تثير سدود تبنيها تركيا توترات مع دول الجوار، فبعد أن طالب الرئيس العراقي أمس الاثنين بجعل مسألة المياه على رأس الأولويات واعتبارها من صميم الأمن القومي داعيا إلى مناقشة هذه القضية مع دول الجوار التي باتت سياستها المائية تشكل ضررا كبيرا للعراق، لم تخف إيران بدورها قلقها من السدود التركية ومن سياسة جارتها المائية التي تسببت إلى حدّ كبير في تقليص حصة طهران من الماء وهو الأمر ذاته الذي تشكو منه بغداد.
وتنذر هذه التوترات بأزمة بين تركيا وإيران وحرب سدود محتملة في ظل تنافس البلدين غير المرتبطين باتفاقية حول إدارة الثروة المائية العابرة للحدود.
وأعرب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الثلاثاء عن استيائه أمام مجلس الشورى (البرلمان) من قيام تركيا ببناء سدود على الأنهار الحدودية بين البلدين وسط تضاؤل الموارد المائية وتغير المناخ.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (ايرنا) عن حسين أمير عبداللهيان قوله أمام البرلمانيين "إنه ليس من المقبول لإيران أن تقوم تركيا بإجراءات في مجال بناء السدود تكون نتيجتها مشاكل للشعب الإيراني وشعوب المنطقة ونعلن بصوت عال معارضتنا لهذه الإجراءات".
وأضاف "ناقشت مع وزير الخارجية التركي (مولود جاويش اوغلو) في الأشهر الأخيرة ثلاث مرات على الأقل هذه القضية وطلبت منه إلاء الاهتمام الجاد تجاه ما يجري بشأن بناء السدود على نهر أراس الحدودي" الذي ينبع بالقرب من أرضروم قبل أن ينضم إلى نهر كورا ويصب في بحر قزوين.
واقر الوزير الإيراني بأنه "لم يكن هناك اتفاق ثنائي بين طهران وأنقرة بشأن التعاون المائي في الماضي، لكننا قدمنا طلبا إلى الحكومة التركية قبل أربعة أشهر لإنشاء لجنة مياه ثنائية مشتركة لمعالجة المخاوف في هذا المجال".
ويأتي تصريح الوزير الإيراني، بحسب وسائل إعلام، بعد أسبوع من تأكيده على أهمية تسريع التعاون في شكل "لجنة المياه المشتركة" للتعامل مع مشكلة التغير المناخي والمياه، وذلك خلال اتصال هاتفي مع نظيره التركي.
وعلى مر السنين، قامت طهران وتركيا ببناء العديد من السدود، مما قلل من مصادر المياه الرئيسية في العراق. ويهدد بناء أنقرة لسد على نهر أراس الحدودي مع إيران أيضا ما يصل إيران من مياه.
ووقع العراق وسوريا اللذان يتقاسمان نهري دجلة والفرات، على "الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة للأنهر غير الملاحية العابرة للحدود لسنة 1997"، لكن الجارتين تركيا وإيران لم تفعلا الاتفاق.
وتحكم هذه الاتفاقية موارد المياه العابرة للحدود، لكن بضع عشرات من الدول فقط هي أطراف في الاتفاقية التي تنص على أن الدول ملزمة باحترام موارد المياه الخاصة بجيرانها وتقاسمها بشكل عادل.
وكانت إيران قد شهدت في العام الماضي احتجاجات عارمة تنديدا بندرة المياه. وخرجت في محافظة أصفهان في نوفمبر 2021 مظاهرات على شحّ المياه وتوقف جريان نهر رئيسي في المدينة التاريخية.
وتخشى إيران من أن تتناسل الاحتجاجات على ندرة المياه في ظل مؤشرات قوية ومقلقة على انحسار مواردها المائية بسبب السدود التركية وهو الأمر ذاته الذي يثير مخاوف العراق الذي جفت لديه عدد من البحيرات بشكل كامل ودفعت العديد من الزارعين والصيادين إلى البطالة مع توقف أعمالهم.