تجددت الاشتباكات العنيفة، الأحد، بين قوات سوريا الديموقراطية من جهة والقوات التركية والفصائل الموالية لها من جهة ثانية، قرب بلدة عين عيسى الاستراتيجية في شمال سوريا (روجافا)، والتي تنتشر القوات التركية والفصائل الموالية لها إلى الشمال منها، بعد هجوم واسع شنته تلك القوات عام 2019.
وتدور بين الحين والآخر اشتباكات بين الطرفين شمال البلدة الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديموقراطية التي كانت تتخذ منها مقرا رئيسيا لها.
ويتزامن التصعيد في محيط عين عيسى مع احتفال الكورد، الأحد، بعيد النوروز، رأس السنة الكوردية المصادف في مارس من كل سنة.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان فقد اندلعت الاشتباكات منذ، الجمعة، بعدما حاولت القوات التركية والفصائل الموالية لها التقدم في قريتي المعلق وصيدا شمال غرب بلدة عين عيسى إثر "انتهاء قوات سوريا الديموقراطية من تفكيك ألغام في القريتين تمهيدا لعودة المدنيين".
وقال المتحدث باسم قوات سوريا الديموقراطية، كينو كبرئيل، لوكالة فرانس برس، "تتعرض منطقة عين عيسى (...) لحملة شديدة من قبل الاحتلال التركي والمرتزقة العاملين معه"، عبر محاولة التقدم باتجاه قرى غرب عين عيسى.
وأشار إلى أن العمليات تترافق مع "قصف عنيف بقذائف الهاون والمدفعية التركية والطيران الحربي".
وكان المرصد أفاد ليل السبت الأحد أن الطيران الحربي التركي شن غارة استهدفت قرية صيدا، هي الأولى في تلك المنطقة منذ هجوم العام 2019.
ونفت مصادر أمنية تركية شن الطيران التركي غارات في المنطقة، واعتبرت أن "الإرهابيين (...) يحاولون خلق تصور أن القوات العسكرية التركية شنت غارات".
وأعلنت وزارة الدفاع التركية أن قواتها "ردت" على وحدات حماية الشعب الكوردية "التي فتحت النيران" عليها.
وتصنف أنقرة وحدات حماية الشعب، العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية، منظمة "إرهابية" وتعتبرها امتدادا لحزب العمال الكوردستاني الذي يخوض تمرداً ضدها.
وتُعد قوات سوريا الديموقراطية الشريك الرئيسي لواشنطن في الحرب ضد تنظيم داعش، الأمر الذي طالما أثار انتقاد أنقرة.
ويُصادف الثلاثاء ذكرى إعلان تلك القوات القضاء على "خلافة" تنظيم داعش إثر آخر معارك ضده بدعم أميركي في بلدة الباغوز في شرق سوريا.
وأكد كبرئيل أن "قوات سوريا الديموقراطية ردت على الانتهاكات وأفشلت محاولات التسلل"، إلا أن الوضع "لا يزال متوترا" في محيط عين عيسى.
وأوضح مدير المرصد السوري، رامي عبد الرحمن، أن "قوات سوريا الديموقراطية تمكنت حتى اللحظة من منع أي تقدم للفصائل الموالية لأنقرة"، مشيرا إلى تبادل للقصف بين الطرفين.
وتتكرر بين الحين والآخر الاشتباكات بين الطرفين في تلك المنطقة، برغم نشر دمشق قوات فيها بموجب اتفاق مع الكورد كان الهدف منه وقف التقدم التركي إثر هجوم العام 2019، كما تتواجد في المنطقة أيضا قوات روسية بموجب اتفاق تم التوصل إليه مع أنقرة.
وتسيطر تركيا على منطقة حدودية شمال عين عيسى، تمتد بطول 120 كيلومترا بين بلدتي سريكاني (شمال الحسكة) وغريسبي (شمال الرقة).
وفي نوفمبر الماضي، قتل أكثر من عشرين عنصرا من الفصائل الموالية لأنقرة في كمين نصبته لهم قوات سوريا الديموقراطية إثر محاولتهم التسلل إلى قرية المعلق.
وبين العامين 2016 و2019، شنت تركيا وفصائل سورية موالية لها ثلاث عمليات عسكرية في المنطقة الحدودية في شمال سوريا. واستهدف الهجوم الأول تنظيم الدولة الإسلامية والمقاتلين الكورد في آن في ريف حلب الشمالي الشرقي.
وفي هجوم العام 2018 ضد المقاتلين الكورد، سيطرت القوات التركية والفصائل الموالية لها على منطقة عفرين في ريف حلب الشمالي الغربي، التي كانت تُعد أحد أقاليم الإدارة الذاتية الكوردية.
وتشهد مناطق سيطرة القوات التركية بين الحين والآخر تفجيرات نادراً ما تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها. وغالباً ما تتّهم أنقرة المقاتلين الكورد بالوقوف خلفها.
وعلى جبهة أخرى في شمال غرب البلاد، قتل خمسة مدنيين الأحد في قصف مدفعي شنته قوات النظام وطال مدخل مستشفى في مدينة الأتارب، في ريف حلب الغربي، المحاذي لمحافظة إدلب، وفق المرصد.
وشاهد مراسل لفرانس برس أضراراً طالت مدخل المستشفى، وقد اخترقت قذيفة سقفه، كما تكسر زجاج غرفة الاستعلامات، وانتشرت بقع دماء في المكان.
وتسيطر هيئة تحرير الشام وفصائل مقاتلة أقل نفوذاً على نحو نصف مساحة إدلب ومناطق محدودة محاذية لها. ويقطن في تلك المنطقة نحو ثلاثة ملايين شخص غالبيتهم من النازحين.
ويسري منذ مارس وقفا لإطلاق النار في المنطقة أعقب هجوماً واسعاً شنّته قوات النظام بدعم روسي. ولا يزال الاتفاق صامداً الى حد كبير، برغم الخروقات.
وتشهد سوريا منذ العام 2011 نزاعاً دامياً تسبّب بمقتل أكثر من 388 ألف شخص وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.