صار الكوردي العراقي كمال رمضان (48 عاما) وأفراد أٌسرته الوحيدين الذين ما زالوا يقيمون في قرية بودي على الحدود أقليم كوردستان العراقية التركية، والتي تتعرض لضربات جوية وعمليات قصف أثناء الهجوم التركي الذي يستهدف مقاتلي حزب العمال الكوردستاني في المنطقة.
فقد فرت 250 أُسرة على الأقل من القرية وتركت وراءها بيوتا ومدارس خاوية لحقت بها أضرار.
وعلى الرغم من استمرار القصف التركي، لا يزال رمضان وأُسرته في منزلهم قائلين إنهم غير قادرين على الرحيل حتى لو رغبوا في ذلك.
وقال رمضان "لا نملك بيتا في المدينة وإيجارات البيوت مرتفعة جدا وليس بمقدورنا استئجار منزل".
ويوضح سربست صبري، وهو رئيس البلدية، أن قرى منطقة كاني ماسي في دهوك، حيث تقع قرية بودي، لم تشهد استقرارا منذ السبعينيات، مضيفا أنها مهجورة بشكل متزايد خوفا من القصف التركي.
وشهدت المنطقة هجمات عديدة على مر السنين. وفي الآونة الأخيرة شنت تركيا ضربات جوية متجددة على مواقع مختلفة في منطقة كوردستان ومناطق متنازع عليها تقول أنقرة إنها خاضعة لحزب العمال الكوردستاني.
وفي عملية (مخلب النمر) وهي أحدث هجوم من جانب أنقرة تقدمت القوات التركية بشكل أعمق في العراق.
وقالت دينا برواري، زوجة رمضان "عندما يحدث قصف وإطلاق نار ندخل منازلنا. يخاف الجهال (الأطفال) لكننا مجبورون على البقاء هنا".
وأضافت أن جيرانها "يخافون العودة لكنهم يحبون المجيء لري بساتينهم. كل شيء جيد هنا. إنهم يرغبون في القدوم لري أشجار التفاح. لكنهم لا يريدون المجيء بسبب القصف".
وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان في ساعة مبكرة من صباح الخميس (13 أغسطس) إن وجود حزب العمال الكوردستاني يهدد العراق أيضا، وإن بغداد مسؤولة عن اتخاذ إجراءات ضد المسلحين لكن أنقرة ستدافع عن حدودها إذا سُمح بوجود تلك الجماعة الكوردية.
أعلن مسؤول عراقي مقتل ثلاثة مقاتلين من حزب العمال الكوردستاني التركي المعارض، في ضربة جوية جديدة نفذتها القوات التركية ليل الخميس الجمعة في شمال العراق، فيما تواصل الحكومة العراقية حملة دبلوماسية ضد العمليات التركية في أراضيها.
وفي المقابل ضمن عملية مخلب النمر، قتلت مقاتلي حزب العمال مئات الجنود، وتدمير عشرات الآليات العسكرية، كما أعلنت عبر فيديو منشور في منصات مقربة من الحزب إسقاط مروحية تركية ومقتل كافة طاقمها قرب الحدود العراقية.
وأدى قصف طائرة مسيرة تركية الثلاثاء، الى مقتل ضابطين كبيرين وجندي من القوات العراقية الأمر الذي يهدد بإثارة أزمة بين البلدين.
واستدعت بغداد الأربعاء، السفير التركي للمرة الثالثة في غضون شهرين، احتجاجا على انتهاك سيادة البلاد.
وأجرى وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين الجمعة اتصالات بنظيريه البحريني والإماراتي بعد اتصالات مماثلة بنظرائه المصري والأردني والسعودي والكويتي إضافة إلى الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط.
وقد دعا إلى "تضافر الجهود العربيّة إزاء هذه التطوّرات الخطيرة.. والخروج بموقف موحّد يلزم الأتراك بعدم تكرار هذه الانتهاكات، وسحب قواتهم المتوغّلة في الأراضي العراقيّة".
ويبدو تحقيق ذلك صعبا، وفق خبراء، لأن لتركيا نحو عشرة مواقع عسكرية في إقليم كوردستان العراق منذ 25 عاما. ولا ترغب أنقرة في خسارة تلك المواقع، بل إنها أنشأت أخرى جديدة، وفق مصادر كوردية.
وقتل منذ انطلاق عملية "مخلب النمر" منتصف يونيو، خمسة مدنيين على الأقل، فيما أعلنت أنقرة مقتل سبعة من جنودها على الأقل بشكل رسمي، بحسب متابعين للشأن التركي، أنقر متخوفة من إعلان الخسائر الكبيرة في أرواح جنودها، لأنها قد تواجه غضب شعبي في مدنها.
ورفع حزب العمال الكوردستاني، الذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، السلاح ضد الدولة التركية عام 1984. ولقي أكثر من 40 ألف شخص حتفهم في الصراع الذي يدور أغلبه في جنوب شرق تركيا.