Skip to main content

الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران وتل أبيب

واشنطن وطهران
AvaToday caption
لمّح الرئيس الأميركي بالضربات الجوية التي استهدفت المواقع التي تستخدمها الميليشيات المدعومة من إيران والمسؤولة عن الهجمات على القوات الأميركية في العراق
posted onJuly 2, 2021
nocomment

هدى رؤوف

حتى الوقت الراهن لم تتضح معالم أي اتفاق قادم بين إيران وواشنطن، أو زمن عقده، والأمور التي يمكن استنباطها من التطورات على مدى الأشهر الماضية، هي تراجع الرئيس الأميركي جو بايدن عن إجبار إيران على عقد اتفاق واسع يشمل ملفات أخرى غير البرنامج النووي، حيث اعتبر بايدن أن التهديد الرئيس هو إمكان تطوير إيران سلاحاً نووياً، كلما استمرت في التخلي عن التزامها الاتفاق النووي لعام 2015. أما الشروط الإيرانية للموافقة على الشروط الأميركية فتدور حول رفع العقوبات المفروضة على قطاعات النفط والطاقة والمال، وربما رفعها أيضاً عن بعض الشخصيات الإيرانية ومنها الرئيس الجديد. كما تريد إيران من الولايات المتحدة تقديم ضمان بأنها لن تتراجع مرة أخرى عن الاتفاق، وبالتالي تريد ضماناً باستمرار الاتفاق وعدم العودة إلى فرض العقوبات عليها مرة أخرى، فالانسحاب من الاتفاق مرة أخرى ما زال مصدر قلق لإيران.

ويُعد تقديم ضمان من الجانب الأميركي معضلة بالنسبة إلى إدارة بايدن، لأن هذا يعني أن الولايات المتحدة ستحتاج إلى التصديق على الاتفاقية النووية الإيرانية كمعاهدة في مجلس الشيوخ، الذي يضم كتلة جمهورية وازنة. وبالتالي يمثل ذلك تحدياً آخر لإدارة بايدن الذي يحاول قصر الاتفاق مع إيران على الملف النووي، في حين يريد الجمهوريون في الكونغرس مراجعة أي اتفاق مع إيران، وفقاً لقانون مراجعة الاتفاقية النووية الذي صدر في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، لكن إدارة بايدن تجادل بأن مجرد العودة إلى الاتفاق لا تقتضي مراجعته وفق القانون المذكور. وهذه ستكون أهم المعضلات أمام العودة إلى الاتفاق من جهة الداخل الأميركي.

أما في ما يخص الملفات الأخرى فيبدو أن بايدن سمح بمسار آخر في حال لم يتم تضمينها في اتفاق أوسع وأشمل، فخلال اجتماعه مع الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، لمّح الرئيس الأميركي بالضربات الجوية التي استهدفت المواقع التي تستخدمها الميليشيات المدعومة من إيران والمسؤولة عن الهجمات على القوات الأميركية في العراق. وهو ما يوحي بتلويح بايدن باستخدام الأداة العسكرية ضد إيران في سوريا والعراق.

فكما سبق أن أشرنا في مقال سابق إلى أنه ربما سيسمح بايدن لإسرائيل بحرية الحركة نفسها التي مارستها خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترمب في ما يخص الأهداف الإيرانية. وقد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، نفتالي بينيت، إن "إسرائيل ستدافع عن نفسها ضد أي تهديد حتى لو بمفردها". من جهة أخرى، قد تعمل واشنطن على استخدام كل الأدوات المتاحة لمواجهة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، ولتعزيز تنفيذ قرارات مجلس الأمن الأخرى للتصدي لانتشار الأسلحة التقليدية الإيرانية.

لكن المعضلة هنا هي أنه يجب على الولايات المتحدة محاربة أساليب التهريب التي تتبعها إيران لنقل هذه الأسلحة إلى حلفائها.

من ناحية ثانية، ستحاول إسرائيل الاستفادة من كونها متضررة من أي اتفاق نووي مقبل مع إيران، لا سيما أن مسؤولين إسرائيليين كُثراً اجتمعوا بالمسؤولين الأميركيين من أجل منع إدارة بادين من العودة إلى الاتفاق أو وضع اتفاق جديد يراعي الهواجس الأمنية الإسرائيلية. وستحاول إسرائيل الاستفادة من هذا السياق وطلب مكاسب إضافية من الولايات المتحدة في المقابل. وهنا يمكن أن يزداد التنسيق والتعاون العسكري بين تل أبيب وواشنطن، كما ستسهل الولايات المتحدة ترتيبات الأمن الإقليمي، فضلاً عن زيادة التعاون الاستخباراتي والعسكري والمالي لإضافة مزيد من بطاريات الدفاع الصاروخي ضد الصواريخ الإيرانية، أي أن إسرائيل ستحاول تعزيز وضعها الاستراتيجي والدفاعي.