Skip to main content

صحفيات خائفات من انتقام طالبان

نساء أفغانستان خائفات
AvaToday caption
تشكل النساء والفتيات حوالي نصف سكان البلاد البالغ عددهم 39 مليون نسمة، ولا تثق العديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية بوعود حركة طالبان بشأن احترام حقوق المرأة، رغم أن الأخيرة سعت إلى تصوير نفسها على أنها أصبحت أكثر اعتدالًا مما كانت عليه عندما حكمت البلاد في التسعينيات
posted onSeptember 2, 2021
nocomment

ذكرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية أنها تلقت رسائل كثيرة من العديد من النساء الأفغانيات اللواتي باتت حياتهن في خطر بعد سيطرة  حركة طالبان على العاصمة كابل، مطالبات بإنقاذهن من "موت محتم" قبل فوات الأوان.

ومن أولئك اللواتي تحدثن بأسماء مستعارة خوفا من كشف هويتهن، سيما، والتي تقول إنها معرضة لخطر الموت على يد عناصر الحركة  لثلاثة أسباب هي الانتماء إلى أقلية الهزارة الشيعية، والعمل بصحيفة تدافع عن حقوق النساء وترفض التطرف الإرهاب، فيما يتمثل السبب الثالث في تعاون زوجها مع برامج أميركية لنشر التوعية بمبادئ الديمقراطية وأسسها في البلاد.

وقالت سيما إنها اضطرت إلى توزيع أطفالها الثلاثة على عدة منازل وذلك بعد أن فشلت في الوصول إلى مطار كابل في الوقت المناسب، متابعة حديثها عبر تطبيق مراسلة مشفر: "اليوم (31 أغسطس) كان أطفالي يبكون بحرقة وأعينهم ترنو نحو السماء، إنهم ينتظرون طائرة لن تأتي لأخذهم".

وأضافت: "الآن، فقدنا كل آمالنا لأن جميع الأجانب قد خرجوا ونحن وحدنا هنا. سيكون من الأفضل أن نغلق أفواهنا وننتظر الموت بصمت.. كابل مليئة بالرعب، لقد تخلفنا عن الركب وفقدنا الأمل".

وفي حي آخر من العاصمة تختبئ حليمة، وهي صحفية ومترجمة أفغانية مخضرمة عملت خلال العقدين الماضيين مع السفارة البريطانية والعديد من وسائل الإعلام الأميركية البارزة، قائلة إن إن مناشدتها للحصول على تأشيرات طارئة لها ولأسرتها المعرضة للخطر قوبلت بجدار من الصمت من عدة دول غربية بما في ذلك المملكة المتحدة.

وأوضحت أن "الغرب لم يأت لمساعدتنا أبدًا. لقد جعلوا حياتنا لا تطاق قبل أن يدفنونا في هذا الجحيم إلى الأبد"، واصفة كيف تعرض شقيقها للضرب على أيدي عناصر طالبان خلال محاولاته للوصول إلى المطار بغية مغادرة البلاد.

وتتابع: "على مدى 20 عامًا، مارس الناس ضغوطًا بشأن تحسين وضع المرأة وحقوقها في أفغانستان؛ لقد تحدثوا عن التعليم والمنح الدراسية، ولمدة عقدين طلبوا منا المشاركة. والآن فجأة نجلس جميعًا مختبئات في المنزل، لقد  تركونا وراء ظهورهم ورحلوا".

ولفتت إلى أن إحدى قريباتها التي لديها بطاقة إقامة في أميركا (البطاقة الخضراء) باتت عالقة هي الأخرى في البلاد بعد تصادف موعد زيارتها لها مع سيطرة طالبان على كابل.

أما سامية،  فهي صحفية في العشرينيات من عمرها، فتقول إن عملها في مجال الإعلام كان يعيل كل أفراد أسرتها بعد وفاة والدها، مشيرة إلى إن هجومًا صاروخيًا وقع مؤخرًا بالقرب من منزلها قد كشف لها ما ينتظر بلادها من مستقبل مظلم، على حد قولها.

وزادت: "نحن نعلم أن طالبان لم تتغير. ولن تستطيع النساء مغادرة منازلهن، أو الذهاب إلى العمل.. الرجاء مساعدتنا جميعًا ".

