Skip to main content

قتل البهائيين وقمعهم لم يتوقف في إيران

نص ديني من كتاب البهائية
AvaToday caption
المواطنون البهائيون في إيران محرومون بشكل منهجي من حرية ممارسة طقوسهم الدينية، رغم أن طهران نفت في أكثر من مناسبة الاتهامات التي وجهت إليها بقمع الحريات الدينية
posted onMarch 20, 2020
nocomment

تعد الديانة البهائية، والتي نشأت أول مرة في إيران خلال منتصف القرن التاسع عشر، من الديانات العالمية اليوم، فأتباعها بلغ الملايين، في شتى أنحاء العالم، لكنها مضطهدة إلى حد وجود قانون قتل ضدهم في إيران، بعد الثورة الإيرانية، والواضح أن اضطهاد البهائيين ليس لسبب ديني، إنما لأنهم يشكلون رؤية واضحة ضد ولاية الفقيه، وأنهم نشأوا أول مرة، في مرحلتهم البابية، على أساس فكرة المهدي المنتظر، لكن البهائية الآن ديانة مستقلة، ولو فُسح المجال للإيرانيين لتكاثر عدد هذه الديانة، فقد جاءت بتعاليم نقيضة لما تفرضه السلطة ولاية الفقيه في إيران.

الجديد في ما يواجهه أتباع هذه الديانة، أنه في 14 مارس الجاري، تم استدعاء 30 مواطنا إيرانيا من الأقلية البهائية للمثول أمام محكمة شيراز الثورية، استكمالا للقضية التي تم فتحها سنة 2016 من قبل وزارة المخابرات الإيرانية.

ووجهت للجميع تهم تتعلق بـ "الانتماء إلى جماعة معارضة" و"الدعاية ضد الدولة". وأغلب المعتقلين متواجدون في مركز احتجاز وزارة المخابرات في شيراز المعروف باسم مركز الاعتقال رقم مئة، وفق ما تداولته وسائل إعلام إيرانية معارضة.

كانت السطات قد إطلقت سراح القليل منهم في العام نفسه (2016) بعد دفعهم كفالة مالية نظير حريتهم. ثم أعادت السلطات احتجاز نحو 92 من البهائيين، في يوليو 2016 قبل أن تطلق سراحهم كذلك، بكفالة مالية عالية، بحسب مصادر متطابقة.

والمواطنون البهائيون في إيران محرومون بشكل منهجي من حرية ممارسة طقوسهم الدينية، رغم أن طهران نفت في أكثر من مناسبة الاتهامات التي وجهت إليها بقمع الحريات الدينية.

الاتزاماً برسالة آية الله الخميني "تحرير الوسيلة"، لا يعترف الدستور الإيراني إلا بالإسلام والمسيحية واليهودية والزرادشتية فقط، وهو ما يعرض آلاف البهائيين لمصير مجهول، بحسب منظمات حقوقية.فحسب رسالة الخميني أن غير هذه الديانات يوجب قتلهم، وهذا ما يعرض البهائيين والصابئة المندائيين أيضاً للقتل، أو إشهار الإسلام.

يُذكر أنه في شهر مارس من عام 2006 أعلنت المقررة الخاصّة للأمم المتحدة لحريّة الدّين أو العقيدة آنذاك أسمى جهانجير، عن قلقها العميق بعد أن اطلعت على وثيقة سرية كتبها القائد الأعلى للقوات المسلحة في إيران لكل من وزارة الإعلام والحرس الجمهوري، والشرطة، والجيش، جاء فيها " طبقا لتعليمات المرجع الأعلى آية الله خامينئي، على الجميع المساهمة في تحديد ومعرفة جميع البهائيين في إيران".

ومنذ ذلك الوقت، تقول منظمة تعنى بوضع الأقليات الدينية في العالم "ازدادت الانتهاكات ضدّ أعضاء هذه الجماعة الدينية بشكل هائل".

وفي الوقت الحاضر، انتُهكِت حقوق عشرات الآلاف من البهائيين بسبب عقيدتهم الدينيّة لا غير. فأكثر من 100 بهائي يقبعون داخل السجون، ولا يزال عدة مئات آخرين في انتظار نتيجة الإجراءات القانونية ضدّهم.

اعتصام نظمه بهائيون في ريو دي جينيرو في البرازيل عام 2011 لمطالبة السلطات الإيرانية بإطلاق سراح معتقلين من الطائفة البهائية

كما يقضي سبعة إداريين سابقين للجامعة البهائية في إيران فترة حكمهم البالغة عشرين سنة، وهي أطول مدة حكم ضد "سجناء الضمير" حتى الآن.

منظمة المجتمع البهائي الدولي دقت ناقوس الخطر قبل سنوات عندما بلغها أن السلطات في إيران تحاول إجراء إحصاء سري لأطفال المدارس البهائيين.

وجاء في تقرير لتلك المنظمة غير الحكومية "تحاول الحكومة تحديد الأطفال البهائيين في مدارس رياض الأطفال، فهل لنا أن نسأل لماذا؟ إنّ الحكومة على يقين بأنّ البهائيين لا يشكّلون تهديدًاً وأنّ الأطفال ليسوا مصدر تهديد".

تاريخيا، تميزت علاقة البهائيين في إيران بالسلطة بالتذبذب، لكن لم يشهد البهائيون محاكمات جماعية وفردية خلال عهد الشاه محمد رضا بهلوي (16 سبتمبر 1941 - 11 فبراير 1979).

لم يعترف الشاه بهم رسميًا كمجتمع ديني، بل تم تجاهل وجودهم، وهو ما صعب تصنيفهم كأقلية دينية وقتها.

لكن بعد الثورة الإسلامية سنة 1979، تحول الاستخفاف بوجودهم إلى متابعة تقوم بها دوريات الحرس الثوري التي أخذت على عاتقها التضييق عليهم ومتابعتهم بتهم "واهية" قصد حملهم على تغيير معتقداتهم أو المغادرة، شأنهم في ذلك شأن جميع من لم يكن يتفق مع سياسيات قائد الثورة آية الله الخميني.

وبحسب نبيل إلياس، الباحث في جامعة نورث كارولاينا في الولايات المتحدة الأميركية فإن إيران تتوجس من الأقلية البهائية لأنها تعتبرها ذات نفوذ عالمي.

وتابع إلياس الذي أكد أنه ينتمي للديانة البهائية، أن الدليل على تخوف طهران من البهائيين هو متابعتهم حتى خارج حدود إيران.

يقول إلياس إن القتل العمدي الذي يتعرض إليه البهائيون في اليمن مثلا هو بإيعاز من طهران.

وكتب في تدوينة له على فيسبوك "أعرف واحدا من مجموعة الـ 24 شخصًا الذين قدمتهم السلطات الحوثية للمحاكمة يوم الثلاثاء 25 فبراير الماضي بتهمة الردة والتجسس".

ثم تابع "أؤكد أن هذه الاتهامات لا أساس لها، وهي تحجب حقيقة أن السبب الحقيقي لمقاضاتهم هو أنهم بهائيون وفقط هذه التهم تحتمل عقوبة الإعدام في اليمن".

مما لا شك فيه، أن الفقه الشيعي، على العموم، بعد ظهور البهائية، من الجماعة الشيعية الإمامية، اتخذ من أتباعها موقفاً شديداً، إلى حد التكفير والقتل، وكان أشد من أعلن الخصومة ضدهم الشيخ محمد مهدي الخالصي، الذي كان منفياً مع والده في إيران، خلال العشرينيات من القرن العشرين، لكن هذا الموقف كان عاماً، اختلط فيه السياسي والمذهبي.