عبدالله العلمي
مع اقتراب تطبيق الحزمة الجديدة من العقوبات الأميركية على طهران الأسبوع القادم، ينتظر الشعب الإيراني أياما عجافا، وتتوقع الحكومة الإيرانية المزيد من الغضب الاجتماعي والسياسي في الشارع الإيراني. الهدف من العقوبات أن تخفض دول العالم وارداتها من النفط الإيراني إلى الصفر في أقرب وقت ممكن.
لعلي أذكر القارئ الكريم أن خمسين بالمئة من ميزانية إيران تأتي من مبيعات النفط الخارجية. ربما هذا ما دفع إيران الأحد الماضي لبيع النفط الخام لشركات خاصة لتصديره لمواجهة العقوبات الأميركية.
العالم الحر مصمم على إيقاف إرهاب طهران العابر للقارات وردع نشاط الصواريخ الباليستية الإيرانية وأن توقف تطوير أنظمة الصواريخ النووية ضمن شروط أخرى. مسيرة العقوبات تكمل طريقها؛ في 23 أكتوبر الحالي صنفت السعودية والبحرين شخصيات إيرانية على لائحة الإرهاب ضمن الإجراءات التي أقرها مركز استهداف تمويل الإرهاب. الشخصيات المعنية هي الحرس الثوري، وقائد فيلق القدس قاسم سليماني، وحامد عبداللاهي، وعبدالرضا شهلاي.
ليست إيران فقط هي المعنية بهذه العقوبات. واشنطن صنّفت الأسبوع الماضي 5 جماعات، بينها ميليشيا حزب الله اللبناني الإرهابي، على أنها جماعات مُجرمة عابرة للحدود، وأن تلك الجماعات ستواجه تحقيقات وإجراءات قضائية صارمة. أدت هذه الاتهامات الموثقة إلى تنفيذ اعتقالات طالت شخصيات تعمل في أنشطة مشبوهة هدفها تأمين مصادر مالية لحزب الله في أوروبا وأميركا اللاتينية ومناطق أخرى في العالم.
العالم الحر قال كفى. من الواضح أن الاتفاق الذي وقّعته طهران مع ست قوى عظمى عام 2015 لم يساعد على الحد من أنشطة طهران الإرهابية. إيران استخدمت إيراداتها النفطية في دعم وتمويل الإرهاب حول العالم، وزعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، واستخدام الطائفية في بثّ الخراب والدمار. باختصار، ارتباط البصمات الإيرانية بالكوارث في العالم أضحى حقيقة ثابتة للمجتمع الدولي.
تشمل العقوبات الأميركية المرتقبة على إيران في الرابع من نوفمبر المقبل حظر الاستثمار في قطاع الطاقة الإيراني. هذا يعني منع شراء أو نقل أو امتلاك أو تسويق الغاز والنفط الإيراني وجميع منتجات إيران البتروكيماوية. كذلك تشمل العقوبات التعاملات مع قطاع السفن والموانئ وشركات الشحن البحري وأيّ تعامل مع بنك إيران المركزي وباقي مؤسسات البلاد المالية.
الريال الإيراني سيستمر بالانحدار إلى مستوى كارثي. الخيارات المتبقية لطهران هي إما التوسع في تجارة الأسلحة والمخدرات عبر وسائل التمويل الحرام، وإما التعامل مع بعض الدول بإنشاء آلية خاصة (ملتوية) طمعا في صفقات تجارية في المستقبل. هذا المخرج لن يفيد كثيراً، فأكثر من 100 شركة أجنبية كبرى أعلنت عزمها الانسحاب من إيران. كوريا الجنوبية توقفت عن استيراد النفط الإيراني منذ سبتمبر، والعراق سيوقف نقل الخام من حقل كركوك النفطي إلى إيران.
حتى شركة البترول الوطنية الصينية لم تحجز أي شحنات من النفط الإيراني لشهر نوفمبر في خطوة ستشكل ضربة قوية لقطاع النفط الإيراني، إذ كانت الصين تشتري قرابة 600 ألف برميل في اليوم من الإنتاج الإيراني. سيجد الملالي أنفسهم في مأزق حقيقي، فهم مضطرون للانصياع للعالم وتصحيح الثغرات التي شابت وثيقة 2015.
بعد أربعة أيام، وتحديداً بداية من 5 نوفمبر، سيبدأ الاقتصاد الإيراني مرحلة الوفاة السريرية. المتوقع من العقوبات القادمة توجيه ضربة قاضية للنظام المصرفي الإيراني، مما يعزل إيران بشكل كامل عن النظام المالي العالمي.
ماذا سيأتي أولاً؟ أن تنصاع طهران للمطالب الدولية لتتمكن من إطعام المواطن الإيراني، أو أن تواجه ثورة شعبية ليس لها أول أو آخر؟