Skip to main content

الاحتجاجات الإيرانية تدخل مرحلة "كسر المحرمات"

لوحة خميني
AvaToday caption
محاولات التلقين الإيديولوجية لهؤلاء الأطفال "فشلت" على الرغم من كونهم لم يعرفوا سوى النظام الإسلامي، موضحة أن الأطفال باتوا أكثر شجاعة ويحثون أهاليهم على التظاهر
posted onNovember 20, 2022
nocomment

بعد ثلاثة أشهر من اندلاع انتفاضة شعبية في جميع أنحاء البلاد، حوّل المتظاهرون الإيرانيون غضبهم ضد مؤسس الثورة الإسلامية، روح الله الخميني، بعد أن أحرقوا المنزل الذي ولد فيه رجل الدين الراحل.

وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن محتجين أضرموا النيران منزل الخميني الذي تحول إلى متحف.

وأظهرت صور تحققت وكالة فرانس برس من صحتها اندلاع النيران في المنزل الواقع بمدينة خمين في محافظة مركزي خلال وقت متأخر الخميس بينما مرّ حشد من المتظاهرين الذين كانوا يحتفلون من أمام المكان.

كما تحققت وكالة رويترز من موقع مقطعين عبر ملاحظة أقواس مميزة ومبان تتطابق مع الصور الأرشيفية. إلا أن وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء نفت احتراق منزل الخميني وقالت إن عددا قليلا من الناس تجمعوا خارجه.

وقالت الوكالة الإيرانية إن "التقارير كاذبة. أبواب منزل الزعيم الراحل مؤسس الثورة الكبرى مفتوحة للجمهور".

واعتبرت الباحثة في الشؤون الإيرانية، منى السيلاوي، أن هذه التطورات تعطي إشارة على أن الشعب يريد التخلص من النظام الإسلامي الذي يحكم البلاد.

وقالت السيلاوي لقناة "الحرة" الأميركية، إن حرق منزل الخميني تمثل "رسالة للإصلاحيين بأن العودة للزمن الذهبي" مسألة تم تجاوزها، لافتة إلى أن التيار الإصلاحي في طهران دائما ما يطالب بإعادة حقبة الخميني ويصفها بـ "الذهبية".

توفي الخميني عام 1989 لكنه ما زال يعد شخصية رمزية مؤثرة بالنسبة للقيادة الدينية في عهد خلفه، علي خامنئي.

تم تحويل المنزل لاحقا إلى متحف لاستذكار الخميني. ولم يتضح حجم الضرر الذي تعرّض له بعد الحريق.

وأحرق المتظاهرون مرّات عدة صور الخميني أو قاموا بتشويهها، في أعمال تشكّل خرقا للمحظورات في الجمهورية الإسلامية التي ما تزال تحيي ذكرى وفاته عبر يوم عطلة كل يونيو.

وعلى الرغم من حملة القمع المميتة والاعتقالات الجماعية من قبل السلطات، واصل المتظاهرون الإيرانيون احتجاجات مكثفة ضد القادة الدينيين في البلاد وقوات الأمن في حركة تتخطى الاختلافات العرقية والطبقية والسياسية، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".

من جانبها، تتهم طهران، التي تعتبر معظم هذه التظاهرات "أعمال شغب"، قوات خارجية بالوقوف وراء حركة الاحتجاج في محاولة لزعزعة استقرار الجمهورية الإسلامية.

كانت النساء على وجه الخصوص في طليعة الاحتجاجات منذ بدايتها في سبتمبر الماضي، بعد وفاة الشابة مهسا أميني، 22 عاما، بعد ثلاثة أيام من احتجازها لدى شرطة الأخلاق في البلاد بعد انتهاكات مزعومة لقيود اللباس الإسلامي.

خلال الأيام الأخيرة، انتشرت أيضا الإضرابات عن العمل في مؤشر على زيادة الضغط على الحكومة. ففي أكثر من 12 مدينة رئيسية، بما في ذلك العاصمة طهران، توقفت التجارة تقريبا، الجمعة، لليوم الرابع على التوالي مع إغلاق المتاجر وإغلاق الأسواق التقليدية.

وانضم الكثير من الإيرانيين إلى المقاطعة هذا الأسبوع بعدم التسوق، وفقا للصحيفة الأميركية.

