عرضت السعودية على العراق المساعدة في ملف الكهرباء، من أجل أستغناء عن توريد الطاقة من إيران لتشغيل محطاتهِ الكهربائية، ومقترحة تجهيز خطوط تنقل الطاقة مجانا إلى الحدود بين البلدين، على أن تتولى بغداد الجزء المتعلق بها داخل الأراضي العراقية.
لكن الرياض لن تتورط في تنفيذ مشاريع داخل العراق، لتدار من قبل ساسة موالين لإيران. وتقول المصادر إن الرياض تنتظر أن تقدم بغداد ضمانات حقيقية بأن المشاريع السعودية في العراق لن تخضع للهيمنة الإيرانية.
وكان هذا الملف على رأس أجندة مباحثات الرئيس العراقي برهم صالح مع المسؤولين السعوديين في الرياض، التي وصل إليها الأحد، في زيارة رسمية تستمر يومين.
وقال مكتب رئيس الجمهورية إن صالح وصل “إلى الرياض في زيارة رسمية استجابة لدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود”.
وفضلا عن الاجتماع مع العاهل السعودي، فإن مكتب صالح قال إن الرئيس العراقي والوفد المرافق له، سيجريان “عددا من اللقاءات والاجتماعات المهمة مع الأمراء والمسؤولين في المملكة العربية السعودية”.
وبدا واضحا الاحتفاء السعودي بالرئيس العراقي، حيث خرج الملك سلمان شخصيا لاستقباله. ويرافق صالح في الزيارة كلّ من وزيري الخارجية محمد الحكيم، والصناعة صالح عبدالله، ومحافظ الأنبار علي فرحان، ومحافظ المثنى فالح الزيادي، وعدد من المستشارين والخبراء.
وقال مراقب عراقي إنه “من الضروري أن يستمع الرئيس العراقي شخصيا إلى رأي السعودية في ما يجري في بلاده في هذا الظرف الحساس الذي يواجه فيه العراق ضغوطا متعددة الاتجاهات والأهداف في ما يتعلق بالعقوبات الأميركية المفروضة على إيران وكيفية التعامل معها بما يحفظ للعراق سلامته وأمنه الغذائي. وإذا ما كانت للسعودية وجهة نظر لا تلتقي مع توجهات الحكومة العراقية في ذلك المجال فإن ذلك لا يمنع التفاهم في مجالات أخرى”.
وقالت مصادر دبلوماسية عراقية إن “صالح نقل إلى القيادة السياسية السعودية طلبا رسميا عراقيا، بالنظر في إمكانية توفير طاقة كهربائية بديلة لتلك التي يستوردها العراق من إيران”.
ومنحت الولايات المتحدة العراق مهلة 45 يوما، لوقف استيراد الكهرباء والغاز اللازمين لعمل محطات التوليد، ما وضع بغداد في مأزق كبير. وتقول المصادر إن العراق لا يمتلك التمويل اللازم حاليا لمد شبكة خطوط نقل الطاقة من الحدود مع السعودية، وربطها بالشبكة الوطنية، بعدما تبرعت السعودية بتحمل تكاليف الجزء الواقع في أراضيها.
ويحتاج العراق إلى نحو 25 ألف ميغاواط، لتغطية احتياجاته الكلية، ينتج نحو نصفها فقط، فيما يوفر جزءا آخر عبر الاستيراد.
ويعتمد العراق على إيران في توفير نحو خمسة آلاف ميغاواط، عبر التجهيز المباشر، أو توفير الوقود لمحطات حرارية تعمل بالغاز. وطلبت الولايات المتحدة من العراق أن يكف عن استيراد الطاقة والوقود من إيران خلال 45 يوما.
وشكل نقص الكهرباء أحد أهم العوامل التي أسهمت في دفع الشارع العراقي نحو احتجاجات في مختلف المناطق، أبرزها الصيف الماضي في البصرة، حيث أحرق متظاهرون غاضبون مقار دوائر رسمية وأحزاب سياسية، فضلا عن مبنى القنصلية الإيرانية.
ويقول مراقبون إن العراق قد يدفع ثمنا سياسيا قاسيا لتطبيق العقوبات الأميركية على إيران، لا سيما إذا ما اضطر للتخلي عن الخسمة آلاف ميغاواط القادمة من جارته الشرقية، لذلك تقدمت بغداد بطلب رسمي إلى واشنطن، من أجل زيادة مهلة الـ45 يوما، إلى حين إيجاد بديل.
وينظر إلى الصيف القادم على أنه أبرز الاختبارات التي ستواجه الحكومة العراقية الجديدة، في حال لم تحل أزمة الكهرباء، ما يفتح الباب على تجدد الاحتجاجات الشعبية.
ويمكن أن تلعب السعودية دورا حيويا في مساعدة العراق على تجاوز أزمة الطاقة بالنظر إلى إمكانياتها الكبيرة، فإن صالح شرح للعاهل السعودي أسباب بحث العراق عن استثناء من العقوبات الأميركية على إيران، فيما تعهدت الرياض بتلبية طلبات العراق في هذا المجال.
واستبعدت المصادر أن يكون الرئيس العراقي قد نقل رسائل من إيران، التي زارها السبت، إلى القيادة السعودية، فيما يشير مراقبون إلى أن أوضاع العراق السياسية المضطربة حاليا لا تسمح له بلعب دور الوسيط بين طهران والرياض.
أن "من بين فقرات الرسالة التي نقلها صالح عن الحكومة العراقية إلى الرياض، استفسارات تتعلق بأسباب تردد الرياض في تنفيذ مشاريع اقتصادية وعدت بها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي".
وتقول المصادر إن "رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي، يتوقع استمرار الدفء في العلاقات بين بغداد والرياض، الذي تحقق خلال ولاية العبادي"، مؤكدة أن “السعودية ستكون من بين أولى الدول التي سيزورها رئيس الوزراء العراقي، خلال جولة متوقعة بعد استكمال كابينته الوزارية".