بازبدە بۆ ناوەڕۆکی سەرەکی

اتحاد الإيرانيين في ليلة حاشدة ضد النظام

مئات المحتجين
AvaToday caption
تجاهلت وسائل البث الإيرانية الرسمية التظاهرات يوم الخميس، وصبت تركيزها على هجوم ما زال يلفه الغموض، وقع يوم الأربعاء على مرقد في شيراز
posted onOctober 29, 2022
noبۆچوون

وصل الرجال الملتحون ضخام البنية باكراً، وأخذوا يجوبون شارع شريعتي في شمال طهران، من أوله إلى آخره، ويهددون المشاة ببنادق الغاز المسيل للدموع ومسدسات كرات الطلاء، لكن المتظاهرين بدأوا بدورهم بالتوافد باكراً، فملأوا الأرصفة في الشريان التجاري الحيوي، وتجمعوا لكي ينشدوا الشعارات في الذكرى الأربعين لوفاة مهسا أميني.

خرج السكان الأكبر سناً كذلك من شققهم، وجلسوا على المقاعد الخارجية لكي يراقبوا الوضع ويسجلوا حضورهم، ثم احتشد السائقون في الطريق وأخذوا يطلقون أبواق السيارات دعماً للتظاهرات قبل المواجهة المتوقعة.

وقالت إحدى المتظاهرات، التي تقطن في أحد الأحياء العديدة على طول شارع شريعتي، وشاركت في ما ظهر بأنها أكبر التظاهرات وأكثرها امتداداً في العاصمة "كان الوضع كما لو أن كل شخص يعرف دوره. أشعر بأن الناس أرادوا الخروج إلى الشوارع مهما حصل".

أثبتت تظاهرات ليلة الأربعاء بأنها لحظة تحول بالنسبة إلى المعارضة الإيرانية للجمهورية الإسلامية. على رغم حسابات النظام التي اعتبرت بأن الغضب الشعبي سوف يتبدد، خرج العدد الأكبر من المتظاهرين حتى الآن، كان من بينهم من يتوقع بأنهم عشرات الآلاف في المناطق الغربية للبلاد التي تضم غالبية كردية، وقد شقوا طريقهم باتجاه قبر أميني.

عمت كل أنحاء البلاد مشاهد درامية واستثنائية. في مقاطعة آراك، رسم الناشطون اسم أميني بالنار في الجبال التي تشرف على المدينة. وفي آمل، في الشمال الإيراني قرب بحر قزوين، رفع المحتجون أياديهم وسقطوا أرضاً أمام رجال النظام المسلحين، ودعوهم لإطلاق النار. أما في مدينة شاهين شهر الصغيرة في وسط البلاد، فقد ظهر المحتجون وهم يواجهون القوات الأمنية ويصيحون ببساطة "إيران! إيران!".

في بروجرد قرب مسقط رأس المتظاهرة نيكا شاكارامي التي لقيت مصرعها وهي بعمر الخامسة عشرة، سيطر المحتجون على الشوارع وحملوا لافتة كتب عليها "عزيزتنا نيكا، سوف نثأر لك". وقد أحيت جموع المتظاهرين الذكرى الأربعين لمقتلها، وهي ذكرى تحمل أهمية دينية، عند قبرها.

تواصلت الاحتجاجات والاضطرابات يوم الخميس، وانتشرت فيديوهات لتجمعات كبيرة في مدينة مهابد الكردية بعد مقتل المتظاهر إسماعيل مولودي، 35 سنة، قبل يوم في المدينة. وأنشد المتظاهرون بالكردية "نساء، حياة، حرية!" وفقاً لما ظهر في إحدى لقطات الفيديو.

في هذه الأثناء، تجاهلت وسائل البث الإيرانية الرسمية التظاهرات يوم الخميس، وصبت تركيزها على هجوم ما زال يلفه الغموض، وقع يوم الأربعاء على مرقد في شيراز، ونفذه عملاء خارجيون مزعومون لتنظيم الدولة، وأسفر عن مقتل 15 شخصاً.

أطلقت دعوات كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو المتظاهرين إلى التجمع يوم الأربعاء في شارع شريعتي. سمي الشارع الرئيس الذي يربط شمال المدينة بجنوبها تيمناً بعلي شريعتي، المثقف اليساري الذي لعب دوراً في إذكاء الفكر الذي أدى إلى اندلاع الثورة الإيرانية في 1979. وتقع في الشارع كذلك حسينية إرشاد -التي اعتاد شريعتي أن يخطب فيها ضد الشاه، وهو ما سبب سجنه- كما المجمع الضخم المكسو بالخضرة الذي يضم المقر الدبلوماسي البريطاني، وعدداً من المستشفيات وعدة مراكز تجارية.

إنه شارع تحده الأشجار من الجهتين، ويضم إجمالاً مباني سكنية ومكتبية ترتفع خمسة أو ستة طوابق، من الطراز المعهود في العاصمة، وبعض الأبراج الأكبر، كما تمتد على جانبي الشارع قنوات عريضة لجمع مياه الأمطار وأحياناً، يختلط صوت المياه الجارية بصوت السيارات.