ولفتت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن الغضب وصل إلى الهجوم على إحدى الحوزات العملية وإحراقها بمدينة قم، وهي مدينة لطالما كانت معقلا للمدارس الدينية الشيعية في البلاد بعد الثورة التي تمكن فيها الخميني من الإطاحة بنظام الشاه رضا بهلوي عام 1979.

وأرجعت السيلاوي الهجوم على الحوزات العلمية لأسباب اقتصادية وثقافية.

وبينما تحصل الحوزات على الأموال وتزيد موازناتها سنويا، لا تملك المدارس الميزانية الكافية، حيث انضم اتحاد المدرسين، وهو أحد أكبر نقابات البلاد، للاحتجاجات بسبب تدني الرواتب، بالإضافة إلى تردي البنية التحتية للمدارس التي لم ترمم بعضها منذ عهد الشاه، بحسب السيلاوي.

واستمرت الاحتجاجات والاشتباكات في جميع أنحاء البلاد، الجمعة، مع اندلاع موجة جديدة من الغضب على استهداف قوات الأمن للأطفال والمراهقين.

وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أشخاصًا يهتفون في الشوارع وأسطح المنازل: "لا نريد نظامًا لقتل الأطفال".

وتقول جماعات حقوقية إن ما لا يقل عن 50 قاصرا قُتلوا منذ بدء الانتفاضة في منتصف سبتمبر، ويُعتقد أن ما بين 500 إلى 1000 قاصر محتجزون وغالبًا ما يُحتجزون في زنازين مع البالغين.

والأربعاء، كان ثلاثة أطفال من بين سبعة أشخاص قتلوا بالرصاص في مدينة إيذة، بؤرة احتجاجات واشتباكات متنوعة عرقيا في محافظة خوزستان جنوب غرب البلاد.

وعلقت السيلاوي قائلة إن هؤلاء الأطفال لم يعيشوا في عهد الشاه الذي كانت فيه البلاد منفتحة على العالم وتملك حريات إلى حد ما، بعكس كبار السن الذي يعرفون الفرق بين النظام السابق والحالي.

وأضافت أن محاولات التلقين الإيديولوجية لهؤلاء الأطفال "فشلت" على الرغم من كونهم لم يعرفوا سوى النظام الإسلامي، موضحة أن الأطفال باتوا أكثر شجاعة ويحثون أهاليهم على التظاهر.

وقالت إن اندفاع المراهقين الشجعان "يسبب أزمة للنظام" رغم كل محاولات التلقين الأيديولوجي. وتابعت: "النظام لا يتراجع (عن القمع) ولا يقدم إصلاحات ثقافية ولا اقتصادية ... من السيء أن يصل الشعب لدرجة أن ليس لديه شيء يخسره".

في المقابل، زعمت الحكومة أن "الإرهابيين قتلوا المدنيين"، بمن فيهم الأطفال الثلاثة. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن محافظ خوزستان قوله إنه تم اعتقال 11 شخصا على خلفية "الهجوم الإرهابي".

والسبت، ندّدت طهران بـ "صمت" المجتمع الدولي بعد هجمات دامية شهدتها عدّة مدن إيرانية، ووصفتها الحكومة بأنها أعمال "إرهابية".

وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان نشرته وكالة أنباء "إرنا" الرسمية إنّ "الشعب الإيراني والمجتمع الدولي شهدا في الأيام الأخيرة أعمالاً إجرامية من قبل مجموعة من الإرهابيين لا تعرف الرحمة ضدّ المواطنین الأبریاء والمدافعین عن أمن إیران في مدن إیذة وأصفهان ومشهد".

معلقا عن الهجمات على إرث الخميني وإغلاق الأسواق والمحلات التجارية، قال كيان تاجبخش، الخبير الإيراني الذي يدرس العلاقات الدولية بجامعة كولومبيا، "هذه لحظة كسر المحرمات".

وأضاف لصحيفة "نيويورك تايمز": "سواء أدى ذلك إلى الإطاحة بالنظام أم لا، فقد تجاوزنا خطا من الخطاب العام لم يسبق له مثيل، ولا عودة إلى ما كانت عليه الأمور".