يتعرض رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لضغوط من الميليشيات الشيعية الموالية لإيران مع كل إجراء أمني يتخذه، حيث انتقدت هجمت ميليشيا عصائب أهل الحق، التي يتزعمها قيس الخزعلي تحريك الكاظمي لقوات مكافحة الإرهاب في الناصرية لملاحقة خاطفي ناشط يدعى سجاد العراقي.
وثمة شدّ وجذب لا يهدأ بين الحكومة العراقية وتلك الفصائل المنتمية للحشد والتي تدين بالولاء للنظام الإيراني والمرشد الأعلى حصراً عبر فيلق القدس.
وذكرت وكالة محلية عراقية "أن الكاظمي كان قد أمر الاثنين بإرسال قوة خاصة من مكافحة الإرهاب بإسناد من طيران الجيش بحثا عن الناشط العراقي الذي تعرض للاختطاف يوم السبت الماضي من قبل مجهولين في مدينة الناصرية".
وتتهم قوى سياسية عراقية ونشطاء من الحراك الشعبي ميليشيات موالية لإيران باختطاف وتعذيب محتجين وإيداعهم في سجون سرية والتورط في إطلاق النار على المتظاهرين.
وقبل خطفهِ أتهم سجاد العراقي ميليشيات زعيم التيار الصدري، بتهديدهِ عبر وسائط التواصل الأجتماعي، وعبر شخصيات أخرى ضغطت على عائلتهِ بالكف عن أنتقاد التيار.
وكان رئيس الوزراء قد وعد بمحاسبة قتلة المتظاهرين وقام بجولات تفقدية مفاجئة لعدد من السجون للتأكد ما إذا كانت تضم معتقلين من الحراك الشعبي، ولكن كل تهديدات الكاظمي، كانت مجرد فقاعة إعلامية، ولم يتم محاسبة قتلة الباحث الأكاديمي هشام الهاشمي، وغيرهم من النشطاء المغتالين بيد ميليشيات معروفة.
وتواصل قوات مكافحة الإرهاب البحث عن الناشط المختطف، لكن عملية تعقب مختطفيه أثارت حفيظة عصائب أهل الحق، ما يثير تساؤلات حول صلتها بعملية الخطف وبأي وجه حق تعارض عملية أمنية مشروعة.
وقال جواد الطليباوي القيادي في عصائب أهل الحق في تغريدة على حسابه بتويتر "لولا تضحيات عشائر ذي قار لما تحقق النصر ولما كانت هناك هيبة للدولة لذلك من المعيب استعراض الكاظمي بجهاز مكافحة الإرهاب على أبناء عشائرنا في ذي قار واستخدامه لترويعهم بذريعة وجود شخص مخطوف".
وتقول مصادر عراقية إنه ما من موجب لرد فعل عصائب أهل الحق طالما أن االعملية الأمنية مبررة وليست استهدافا لعشائر ذي قار، إلا أن هناك نيّة مبيتة من الميليشيا الشيعية لتأليب العشائر على الكاظمي.
قال مصدر أمني إن "عملية البحث عن المختطف سجاد مستمرة حتى اللحظة ضمن مناطق شرقي ذي قار منها سيد دخيل والإصلاح والقرى التابعة لهما"، مضيفا أن "القطعات وصلت لأهداف محددة يجري التأكد منها".
وتأتي العملية الأمنية لتحرير الناشط سجاد العراقي على اثر مظاهرات واحتجاجات في الناصرية طالبت الحكومة بتحمل مسؤوليتها في مواجهة انفلات السلاح وبلطجة ميليشيات مسلحة يحملها المحتجون المسؤولية عن اختطاف عدد من نشطاء الحراك الشعبي.
ومنذ بدء الاحتجاجات في أكتوبر/تشرين الأول 2019 التي دفعت حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي للاستقالة، تعرض العديد من النشطاء إلى الاختطاف أو الاغتيال على أيدي مسلحين مجهولين.
وكان الكاظمي قد تعهد منذ توليه مهامه رئيسا للوزراء بتقديم الجناة للعدالة، إلا أنه لم يتم اعتقال أي شخص حتى الآن ولا محاسبة المتورطين في عمليات قتل المتظاهرين أو اختطاف واغتيال نشطاء.
والمشهد العام في العراق شديد التعقيد بحيث يصعب ملاحقة ومحاسبة المتورطين في جرائم الخطف والاغتيال والفساد لأن الأمر لا يتعلق بعمل إجرامي فردي بقدر ما هو منظومة متكاملة ومتداخلة مذهبيا وطائفيا وعشائريا.
ويعتقد نشطاء الحراك الشعبي العراقي أن الميليشيات الموالية لإيران هي من يقف وراء مختلف تلك الجرائم خاصة مع ضغط المحتجين لكبح النفوذ الإيراني في العراق.
وليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها الكاظمي لانتقادات من قبل إحدى فصائل الحشد الشعبي والتي يفترض أنه (الحشد) أصبح جزء من القوات المسلحة بعد دمجها ويخضع مباشرة لرئيس الوزراء كونه القائد الأعلى للقوات المسلحة العراقية.
وسبق للكاظمي أن دخل في مواجهة مع كتائب حزب الله (العراقي) بعد أن اعتقل عددا من عناصرها. وردت تلك الكتائب باستعراض للقوة أمام مقرّ الحكومة في المنطقة الخضراء ملوحة بالسلاح، في تحد لقرار رئيس الوزراء الذي اضطر لتحويل ملف المعتقلين من الميليشيا الشيعية لهيئة الحشد وهي التي تولت الإفراج عنهم.
وقام المفرج عنهم لاحقا باستعراض للقوة في الشوارع داسوا خلاله صورا للكاظمي مرددين شعارات جارحة ونابية من دون أن تحرك الحكومة ساكنا.