تواصل القوى السياسية في العراق منذ استقالة نواب "الكتلة الصدرية" مفاوضتها السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة، في حين اكتفى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي فشل في كسب الأطراف الشيعية الأخرى لحكومة أغلبية سياسية وطنية كان ينادي بها قبل قرار انسحابه، بمتابعة الأحداث السياسية وما تؤول إليه، إلا أن الأوساط السياسية والشعبية في العراق تدرك ثقل زعيم التيار الصدري في الشارع العراقي، وأنه لن يلعب دور المتفرج أمام مساعي منافسيه لتشكيل الحكومة التوافقية التي تخالف رغباته السياسية.
القيادي في الإطار التنسيقي رئيس هيئة "الحشد الشعبي" فالح الفياض، كشف عن أسباب انسحاب الصدر من البرلمان، وقال، في تصريح متلفز، إن "الصدر لم يتمكن من تطبيق نموذج معين من الحكومة وسبب انسحابه يسأل عنه الصدر شخصياً"، وذكر أن "الصدر أراد تشكيل حكومة أغلبية بالشراكة مع الإطار في حال استبعاد اسم معين منها، وهو ما رفضه الإطار"، مبيناً أنه "لم يسمع من الصدر أي موقف معارض من تشكيل الإطار التنسيقي الحكومة المقبلة".
ورأى القيادي السياسي والأمني أن "انسحاب نواب التيار الصدري أحدث نقلة جديدة في العمل السياسي وحمل الإطار مسؤولية كبيرة"، مؤكداً أن "علينا كإطار، إثبات قدرتنا للصدر على نجاح العملية السياسية والإصلاح، ولدينا فرصة كبيرة في تحقيق العمل المشترك".
بدوره، توقع زعيم "ائتلاف الوطنية" إياد علاوي، لجوء التيار الصدري إلى تحريك الشارع والخروج في تظاهرات من أجل انتزاع حقوقه، مبيناً أن زعيم "التيار الصدري" شعر بالحرج من عدم تشكيل الحكومة واضطر إلى الاستقالة، وقال علاوي، في تصريحات صحافية، إن "خيارات الكتلة الصدرية المقبلة قد تكون اللجوء إلى الشارع، والصدر شعر بالحرج من عدم تشكيل الحكومة على الرغم من امتلاكه 73 مقعداً".
وكشف أنه "لا توجد معارضة داخل البرلمان، وإن وجدت، فيتم اتهامها بالإرهاب"، مبيناً أنه لم يتواصل مع الصدر في أعقاب استقالة نوابه، إلا أنه اتصل بحاكم الزاملي (النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي)، و"وجدته مبعثر التفكير ويشعر بالانزعاج"، وتابع علاوي أن "العراق يقع حالياً في ورطة كبيرة، ولا نمتلك آلية لمعالجة الأمور، وآن الأوان للبدء بحوار جاد وإنهاء الخلافات السياسية، وتلقيت تأييداً واسعاً للمبادرة التي أطلقتها أخيراً".
إلى ذلك، رأى رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري أن الجماهير "الصدرية" لن ترضى بعزل مقتدى الصدر من قبل خصومه السياسيين، ولذلك "ستراهن على إعادة الانتخابات أو إجراء انتخابات مبكرة خلال فترة قريبة"، وذكر الشمري، في تصريح صحافي، أن "جماهير التيار قد تنزل إلى الشارع مرة أخرى تنديداً بالطبقة السياسية الحاكمة التي تعمل وفق مبدأ المحاصصة"، مستدركاً، "لكن هذه الخطوة ستكون بعد تشكيل الحكومة الجديدة من قبل الإطار التنسيقي والأطراف السياسية الأخرى"، وأضاف أن "العملية السياسية في العراق وصلت إلى الانسداد النهائي، وهي غير قادرة على المضي قدماً، لذلك لا بد من إعادة هيكلة العملية السياسية الحالية والذهاب إلى فصل جديد".
في الأثناء، قرار انسحاب النواب "الصدريين" من مجلس النواب أتاح الفرصة الآن للإطار التنسيقي للسيطرة على زمام الأمور على جميع الأصعدة، وفقاً للباحث السياسي غالب الدعمي الذي أكد، في تصريح صحافي، تشكيل الحكومة الجديدة من قبل الإطار التنسيقي، إلا أنها "ستفشل، وهذا هو الفخ الذي وضعه التيار الصدري لإسقاط خصومه"، وأقر الدعمي بأن "خطوة النزول إلى الشارع والتظاهر ضد الطبقة السياسية خيار مستبعد في الوقت الحالي، لكن التيار الصدري لن يغادر العملية السياسية الآن، وأن خطوة النزول إلى الشارع مناطة بنجاح تشكيل الحكومة الجديدة والخدمات التي ستقدمها".