وتشكل النساء والفتيات حوالي نصف سكان البلاد البالغ عددهم 39 مليون نسمة، ولا تثق العديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية بوعود حركة طالبان بشأن احترام حقوق المرأة، رغم أن الأخيرة سعت إلى تصوير نفسها على أنها  أصبحت أكثر اعتدالًا مما كانت عليه عندما حكمت البلاد في التسعينيات، وقد فرضت وقتها قواعد صارمة ومتطرفة جعلت النساء حبيسات المنازل وممنوعات من التعليم والعمل.

وحذرت براميلا باتن، رئيسة هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالإنابة، في وقت سابق من أن "المكاسب التي تحققت بشق الأنفس والتي ناضل من أجلها نشطاء حقوق المرأة الأفغانية عرضة للخطر ويجب عدم التراجع عنها".

وقالت: "هناك حاجة لاتخاذ إجراءات عاجلة الآن لضمان المشاركة الكاملة للمرأة في الحياة العامة والسياسية في أفغانستان"، مشددة على أنه يجب على طالبان ضمان حماية النساء من التهديدات والهجمات القائمة على التمييز الجنسي.

من جانبها أوضحت، كيران نزيش، مؤسسة "تحالف النساء في الصحافة"، الذي يحاول مساعدة المئات من النساء الأكثر عرضة للخطر،  أن عملية إجلاء العديد من الناشطات والصحفيات كانت محفوفة بالمخاطر، مؤكدة  أن الكثير من الدول لم تقم بواجباتها على أكمل وجه.

وأشارت إلى أن إن العديد من الحافلات التي أعدتها منظمتها لنقل بعض النساء إلى المطار جرى إعادتها، بينما أقلعت ثلاث طائرات استأجرتها وهي نصف فارغة، ملقية باللوم على إجراءات روتينية عقيمة تتعلق بالحصول على تأشيرات وأذون مغادرة.

وتعمل المؤسسة حاليًا على مساعدة 300 امرأة  لا يزلن عالقات بينهن 100 مدرجات على قوائم "التهديدات العالية الخطورة"  ويتم نقلهن بين بيوت آمنة مختلفة بعيدا عن أعين مقاتلي طالبان، وتقول نزيش إن منظمتها تحاول أن تجد طرق أخرى لإخراجهن بما ذلك العبور بهن عبر الحدود مع باكستان.

من جانبه، يوضح سونيل فارغيس، مدير السياسات في مشروع المساعدة الدولية للاجئين (IRAP) ومقره الولايات المتحدة، والذي عمل أيضًا ليل نهار لمحاولة إخراج مئات الرجال والنساء الأفغان من البلاد، أن أي شخص فشل في المغادرة قد أصبحت حياته الآن في خطر أكبر.

وقال لصحيفة "إندبندنت": "حركة طالبان باتت تعرف الآن من كان يتعاون مع الأميركيين والغرب بعد كشفت هوياتهم من خلال ازدحامهم على بوابات المطار، ونخشى أن يلقوا مصيرا سيئا إذا لم يحصلوا على المساعدة في الوقت المناسب".

وفي نفس السياق قالت طالبة جامعية إن عائلتها لم تتمكن حتى من الوصول إلى كابل وهي عالقة الآن في مقاطعة بعيدة عن العاصمة، وهذا يعني أنها ستضطر إلى اجتياز نقاط التفتيش التي يسيطر عليها مقاتلو طالبان وأنصارهم.

وأردفت: بالإضافة إلى ذلك نحن مهددون بالتعرض لهجمات تنظيم داعش في طريقنا إلى العاصمة".

وتقول طالبة أخرى من إقليم بنجشير ، ولكن مقيمة في كابل: "في ظل هذه الفوضى، لا يزال أفراد عائلتي يحاولون تجديد جوازات سفرهم منتهية الصلاحية، وبالتالي لا يمكنهم حتى البدء في طلب التأشيرة"، موضحة: "باعتبارنا من إقليم معاد لطالبان فنحن هدف رئيسي للحركة والأمل الوحيد لنا هو الصلاة لكي يحفظنا الله".