بازبدە بۆ ناوەڕۆکی سەرەکی

الإيرانيون والأتراك في خندق واحد

الحرس الثوري الإيراني
AvaToday caption
الألم الاقتصادي جراء العقوبات الأميركية أصاب الأتراك والإيرانيين على السواء، وما من شفاء لهما إلا بوصفات الرئيس دونالد ترامب
posted onApril 11, 2019
noبۆچوون

بهاء العوام

تزداد الضغوط الأميركية على طهران وأنقرة في وقت واحد. مع الأولى تأخذ شكل الحرب المعلنة، أما مع الثانية فهي أقل من حرب وأكثر من توتر. ثمة قواسم مشتركة بين الجبهتين تجمع العاصمتين في خندق واحد ضد واشنطن، ولكن أين يبدأ هذا التحالف الهش، وأين ينتهي؟

قبل الخوض في الخيارات القليلة للأتراك والإيرانيين في مواجهة التصعيد الأميركي المتزايد ضدهم، لا بد من الإشارة إلى أن موقف الولايات المتحدة من الطرفين يعكس حسمها لأولويات تحالفاتها في الشرق الأوسط، فجاءت دول الإمارات والسعودية ومصر على رأس القائمة.

حقيقة أن تركيا وإيران هما مصدر أساسي للإرهاب في المنطقة والعالم، باتت محدداً أساسيا في السياسة الأميركية إزاء الشرق الأوسط، من هنا اتسعت قائمة الجماعات الإرهابية لتشمل الحرس الثوري الإيراني، وتتهيأ لضم جماعة الإخوان المسلمين، وفق تقارير إعلامية.

لقد لمست واشنطن دعم الأتراك للإرهاب من خلال دعمهم السري لتنظيم داعش ودعمهم الظاهر لجبهة النصرة في سوريا، وقد ضاقت ذرعا باحتضان أنقرة وحلفائها العرب لما يسمى بجماعات الإسلام السياسي، وأبرزها الإخوان، بزعم أنها مسالمة وأفرادها لا يحملون سيوفا أو بنادق.

لم تعد إيران وتركيا قادرتين على الاستمرار في لعبة محاربة الإرهاب بيد ودعمه باليد الأخرى.

دولة داعش انتهت وانتهت معها أحلام أنقرة وطهران في الهيمنة على الشرق الأوسط، لسان حال واشنطن يقول للعاصمتين لن تأخذا أكثر مما أعطيكما ولا صوت يعلو فوق صوتي.

على من، وعلى ماذا، يعول الأتراك والإيرانيون في مواجهة الولايات المتحدة؟

بالنسبة للصين فهي تفضل الحوار والتسوية والتفاهم مع واشنطن، أما الروس فخلافاتهم مع الإيرانيين باتت ملحوظة، ومن مصلحة موسكو دعم الحرب الأميركية على إيران، على الأقل في سوريا.

استغلال تركيا لعلاقتها مع الروس في ابتزاز الولايات المتحدة أصبحت لعبة مقززة لموسكو وواشنطن على حد السواء، الاختيار بينهما بات لزاما على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وله في خسارة الانتخابات البلدية مؤشراً على فشل سياسته الخارجية ومآلات “دونكشيته”.

بطبيعة الحال، المفاضلة بين الروس والأميركيين هي رفاهية لن يمتلكها أردوغان بعد اليوم، فقد قدم له الروس أقصى ما يستطيعون في سوريا، وما يطمح إليه بعد ذلك لن يأخذه إلا بمكرمة أميركية مع قائمة شروط طويلة، من بينها الكف عن ملاحقة أكراد الشمال السوري.

ولا يبدو الاتحاد الأوروبي قادرا على حلحلة الخلافات بين واشنطن من جهة، وأنقرة وطهران من جهة أخرى. يعاني الأوروبيون ما يكفي من المشكلات الداخلية ومن نقاط الخلاف مع واشنطن، كما أنهم يستمتعون بتأديب ترامب لأردوغان، ويشجعونه على ذلك بشكل غير مباشر.

الألم الاقتصادي جراء العقوبات الأميركية أصاب الأتراك والإيرانيين على السواء، وما من شفاء لهما إلا بوصفات الرئيس دونالد ترامب.

في الأمس كانت أنقرة بوابة سرية لطهران تهرب عبرها من عقوبات واشنطن، واليوم كلاهما يبحث عمن يمد لهما يد العون في المصاب ذاته.

في مقابل كل هذا تكاد تتلاشى خيارات إيران وتركيا في مواجهة الغضب الأميركي. حاولت أنقرة مؤخرا زج طهران في خندق حربها على حزب العمال الكردستاني في العراق فرفضت، أما الاستعانة بها في مقاتلة أكراد سوريا فتبدو مهمة مستحيلة في ظل الوجود الأميركي بمناطقهم.

ويبدو إشعال جبهات حرب صغيرة ومتفرقة في سوريا خياراً جدياً للحليفين المضطهدين، ولكن ذلك لن يكون سهلا ولن يخرجهما من عنق الزجاجة.

المعارك التي لا تحظى بدعم الروس في سوريا يصعب النصر فيها، وعندما تكون واشنطن طرفا في المعركة تقف موسكو على الحياد.

الوقوف في خندق واحد لا يعني بالضرورة أن تتحالف أنقرة مع طهران ضد واشنطن، وإذا كان خيار إيران اليتيم يتمثل في حرب شاملة على حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، فمن المؤكد أن تركيا تفضل المصالحة مع واشنطن حتى ولو على حساب الأحلام الأردوغانية في سوريا.

صحافي سوري