهم أهمها الإرهاب.
وينفي الحزب وهو ثالث أكبر أحزاب البرلمان، صلته بالإرهاب ووصف الخطوة بأنها "انقلاب سياسي"، بينما ذكر مسؤولون في الحزب أنه سيعيد تجميع صفوفه تحت اسم مختلف إذا تم حظره، مثلما سبق وفعلت أحزاب كردية تم حظرها في إطار تاريخ تركيا الطويل في حظر الأحزاب.
وانتقد مدحت سنجار الزعيم المشارك للحزب في وقت سابق اليوم لائحة الاتهام.
وأضاف "هذا الهجوم لا يستهدف حزب الشعوب الديمقراطي فحسب وإنما أيضا تدمير إرادة الكورد عبر الحزب. وفي الوقت نفسه يهدف لتدمير ما تبقى من الديمقراطية ودولة القانون في تركيا".
وندد حلفاء تركيا في الغرب بالسعي لحظر الحزب الموالي للكورد، بينما دافع حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه الرئيس أردوغان وحليفه حزب الحركة القومية عن هذه الخطوة.
واتهموا حزب الشعوب الديمقراطي بالصلة بمقاتلي حزب العمال الكوردستاني المحظور الذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جماعة إرهابية.
وإلى حدّ الآن وبعد حملة اعتقالات واسعة طالت المئات من أعضاء الحزب وأسقطت العضوية عن بعض نوابه وانتزعت رئاسة بلديات من عدد من أعضائه وتنصيب رؤساء بلديات من حزب العدالة والتنمية، لم تقدم أجهزة الرئيس التركي اثباتات على صلة حزب الشعوب الديمقراطي بحزب العمال الكوردستاني.
ويقول الحزب إن كل الاتهامات كيدية وسياسية وأن أسباب الحملة المتواصلة منذ سنوات هي مخاوف أردوغان وحزبه من خسارة الانتخابات القادمة.
وأثارت الحملة انتقادات غربية، حيث اعتبرتها واشنطن والاتحاد الأوروبي مساس بالديمقراطية وانتهاكا للحريات السياسية وانحرافا بدولة القانون، بينما تعتبر أحزاب المعارضة التركية الخطوة تأكيدا على النزعة الاستبدادية للرئيس رجب طيب أردوغان.