نفذت إيران خلال أقل من شهر عددا قياسيا من الإعدامات بحق سجناء رأي ومعارضين سياسيين في أحدث إعدامات تأتي بينما تواجه طهران سيلا من انتقادات حقوقية ودولية على خلفية سجل أسود في تنفيذ أحكام إعدام خارج إطار القانون أو في محاكمات لا تخضع لمعايير الشفافية والعدالة.
ويقول خبراء أن السلطات الإيرانية تستخدم عقوبات الإعدام والقتل كأداة للسيطرة السياسية والقمع ولبث الرعب بين العامة ولقمع أي احتجاجات أو "تطاول على السلطة.
وفي هذا الإطار نقل موقع 'إيران إنترناشيونال " الأحد عن مجموعة (هرانا) لحقوق الإنسان في إيران تأكيدها أن السلطات أعدمت خلال شهر مارس/آذار الجاري في سجن سبيدار بمحافظو الأهواز ما لا يقل عن 19 شخصا من بينهم 4 سجناء سياسيين.
وذكرت مجموعة نشطاء حقوق الإنسان في إيران (هرانا) في أحدث تقرير شهري لها أن عمليات تنفيذ أحكام الإعدام خلال الشهر الجاري شملت الطفل آرمان عبد العالي تأتي بالتزامن مع استمرار الشرطة والقوات العسكرية الإيرانية في قتل المدنيين خارج السجن تحت ممارسات خاصة في المناطق الحدودية.
وبعد أن أعدمت إيران المصارع نويد أفكاري أواخر العام الماضي، أشار منتقدون إلى أن استخدام عقوبة الإعدام في إيران، التي تزهق سنويا أرواح أشخاص يفوق عددهم ذاك المسجّل في أي بلد آخر باستثناء الصين، لمزيد من التدقيق بعد أن خرجت احتجاجات مناهضة للحكومة بسبب تدهور الوضع الاقتصادي.
وتستخدم إيران عقوبة الإعدام بكثافة بهدف ردع أي احتجاجات مناهضة للنظام، على الرغم من التنديد الدولي بممارسات القمع والتعذيب والقتل ضد أبرياء فقط بسبب مشاركتهم في المظاهرات.
ونددت الأمم المتحدة مرارا باستخدام طهران عقوبة الإعدام كتحذير لسكانها في مناخ من الاضطرابات الاجتماعية المتزايدة لوأد الاحتجاجات تنديدا بتدهور الأوضاع المعيشية.
وكانت مجموعة من الخبراء الحقوقيين في الأمم المتحدة قد دعت في يوليو/حزيران الماضي إيران إلى إلغاء أحكام إعدام صدرت بحقّ ثلاثة متظاهرين شاركوا في احتجاجات 2019، بعد حديث عن تعرّضهم للتعذيب للإدلاء باعترافاتهم.
كما تأتي الأرقام التي كشفت عنها (هرانا) بينما توفي خلال نفس الشهر توفي بهنام محجوبي الصوفي الغنابادي متأثرا بعن الشرطة الإيرانية وانتحر سجين سياسي آخر.
وكانت قوات الحرس الثوري وعناصر خفر السواحل الإيرانية قد فتحت النار هذا الشهر ناقلي الوقود وأشخاص اشتبه في كوهنهم مهربين للمحرقات وآخرون احتجوا على غلق الحدود، ما تسبب في مقل 10 أشخاص على الأقل وإصابة آخرين، وفق إيران 'إيران إنترناشيونال عربي'.
بينما تقول الأمم المتحدة إن أفراد الحرس الثوري وقوات الأمن ربما قتلوا ما يصل إلى 23 شخصا خلال احتجاجات واسعة بالمناطق الحدودية في إيران احتجاجا على مقتل شخصين يحملان وقودا عبر الحدود الإيرانية الباكستانية.
وفي إيران أحد أرخص أسعار الوقود في العالم وتكافح البلاد تهريبه إلى الدول المجاورة، يئن الإيرانيون تحت وطأة القمع فضلا عن معاناتهم بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة والتي فاقمت نسبة الفقراء والجياع في إيران.
