صالح بن عبدالله السليمان
جرى نقاش مع اخ من الجزائر عن ما يحدث في المشرق العربي، والصراع الدائر في اليمن بين الحكومة الشرعية مدعومة من التحالف العربية وميليشيا الحوثي المدعومة من إيران. وما ان نطقت بكلمة "إيران" الا وانطلق يتهمني انني ادخل إيران في كل مشاكلنا وأن الاتهام لإيران اتهام معلب جاهز، نرميه بوجه كل من يقف الى جانب قوات التحرر والتقدم العربي. وتدخل إيران في الدول العربية هو في صالح قوات التحرر من السيطرة الغربية والقوى الامبريالية العالمية. وإيران أصبحت دولة متقدمة وهذا الذي يجعل دول الرجعية العربية تقف الى جانب قوى الاستعمار الغربي وتحاربها. وإيران دولة إسلامية تسعى لكي تكون دولة متقدمة وتقف الى جانب قوى التحرر العربي وتحرر فلسطين وتستعيد القدس ولها أنشأت لواء باسم "فيلق القدس" وأننا لن نتحرر الا ان وضعنا أيدينا بيد إيران وننهض جميعا لنحارب الاستعمار الصهيوني والغربي.
حاولت الكلام معه الا انه انطلق كالمدفع الرشاش لا يقف ويكيل الاتهامات لي ولدول الخليج، بأننا نعيق التقدم والتحرر ولن نتحرر ما دامت أنظمة الحكم الخليجية والمصرية قائمة، واول خطوة نحو التقدم هي بتغيير هذه الأنظمة التي يتهمها بالعميلة والرجعية.
استمعت دون الرد عليه، فعندما يفتح الانسان فمه تغلق أذنيه ومن يتكلم لا يسمع، ومن لا يسمع لا يمكن ان يفهم ما تقول، والنقاش يقوم عندما أحد الطرفين يتكلم والأخر يسمع ويتبادلان الأدوار.
الكثير من إخواننا العرب اتخذوا هذا الرأي وهو ان إيران دولة مظلومة معنا نحن الخليجيين والعرب الذين يقفون ضدها، ونحن نكرر ما يقوله الاعلام الغربي والاميركي. ونكيل لها الاتهامات ونحاربها لأننا اما متواطئون مع قوى الاستكبار العالمي، ومتعاونون مع الامبريالية الغربية، أو اننا نطبل لأنظمة الحكم الخليجية والعربية.
قلت له سأكتب لك رأيي كتابة، وله حق الرد عليّ سواء على صفحتي تويتر او الفيسبوك.
يقول إيران دولة تتقدم وتصنع الأسلحة التي ستحارب بها إسرائيل، وهذا مردود عليه فالأسلحة الإيرانية هي نقل وتقليد لأسلحة اجنبية، فالصواريخ هي صواريخ من كوريا الشمالية تم تمويهها وينقصها التوجيه والدقة في الإصابة واتضح هذا في مئات الصواريخ البالستية التي أطلقها الحوثيون على السعودية ولم يصب أي منها هدفه. وفضيحة الفوتوشوب في صور التجربة الصاروخية الإيرانية كافية لتعلم ان الهدف دعائي وليس عملياتيا، وفضيحة أخرى وهي طائرة الكوثر الإيرانية التي اتضح انها طائرة أميركية قديمة تم تغيير بعض من شكلها، ومن يبيح لنفسه خداعك مرة لا تأمن له مرة أخرى إذا كان الحكم يصدر عن عقل وليس عن هوى.
كم خدعنا نحن العرب. فصواريخ جمال عبدالناصر، "القاهر" و"الظافر" وصواريخ صدام حسين "الحسين" و"العباس" وغيرها ولن نخدع مرة أخرى حتى تتضح لنا الحقائق. صواريخ إيران لا تختلف عن تلك الخدع.
ثم لو اتفقنا، فرضا فقط، ان إيران تقدمت في صنع الأسلحة، فماذا استفدنا منها؟ هل استفدنا منها في العراق او سوريا او لبنان او اليمن؟
هل إطلاق الصواريخ نحو مكة المكرمة هي مكرمة للنظام الإيراني؟
ثم القول ان إيران تسعى لتحرير العرب من القوى الإمبريالية، هل يصمد الادعاء امام تحقيق الباحث؟
هل نسينا تصريح أحد كبار السياسيين الإيرانيين ان إيران أصبحت تسيطر على أربع عواصم عربية؟
هل نخرج من الامبريالية الغربية لنقع في الامبريالية الإيرانية؟
هل الاجرام ضد السنة والشيعة في العراق وسوريا بل ولبنان هو ما ننساه أو نؤيده؟
هل تحررنا بإثارة النعرات الطائفية؟
تحرننا من السيطرة او الاستعمار والإمبريالية والاستكبار يجب يكون تاما، الغربي والإيراني، الاستعمار الإيراني استعمار مذهبي ديني عقلي انساني، وهذا الاستعمار مذكور في الدستور الإيراني (تصدير الثورة الشيعية الاثني عشرية) فهل نحرج من مصيبة لنسقط في مصيبة أكبر واشد؟
الاستعمار الغربي والقواعد العسكرية موجودة في اليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا، وليتنا نكون مثل أحد هذه الدول، ولنقارنها بالعراق وسوريا ولبنان.
صراع إيران وإسرائيل ليس صراع وجود، بل هو صراع مصالح، وصراع المصالح يمكن تسويته بتوزيع المصالح واعتراف كل طرف بمصالح الطرف الاخر، وهذا هو أحد اسباب النزاع الأميركي الإسرائيلي وإيران.
يتصارعان حول مصالحهم في المنطقة، وهذا عبر عنه صراحة في أحاديث وشروط الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهو " التدخل في المنطقة" فأحد المطالب الرئيسية لترامب هو تعديل السلوك الإيراني في المنطقة والاقليم.
تدخل إيران في السياسة العراقية ولبنان وسوريا يوضح لنا الصورة، فمن يدافع عن إيران ويسعى للوقوف معها انما هو كالمستجير من الرمضاء بالنار، فهي رمضاء أميركا او نار إيران.
نحن نسعى للتحرر من كلا الاثنين، وواضح هذا في السياسة الخليجية، ويتضح هذا بطرد السفير الكندي والتهديد السعودي للغرب ان أي عقوبات ستفرض على السعودية ستستجيب لها السعودية بإجراءات أكثر حدة وقوة، والاستثمار السعودي الضخم في الصندوق السيادي الروسي الصيني هو تنبيه للغرب بان السعودية جادة فيما تقول، ومؤتمر دافوس الصحراء كانت نتائجه واضحة، وهو طريق للتحرر في العلاقات الغربية الخليجية ولن تكون علاقات سيطرة بل علاقات مصالح فكلنا دول في هذه الأرض نتبادل المصالح ولكل دولة كيانها السياسي.
ومن يطالب بغير هذا فليعطنا البديل، بديل حقيقي واقعي، بديل فعال يحفظ مصالح الوطن وحياة المواطن ونمو وازدهار المستقبل.
الباب مفتوح للاقتراحات، ولكن لن نهرب من الرمضاء الى النار.