اعترف برلماني إيراني بأن التغييرات الجديدة لقانون العفة والحجاب ستمنح السلطات الأمنية ودوريات شرطة الأخلاق دوراً أكثر حيوية من ذي قبل، مما دفع صحيفة "فرهيختغان" إلى كتابة مقال حمل عنوان "اللجنة أعادت شرطة الأخلاق وخفضت الغرامات المالية".
وقالت الصحيفة إنه "وردت أنباء من البرلمان تفيد بأن رئيس اللجنة المشتركة لمشروع إسكان الشباب ودعم الأسر بالمجلس، أمير حسين بانكي بور، ومن خلال التغييرات التي طرأت على قانون العفة والحجاب وتخفيض الغرامات المالية، فتح المجال أمام الشرطة من جديد ليكون لها دور في هذه القضية، وهذا يعني عودة الأمور إلى سابق عهدها".
ولم يتخل البرلمان الإيراني عن مسؤولياته في المراجعة والموافقة على مشروع قانون العفة والحجاب من خلال تحويله إلى لجنة المادة 85 لمراجعته والموافقة عليه فحسب، بل تكتم أيضاً على تفاصيله عن وسائل الإعلام والمواطنين الإيرانيين، وفق ما ذكرته الصحيفة.
وقبل أن يرسل مشروع القانون إلى لجنة المادة 85 للتصويت عليه، تكتم النواب على تفاصيله كلياً عن عامة المواطنين، وقد حدث هذا بعد صدور قانون العفة والحجاب من قبل اللجنة القانونية والقضائية في البرلمان، حيث شابه عديد من العيوب القانونية والاجتماعية.
اللافت في الموضوع أن قانون العفة والحجاب كان يحتوي على تسعة بنود فقط عندما أرسل من السلطة القضائية إلى الحكومة، لكن الأخيرة أضافت ستة بنود أخرى عليه ليصبح مكوناً من 15 مادة، وأرسل إلى البرلمان للمصادقة عليه.
وفي البرلمان الإيراني أضافت اللجنة القانونية والقضائية التابعة للمجلس 55 مادة وتغيير الاسم من "قانون العفة والحجاب" إلى "قانون حماية الأسرة من خلال تعزيز ثقافة العفة والحجاب".
وتشير تقارير - بحسب الصحيفة - إلى أن مشروع قانون العفة والحجاب سيقدم قريباً جداً إلى لجنة المادة 85 لإضافة بنود أخرى والمصادقة عليه، وكل ذلك في الوقت الذي كان من المفترض أن يتم دراسته من قبل المتخصصين القانونيين لتصويبه قبل المصادقة عليه، لكن يبدو أنه أصبح قانوناً بالفعل.
وتحدثت كذلك عن أن البرلمان بحث طلب عدد من أعضائه من أجل طرح قانون العفة والحجاب على جدول الأعمال، وهو ما حدث بالفعل الأسبوع الماضي لكن تم تأجيل النظر فيه.
وفي مقال للمتخصص القانوني الإيراني محسن برهاني بجريدة "الشرق" تزامنت انتقاداته للقضاء مع الاحتجاجات الشعبية وإعدام المحتجين، حظي باهتمام المواطنين ووسائل الإعلام المحلية، إذ قال إن اللجنة القانونية في البرلمان اضطرت بعد الضغوط والتهديدات إلى إجراء هذه التغييرات في نص القانون.
ووفق برهاني فإن طرح مشروع القانون في اللجنة القضائية رافقته ضغوط خارجية وإرسال رسائل نصية مختلفة وتفعيل شرائح محدودة من المجتمع وعدد من أئمة الجمعة والأشخاص المرتبطين بالنظام السياسي، معتبراً أن مضمون هذه الرسائل أن تتراجع اللجنة القضائية من المواد التسع التي طرحت وأن تضيف اللجنة مواد أكثر تشدداً في نص القانون.
ونبه إلى دور مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية في هذه العملية، قائلاً "بالطبع في هذه اللعبة الإعلامية قد لعبت الإذاعة والتلفزيون دوراً مهماً، وعبرت عن مطالب جزء محدود من المجتمع الإيراني باعتباره مطلب الغالبية".
وكشف برهاني عن أنه في الوقت الذي أعد مشروع القانون المكون من تسع مواد، كان رئيس اللجنة القضائية في البرلمان الإيراني، غضنفر آبادي، قد أعلن وبضوء أخضر من رئيس المجلس محمد باقر قاليباف، أن مركز الأبحاث التابع للبرلمان أعد نصاً برئاسة جليل محبي، وأن اللجنة قد تراجع النص المكون من 70 مادة.
