أجرى وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي اليوم الأربعاء مباحثات في طهران مع عدد من كبار المسؤولين بمن فيهم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، بينما تأتي زيارة الوزير العماني فيما تستعد بغداد لترتيب جولة خامسة من المحادثات الاستكشافية بين إيران والسعودية.
ولم تقدم الوكالة الإيرانية المزيد من التفاصيل، لكن توقيت الزيارة يشير إلى جهود عمانية لتنقية الأجواء المتوترة في المنطقة، بينما تقترب طهران وواشنطن برعاية ودعم قوى غربية، من التوصل لصيغة مشتركة توافقية إلى حدّ ما لإحياء الاتفاق النووي للعام 2015.
كما تأتي الزيارة بينما تبدي كل من إيران والسعودية مرونة باتجاه إنهاء سنوات من القطيعة الدبلوماسية على الرغم من وجود خلافات عميقة بين القوتين الإقليميتين حول عدة قضايا أبرزها الحرب في اليمن.
وخلال زيارته الأربعاء، أعلن البوسعيدي أنّه ينقل "رسالة خطية" من السلطان هيثم بن طارق إلى "أخيه" رئيسي، تتعلق "بالعلاقات الثنائية الطيبة والقائمة بين البلدين"، من دون أن يقدم تفاصيل إضافية بشأنها.
وقال للصحافيين بعد لقائه بنظيره الإيراني أمير عبداللهيان، إن الجانبين بحثا "في عدد من القضايا التي تحظى بالاهتمام والمتابعة من قبل بلدينا"، آملا في "تشجيع بناء الثقة بين مختلف أطراف هذه القضايا لتنعم منطقتنا في نهاية المطاف باستدامة الأمن والاستقرار".
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية (إرنا) بأن رئيسي استقبل البوسعيدي بعد الظهر وتسلّم منه دعوة لزيارة مسقط.
ونقل بيان للرئاسة الإيرانية عن رئيسي قوله إنه يمكن لتواصل البلدين "أن يكون فاعلا في تعزيز العلاقات بينهما وحل المشكلات الإقليمية والدولية" من دون أن يشير إلى المحادثات مع السعودية.
ودعا الرئيس الإيراني سلطان عمان لزيارة طهران ، مؤكدا أن "إرادتنا وسياستنا في الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي تطوير التعاون مع الدول الصديقة وخاصة عمان".
وقال الوزير العماني من جهته "هناك علاقات ممتازة بين إيران وسلطنة عمان والتي استندت تاريخيا إلى الثقة والاحترام والتعاون المتبادل بما يخدم أمن المنطقة والعالم ".
وتابع "بالتأكيد زيارتكم إلى عمان ستكون زيارة تاريخية وستحقق أهداف البلدين"، مضيفا "ندعم دوما الطابع البراغماتي لكم في كل ما تفعله وسنسعى بالتأكيد لترجمة نهجك في توسيع العلاقات".
وسبق لسلطنة عمان أن أدت دورا وسيطا بين طهران وواشنطن في الفترة التي سبقت إبرام الاتفاق النووي لعام 2015 وقد تلعب دورا مجددا في تقريب وجهات النظر بين الرياض وطهران رغم أن السلطنة لم تعلن صراحة لعب دور الوسيط بين الطرفين.
وتحدث وزير الخارجية الإيراني في مؤتمر صحفي مع نظيره العماني عن المحادثات مع السعودية، مشيرا إلى أنه جرت حتى الآن أربع جولات بين طهران والرياض برعاية ودعم المسؤولين العراقيين المعنيين، مضيفا "نحن نعتقد بأن المزيد من الأمن والاستقرار في المنطقة إنما يتحقق في ظل التعاون الشامل".
ونقلت وكالة 'ارنا' الرسمية عن عبداللهيان قوله "خلال اللقاء مع وزير الخارجية العراقي في ميونيخ تلقينا رسالة حول إعلان الجانب السعودي استعداده لمواصلة المحادثات ونحن أعلنا استعدادنا للمحادثات والوصول إلى نتائج تدعم العلاقات بين البلدين. نحن على استعداد لمواصلة سياسة التشاور والمحادثات والتعاون المشترك مع جميع الأطراف بجدية حول القضايا الإقليمية".
وشدد الوزير الإيراني على أن بلاده ترى أنه لا سبيل لحل الأزمات في المنطقة سوى بالحوارو أن "المنافسات المبنية على عدم الثقة لا نتيجة لها سوى تخريب المنطقة واهدار الثروات الكبيرة فيها".
وأعلن استعداد بلاده لأي مبادرة إقليمية تساعد في تنمية الأمن المستديم والمزيد من النمو الاقتصادي والإنساني في المنطقة، من دون أن يفصح صراحة عن وجود مبادرة عمانية أو دور عماني في حلحلة الأزمة بين إيران والمملكة.
وسبق للسعودية أن عبرت عن استعدادها لحل الخلافات القائمة، إلا أن الرياض ترى أن الممارسات الإيرانية تبعث على عدم الارتياح وهو موقف تتقاسمه معظم دول الخليج حيال أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة ومنها ما يتعلق بدعم وتمويل وكلائها في العراق واليمن ولبنان إلى جانب انشطتها الصاروخية والنووية.
وفي هذا السياق قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان اليوم الأربعاء "ليس لدينا ثقة في أن خطة العمل المشتركة الشاملة" بوضعها الحالي يمكنها أن تحول دون تصنيع إيران قنبلة نووية. نتفهم رغبة شركائنا في العودة إلى هذه المفاوضات، لكننا نرى أن هذه المفاوضات ينبغي أن تكون مجرد البداية وليس نهاية المطاف".
وتابع معلقا على مفاوضات فيينا بوصفها بأنها "مجرد خطوة نحو الاتجاه الصحيح، ثم البناء عليها لتحديد مسار البرنامج النووي بدقة، مع مناقشة القضايا الإقليمية". وقال "هذا لن ينجح إلا إذا قام المجتمع الدولي وهنا بالتحديد الدول الممثلة في خطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي للعام 2015) بإشراكنا في هذه المفاوضات مع إيران".
وحذر من أنه "إذا امتلكت إيران إمكانيات تصنيع قنبلة نووية، فإن ذلك سيكون بالطبع إشارة خطيرة للغاية وقد يدفع بالتأكيد دولا أخرى لسلك نفس الطريق"، مضيفا "نتبنى مبدأ قويا مناهضا للأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل بوجه عام ونحن نتمسك بهذا المبدأ، لكن إذا امتلكت إيران تلك الإمكانيات النووية، فإن ذلك سيزعزع استقرار المنطقة ولا يمكن توقع ما سيحدث من تصعيد أو رد فعل".