انتشرت القوات الأمنية عند حسينية إرشاد، ومحطة المترو في شارع شريعتي، وغيرهما من المواقع المهمة في الشارع. وما إن بدأت مجموعة صغيرة من المحتجين بالتجمع وإطلاق شعارات معادية للنظام، حتى انقض عليها رجال النظام.

وقالت المتظاهرة "كان عناصر القوات الخاصة يطلقون النار ويلاحقون الناس في الشوارع الفرعية ثم يطلقون عبوات الغاز المسيل للدموع في الشوارع، وحتى داخل الأحياء السكنية الصغيرة. كانوا يحاولون نقل المواجهة إلى الشوارع الفرعية لكن الناس حاولوا مقاومتهم والعودة إلى الشارع الرئيس".

تشاور المتظاهرون، وهم غالباً من الغرباء، مع بعضهم بعضاً، ونظموا اجتماعات مرتجلة لمناقشة العمليات التكتيكية على الأرصفة، ورسموا في الشوارع خريطة الأحياء لكي يقرروا مكان المواجهة التالي.

ولفتت شاهدة العيان إلى أنه "على رغم الخوف والرعب، وعلى رغم التهديدات، والسائقين الذين أخذوا يذرعون الشوارع على متن دراجاتهم النارية، أراد الناس أن يوجدوا في المكان ويبذلوا ما في وسعهم. والأشخاص الذين صعب عليهم تحمل التوتر والفوضى في الشارع الرئيس تجمعوا في الشوارع الفرعية".

وقف السكان الأكبر سناً في مداخل المنازل، لكي يعطوا للمتظاهرين الهاربين من رجال النظام فرصة الهرب.

عند الغسق، ومع بدء حلول الظلام، اشتدت حدة العنف. وسمع دوي انفجارات قوية وإطلاق للنيران واندفعت سحب ضخمة من الغاز المسيل للدموع من شارع شريعتي باتجاه الأحياء المجاورة، ثم وصلت جماعات الرجال حسنة الانضباط على متن الدراجات النارية، أمثال رجال ميليشيات أنصار حزب الله المتشددة، وهم يطرقون مضاربهم بحركة موحدة، فيما يجوبون شارع شريعتي في مجموعات تصل إلى 12 رجلاً. أطلق كثيرون من بينهم كرات طلاء باتجاه المتظاهرين لكي يتسنى تمييزهم واعتقالهم لاحقاً.

 ومع ذلك، ظل أفواج المتظاهرين، المراهقين في غالب الأحيان، يتدفقون إلى الشارع فيما أسدل الليل ستاره، حتى إلى ما بعد منتصف الليل. كانت القوات الأمنية قد ركزت عدداً كبيراً من عناصرها في منطقة شريعتي، لدرجة أن مناطق أخرى من المدينة والأحياء الأخرى خلت تقريباً من قوات الصاعقة التابعة للنظام.

وقالت المتظاهرة "كانوا يحاولون إبقاء الوضع تحت السيطرة في شريعتي، ولكن ذلك أدى إلى عدم وجود القوات الأمنية على الإطلاق في بعض المناطق، مما يعني أن الناس كانوا يرددون الشعارات في بعض المناطق، التي غابت القوات الأمنية عنها".

وأضافت المتظاهرة التي تسكن في طهران منذ وقت بعيد، وكانت ناشطة خلال انتفاضة عام 2009 في أعقاب إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد المثيرة للجدل، يوم الأربعاء إنها رأت أشخاصاً من مجموعات سكانية لم تلحظ وجودها قبلاً في التظاهرات، ومن بينهم شباب وشابات من النوع غير المسيس الذي يرتدي ثياباً عصرية، وهم أشخاص قد يعتقد المرء بأنهم أكثر ميلاً إلى الاهتمام بالموضة من المشاركة في فعاليات كهذه.

وشرحت قصدها بقولها "رأيت أشخاصاً يافعين لا يرتكبون أي عمل فيه مخاطرة يتورطون. كانوا يرتدون جميعاً ملابس رياضية وأحذية ركض. بدا الأمر كما لو أن الجميع مستعد للبقاء في الشارع أطول مدة ممكنة".

في إحدى اللحظات، خلعت حجابها وقطعت الشارع وبدأ كل السائقين يطلقون أبواق سياراتهم دعماً لها. نظرت إلى الشارع ولاحظت أن كل المتاجر على طول الممر التجاري المزدحم أغلقت أبوابها، استجابة للدعوة إلى الإضراب العام ذلك اليوم. استمرت المعارك إلى ما بعد منتصف الليل، مع خروج أفواج المتظاهرين إلى الشارع من جديد بعد استراحة في منزلهم أو منزل أشخاص لا يعرفونهم. وظهر في الفيديوهات حشود من الناس المتجمعين في مختلف أنحاء شارع شريعتي.

وتذكرت مجريات اليوم فقالت "كما لو أنهم كانوا ينتظرون وقوع حدث كبير. كانوا ينتظرون الفرصة لإبداء معارضتهم. كل من في الشارع عرف دوره، كان لكل شخص في التظاهرات دور يؤديه. وأشعر بأن الشعب سيخرج مجدداً".