مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المبكرة في يونيو المقبل، تتزايد مساعي الناشطين لتأسيس أحزاب ناشئة من رحم الحراك الشعبي، في خطوة تهدف لإيصال وجوه شابة جديدة عبر صناديق الاقتراع إلى الندوة البرلمانية.
"البيت الوطني"، "امتداد"، "25 تشرين"، و"الخيمة العراقية"، جميعها أسماء لأحزاب جديدة تتحدث عن ارتباطها بثورة تشرين، وسط تشكيك شعبي ببعضها، لاسيما بعد وصول عدد الأحزاب المشاركة في الانتخابات إلى 400 حزب، يتنافسون على 328 مقعدا برلمانيا، بحسب متابعين.
وفي هذا السياق، ذكر الصحفي الاستقصائي، رياض الحمداني، في تصریح صحفی أنّ الأحزاب الجديدة تتحرك بثلاثة مسارات: تشكيل أحزاب تمثل احتجاجات تشرين، أحزاب مختلطة بين القوى السياسية التقليدية وتشرين، والمسار الثالث لجهات تمثل الحشد الشعبي ولكن تزعم الانتماء إلى الثوار".
وقال إن "النائب محمد شياع السوداني عن دولة القانون، بدأ بتشكيل حزب أبناء الفراتين، بعد استقالته من حزب الدعوة، وهو أول حزب يظهر بشكل واضح في الجنوب، منذ إعلان رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، موعد الانتخابات المبكرة".
وأضاف الحمداني أنّ "حزب تقدُم شكّله رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وهو يقوم بأنشطة عدّة في المحافظات المحررة من داعش".
وفي هذا السياق، اعتبرت الناشطة المدنية، ديانا فرج، أنّ "بعد الثورة تشكلت أحزاب عديدة، بعضها مشكوك بمصداقيته، إذ اتخذ الكثير منها ثورة تشرين كغطاء تسويقي له"، مشددة على أنّ "الأحزاب الناشئة تابعة لأحزاب ووجوه قديمة ولكن بأسماء جديدة".
ولفتت فرج إلى أنّ "ليس كل الجهات التي تتخذ من ثورة تشرين عنواناً لها، تمثل صوت الشعب، فحركة الوعي تابعة لعمار الحكيم مثلاً، والامتداد تابعة لوجوه قديمة"، معربة عن أملها في نجاح "حزب البيت الوطني باعتباره يمثل صوت الثوار ويطالب بشعارات ثورة تشرين".
في المقابل، نفى محمد عفلوك، أحد مؤسسي حزب "الامتداد"، المعلومات التي تتحدث عن ارتباط بالسلطة الحاكمة أو أحد الأوجه القديمة المعروفة سياسياً في العراق، وقال: "سيتم الإعلان عن الوجوه والشخصيات المرشحة من قبلنا، غداً الجمعة في مؤتمر افتتاحي بمحافظة السماوة، لنطمئن الجميع".
وشدد عفلوك، على أنّ "الدافع الأول والأخير لحزب الامتداد هو نقل صوت الاحتجاج من الشارع إلى البرلمان، وتشكيل معارضة حقيقية لحماية الثوار وإبعاد حملات الاعتقالات عنهم"، لافتاً إلى "أن مساعي تشكيل الحزب بدأت منذ ستة أشهر من محافظات الوسط والجنوب، على أنّ يتم الانتقال في الأيام المقبلة إلى المحافظات الغربية والكردية".
وقال حسين الغرابي وهو من مؤسسي حزب البيت الوطني العراقي: "بدأ العمل على تأسيس الحزب منذ شهرين، ولدينا نواة في جميع المحافظات العراقية، وأجندتنا واضحة وهي خلق بديل سياسي ديمقراطي".
وأضاف "نعمل على هوية عراقية موحدة من الجنوب إلى الشمال، نحن أمة عراقية واحدة نتشابه بالقيم، ونؤمن بالمواطنة بغض النظر عن الهويات الفرعية الأخرى مع كامل الاحترام للاختلاف في الشرائح"، كاشفاً أنّ "مصادر التمويل ذاتية من المؤمنين بنا ومن التبرعات الشعبية".
وشدد الغرابي على أنّ "المشاركة في الانتخابات بظل السلاح المنفلت والمليشيات يشكل محرقة، ونطالب بإشراف أممي على الانتخابات وحصر السلاح بيد الدولة".
واعتبر أنّ "ثورة تشرين أكبر من أنّ تختزل بحزب سياسي واحد، فهي أسست لمفاهيم سياسية واجتماعية جديدة، وأعادت تعريفات لمصطلحات عدة، مع التأكيد على أنّ التعددية واجبة وضرورية".
بدوره، اعترض الناشط والمدون العراقي سيف الدين علي، على تعددية الأحزاب الناتجة عن الثورة وعدم توحيد الصف، قائلاً إنّ "السبب الذي جعل غالبية العراقيين يفرون من الانتخابات المقبلة ويعلنون مقاطعتها هو تعدد الأحزاب، فالشعب العراقي لا يعرف من سينتخب وبمن سيضع ثقته".
وأضاف أنّ "الأحزاب التي ربطت اسمها باسم الثورة، هي تنقسم بين أحزاب وطنية جديدة وأحزاب قديمة غيرت قشورها، فلو بحثنا عن خلفياتها نجدها تتبع الأحزاب القديمة وربما شخصيات سياسية فاسدة، وأقرب مثال هو حزب المرحلة الذي قام مصطفى الكاظمي بتشكيله من خلال شراء ذمم البعض، وهذا لسرقة أصوات الوطنيين المؤمنين بالتغيير ولسرقة الثورة".
ورفض علي اتخاذ من ثورة تشرين اسماً لأي حزب، قائلاً "لا نريد تكرار تجربة الحشد الشعبي والتي استغلتها المليشيات للصعود لمجلس النواب، إذ أنّ الثوار يريدون الحفاظ على إسم ثورة تشرين وعلى سمعتها، وقد نقوم بإعلان عدم ارتباطنا بهذه الأحزاب بشكل علني إذا استمرت في اتخاذ تسميات مشابهة".
في المقابل، رفضت الناشطة الحقوقية رؤى خلف، ، التمسك بالحزب الواحد، معتبرةً أنّ "التعددية الحزبية شكل من أشكال الديمقراطية، وهي حالة صحية ودستورية لا بد منها، لاسيما أننا نشهد على اتجاه شبابي نحو المشاركة في العملية السياسية، وهو أمر جديد نسبياً في العراق".
واعتبرت خلف أنّ "البيئة السياسية في العراق مشوهة بسبب سلطة فرض السلاح، المال السياسي وعدم المحاسبة".