وفي نهاية المطاف وفي اجتماع خارج اللجنة القضائية تمت الموافقة على هذا المشروع، ثم في اجتماعها اللاحق اقتنع الأعضاء بالتصويت وتم الانتهاء من هذا القانون في أقل من يومين.
وكتب المتخصص القانوني الإيراني محسن برهاني عن التغييرات التي طرأت على النص، قائلاً "في هذا النص، تم تشديد العقوبة على جميع الأشخاص الذين لم يلتزموا الحجاب وبعبارات غامضة، وبطريقة رهيبة. واستند نص القانون إلى نظرية الردع حتى لا يجرؤ أحد على خلع الحجاب".
كان لأئمة الجمعة دور فعال في ظل هذه الضغوط، وكما هو معلوم، فإن النظام عادة ما يستخدم منابر صلاة الجمعة لتمرير رغبات المرشد علي خامنئي، إذ يستخدم الأئمة كلمات ومصطلحات مشتركة في خطاباتهم كل أسبوع للتعبير بشكل غير مباشر عن آراء ورغبات المرشد لتكريسها بين العامة.
وفي الأسبوع الماضي دعا الأئمة إلى معاملة أكثر صرامة مع من لا يلتزم الحجاب، وطالبوا البرلمان بالموافقة على مشروع قانون العفة والحجاب ليصبح قانوناً، كما خاطبوا عناصر الشرطة وطالبوهم بألا ينتظروا الموافقة على هذا القانون وأن يؤدوا "واجبهم" - أي مواجهة النساء غير المحجبات.
والخميس الماضي أعلن رئيس اللجنة الثقافية بالبرلمان الإيراني، مرتضى آقا طهراني، خلال مقابلة له مع وكالة "فارس" للأنباء، أنه بعد أسبوع من نشر نص مشروع قانون "العفة والحجاب" المكون من 70 مادة، قدم 1500 اقتراح حوله، موضحاً أنه أمام أعضاء البرلمان 10 أيام لتقديم آرائهم حوله للبرلمان.
يحدث كل ذلك مع العلم بأنه إذا ما تمت الموافقة على القانون في لجنة المادة 85 فلن تتم مراجعة هذه المقترحات التي قدمت، وسيتم تحديد مصير قانون العفة والحجاب من قبل أعضاء هذه اللجنة فقط.
وأشار رئيس اللجنة الثقافية في البرلمان الإيراني أيضاً إلى أن النواب كانوا قد قرروا رفع قانون العفة والحجاب بموجب المادة 85 من الدستور للمصادقة عليه من دون مراجعته في جلسة علنية.
يبدو أن هذا التصويت جرى اليوم الثلاثاء في جلسة مغلقة، وبهذه الطريقة سيتم تشكيل لجنة مشتركة أو شكلت بالفعل، للبت في تفاصيل هذا القانون والمصادقة عليه على أن يتم تنفيذه في فترة تجريبية، وسيتم التصويت عليه من دون أن يطرح على جدول أعمال البرلمان وفي جلسة مغلقة.
وتحدثت التقارير أنه بسبب الانتهاكات القانونية التي وردت في الصياغة الجديدة لقانون العفة والحجاب فمن المحتمل أن يتم إعادته إلى اللجان المتخصصة بعد مراجعته، إلا أن رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف وبمساعدة غضنفر آبادي وجليل محبي، استطاع أن يفرض رأيه ووضع هذا القانون تحت المادة 85 من الدستور، وهذا يعني أنه لن تكون هناك حاجة لا للمتخصصين والخبراء ولا المراجعة الدقيقة والقانونية لمشروع القانون.
قريباً جداً - تقول الصحيفة - سيتحول مشروع قانون العفة والحجاب إلى قانون من دون ذكر حالات الجريمة، مستنداً إلى مفردة "العرف المجتمعي" والتعميمات والعقوبات التي تتعارض مع روح الجرائم التي حددت في هذا القانون، وستتحول الشوارع مرة أخرى إلى مسرح للمواجهات والاشتباكات بين القوات الأمنية والشرطة من جهة والمواطنين من جهة ثانية.
وبالتالي فإن النظام الإيراني ضغط كثيراً في الأشهر الماضية من أجل فرض الحجاب على النساء في الشوارع بالقوة، لكن الإيرانيات رفضن وتجاهلن هذه الضغوط وواصلن حياتهن اليومية، عدا عن نضالهن ضد نظام الجمهورية الإسلامية.