في سياق استمرار مسلسل القمع العنيف في إيران استمرت الاعتقالات التعسفية والاستدعاءات والمحاكمات للمواطنين لأسباب سياسية ودينية وعرقية في مارس/آذار الجاري، حيث حُكم على عيسى كلانتري مساعد الرئيس الإيراني بالسجن بتهمة إهانة روح الله الخميني، وحوكمت الناشطة الإيرانية - البريطانية نازنين زاغاري مرة أخرى، رغم انتهاء عقوبتها.
كما تئن الأقليات العرقية في الجمهورية الإسلامية كالبلوش والعرب السنة والكورد وأذربيجانيي إيران وهم من الأقلية النائية، تحت وطأة القتل والقمع الشديد فضلا عن الإهمال والتهميش، حيث تعاني تلك الأقليات من عدم التوظيف فضلا عن بنية تحتية وخدمات سيئة في ظل غياب العدالة الاجتماعية والمساواة في معاملتهم كمواطنين إيرانيين.
وأعدمت طهران منذ بداية العام 2021 ما لا يقل عن 19 مواطنا بلوشيا داخل السجون المركزية في محافظتي مشهد وزاهدان، وفقا للإحصاءات المسجلة من قبل منظمة حقوق الإنسان.
أما الكورد الذين يمثلون 9 بالمئة من سكان إيران، فيعانون هم أيضا من قمع السلطات الإيرانية وعمليات القتل الوحشية التي نفذها الحرس الثوري ضد عديد العمال الكورد.
وفي ظل استفحال ظاهرة العنف ضد النشطاء والمعارضين والمحتجين في إيران يزيد غضب الإيرانيين ويكبر ككرة النار على وقع وضع اقتصادي واجتماعي يزداد سوء، ففي الوقت الذي يجب أن تلتفت في السلطات الإيرانية إلى معالجة مشاكل مواطنيها وإنقاذ البلاد من الانهيار، تكثف ممارسات القمع لإسكات الأفواه، فيما يغرق الشعب في عمق الأزمة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019، اندلعت احتجاجات غاضبة وغير مسبوقة في إيران بسبب ارتفاع أسعار الوقود، قمعتها السلطات بعنف، حيث قتلت القوات الأمينة مئات المحتجين واعتقلت الآلاف.
وقالت منظمة حقوق الإنسان إن "قوات الأمن قتلت مئات المتظاهرين في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وتفعل ذلك من جديد في كل اليوم".
وفي سياق متصل بعثت أسر قتلى تلك الاحتجاجات وضحايا الطائرة الأوكرانية وكذلك أسر السجناء السياسيين في إيران، برسالة تزامنت مناسبة العام الإيراني الجديد طالبوا خلالها بإنهاء "الظلم والجور" في إيران وكذلك تحقيق "الحرية والسلام" للجميع.
وقال منوشهر بختياري والد أحد المقتولين في احتجاجات "الوقود" "لا للجمهورية الإسلامية"، معبر عن أمله أن "انتهاء 43 عامًا من العذاب والفقر والجوع والبؤس التي ألحقها هؤلاء الظالمون عديمو الضمير، بأرضنا الطيبة"، مشددا على أن "الحركة المطالبة بالعدالة للشعب الإيراني ستسعى دائمًا من أجل حرية الشعب وإحياء هذه الأرض مجددًا حتى الإطاحة بالنظام الفاسد والإجرامي".
كما ندد آخرون ممن لقي ذويهم حتفهم في الاحتجاجات والمعتقلات الإيرانية بعقود المعاناة الحقيقة تحت حكم نظام فاشل يقتل شعبه ويعطبه بدل تضميد جراحه وتوفير العيش الكريم له، متمنين نهاية مسيرة مظلمة لهذا النظام وبداية مرحلة جديدة تعمها السلام والطمأنينة والصحة.