فاروق يوسف
إذا كانت إيران تعتبر الحرس الثوري يدها الضاربة في المنطقة فإن ذلك يعني أن الولايات المتحدة محقة في اعتباره منظمة إرهابية.
الحرس الثوري باعتراف الجهات الرسمية الإيرانية هو الذي يدير شؤون الجماعات الشيعية المسلحة في العراق ولبنان وسوريا واليمن وفي أماكن أخرى. وهي جماعات نفذت ولا تزال تنفذ أجندات غير وطنية وتقف قانونيا بسبب ارتباطها بتلك الأجندات في موضع ممارسة الخيانة العظمى علنا.
ذلك يقود إلى حقيقة أن الفوضى الهائلة التي تعاني منها البلدان المذكورة سلفا وتقف حائلا دون قيام حكومات وطنية فيها انما هي صناعة إيرانية بامتياز. ما نتج عنها ضعف القرار السياسي وتقديم المصالح السياسية الإيرانية على المصلحة الوطنية. الامر الذي كرس قيام دول فاشلة لا يمكن أن تنهض بوظائفها ولا يرتجي منها مواطنوها خيرا.
إن خطط إيران قائمة أصلا على هدم مفهوم الدولة المستقلة وانشاء محميات طائفية تابعة تقوم الجماعات المسلحة بإدارة شؤونها بما ينسجم مع مشروع تصدير الثورة الإيرانية الذي يُقصد منه العمل على نشر النموذج الإيراني القائم على تسليح مجتمعات تلك الدول وتهيئتها لحروب عبثية طوية الأمد ولا تنتهي إلا بظهور الامام الغائب. أي إلى ما لا نهاية.
ولأن الحرس الثوري هو الجهة التي انيطت به عملية الاشراف على تنفيذ ذلك المخطط فقد حظيت تلك المؤسسة العقائدية باهتمام ورعاية المرشد الاعلى واشرافه المباشرة. الامر الذي جعلها قادرة على الاستحواذ على الجزء الأكبر من ايرادات الاقتصاد الإيراني ووضعها في خدمة مشاريع التوسع والهيمنة في المنطقة.
واقعيا فإن إيران تمارس الإرهاب في المنطقة من خلال الجماعات الشيعية المسلحة التي يمولها ويشرف على تدريبها واعدادها ويضع خططها الحرس الثوري.
وهو ما يقود إلى حقيقة أن عزل ومحاصرة الجماعات الإرهابية التابعة لإيران مثل حزب الله وتضييق الخناق عليه في لبنان لن يؤدي إلى الهدف المرجو منه وهو القضاء على الإرهاب ما لم تتم محاصرة الجهات التي تعمل على تمويله وفي مقدمتها الحرس الثوري.
لقد دب الذعر في صفوف الميليشيات الشيعية في العراق إثر صدور القرار الأميركي بحيث أجبرت تلك الميليشيات لجهات الرسمية العراقية على استنكاره وشجبه والتلويح بعدم الخضوع له والامتناع عن تنفيذه.
وهو حدث غير مسبوق يكشف عن أهمية ذلك القرار على مستوى وضع الحقائق على الطاولة ودفع جهات عديدة متورطة بالإرهاب إلى الكشف عن حقيقتها المخزية.
فلو لم تكن الميليشيات العراقية، التي تم خداع الرأي العام العالمي من خلال كذبة وضعها تحت اشراف الدولة، تابعة للحرس الثوري من جهة أهدافها لما أقلقها مصير مؤسسة عسكرية إيرانية وضعتها الولايات المتحدة في لائحة المنظمات الإرهابية.
التهمة التي وجهت إلى الحرس الثوري هي في حقيقتها تشمل جميع الميليشيات التابعة له. حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق وجماعة الحوثي في اليمن وجماعات صغيرة تتحرك في الخفاء هنا وهناك.
ذلك لأن محاصرة الحرس الثوري هي حقيقتها تهدف إلى منعه من ممارسة المهمة التي أنشئ من أجلها وهي الاشراف على المنظمات الشيعية الإرهابية في المنطقة. وهي مهمة نجح الحرس الثوري في تنفيذها. ولو لم ينجح في تلك المهمة لما وصلت الميليشيات التابعة له إلى مرحلة ابتلاع الدولة وجرها إلى الفلك الإيراني.
لذلك يمكن ان يوصف القرار الأميركي بتصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية بأنه أكثر القرارات حكمة على مستوى محاربة الإرهاب المستشري في المنطقة. من خلاله يمكننا أن نتوقع اختفاء الكثير من الجماعات الإرهابية التي ستجف منابع تمويلها.
اليوم صار الحرس الثوري هو الهدف. غداً ستختفي الأهداف الصغيرة.