رفتن به محتوای اصلی

إيران وروسيا نحو مزيد من الشراكات الدفاعية والاقتصادية

تحالف بحري
AvaToday caption
تحاول إيران وضع سلوكها في الممرات البحرية والانتقاد الأميركي المقابل له في إطار إرادة واشنطن لتعطيل المثلث الإيراني - الصيني - الروسي
posted onMay 19, 2023
noدیدگاه

هدى رؤوف

بينما تستمر الولايات المتحدة في توجيه الانتقادات لإيران، تعمل الأخيرة على استثمار مناخ الانفراج الإقليمي الذي تشهده المنطقة، والبناء على الاتفاق مع السعودية لانتهاج المسار السياسي والدبلوماسي لتسوية أزمات الإقليم، إذ تسعى من جهة أخرى إلى تعزيز شراكاتها مع روسيا على أكثر من مستوى وبوتيرة متسارعة.

فعلى المستويين الدفاعي والبحري، وبعد إمداد روسيا بالطائرات المسيرة، تعمل إيران في الفترة الأخيرة على تعزيز التعاون البحري العسكري معها، إذ زار قائد البحرية الروسية الأدميرال نيكولاي يفمينوف طهران لمناقشة تعزيز التعاون الثنائي.

وجاء مسعى طهران إلى تشكيل تحالف بحري مع روسيا في ظل انتقادات واشنطن لها في شأن ما ينظر إليه على أنه سلوك إيراني مزعزع للاستقرار في الممرات البحرية، وتستمر المكايدة الإيرانية للولايات المتحدة، إذ دعا قائد البحرية الإيرانية إلى تشكيل لجنة مشتركة لمزيد من التفاعل في المجالات التدريبية والفنية.

وتأتي تلك الخطوات بعد شهرين من إجراء إيران وروسيا والصين تدريبات بحرية مشتركة لمدة أربعة أيام في خليج عمان. وتحاول إيران وضع سلوكها في الممرات البحرية والانتقاد الأميركي المقابل له في إطار إرادة واشنطن لتعطيل المثلث الإيراني - الصيني - الروسي وعرقلة التعاون الثلاثي.

وكرد فعل على احتجاز القوات البحرية الإيرانية ناقلتي النفط "أدفانتج سويت" التي ترفع علم جزر مارشال، و"نيوفي" التي ترفع علم بنما، أعلن البنتاغون خططاً لإرسال تعزيزات إلى الخليج العربي بفعل المضايقات المتزايدة من القوات الإيرانية في الممرات البحرية.

كما أعلنت البحرية الأميركية أنها ستزيد الدوريات المخطط لها مع الحلفاء في مضيق هرمز وحوله رداً على سلسلة من عمليات الاستيلاء على ناقلات تجارية من إيران. ومن ثم تعمل الأخيرة على استعراض قوتها البحرية في مياه الخليج عبر اعتراض ناقلات النفط ومناوأة البحرية الأميركية من جهة، وتعزيز التعاون البحري مع روسيا من جهة أخرى.

تعزيز التعاون البحري والدفاعي بين روسيا وإيران يأتي في إطار محاولة الدولتين التحايل على العقوبات الأميركية في إطار جهودهما لتعزيز التجارة الثنائية، ويمتد التعاون ليشمل توقيع الطرفين صفقة سكك حديدية بقيمة 1.6 مليار دولار، إذ اتفقت الدولتان على بناء خط سكة حديد بين مدينتين إيرانيتين، وتعد الصفقة جزءاً من ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب الذي يعمل الطرفان على تطويره مع الهند لمنافسة قناة السويس.

ويهدف الاتفاق إلى بناء خط سكة حديد بطول 162 كيلو متراً بين مدينة رشت الإيرانية على بحر قزوين ومدينة أستارا الإيرانية على الحدود مع أذربيجان. وتعمل إيران وروسيا منذ سنوات على تعزيز التجارة، بما في ذلك عبر ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب.

يحاول البلدان تطوير علاقاتهم الاقتصادية للتعايش في ظل العقوبات، فعلى المستوى الاقتصادي وقعت إيران وروسيا مذكرة لإنشاء مركزين تجاريين متبادلين في طهران وسانت بطرسبورغ، كما أعلنت طهران أنها بدأت استخدام عملتها الخاصة (الريال) والروبل الروسي في التجارة الثنائية. وتأتي تلك الخطوة كجزء من جهد لتقليل الاعتماد على الدولار الأميركي في المعاملات التجارية.

كما وقع الطرفان على اتفاق الرسائل المالية بين مصرفيهما، التي جاءت رداً على نظام الرسائل المالية الدولي (SWIFT) الذي يحظر البنوك من كلا البلدين بسبب العقوبات الأميركية والغربية، كما وقعت وروسيا صفقة بقيمة 497 مليون دولار لاستيراد سيارات من شركة صناعة السيارات الإيرانية "سايبا".

وكرد فعل على التعاون الروسي – الإيراني حذرت واشنطن من أن البلدين يوسعان شراكتهما الدفاعية غير المسبوقة. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إن "التفاعلات بين إيران وروسيا في الأمور المتعلقة ببيع أسلحة متطورة، وبخاصة الطائرات من دون طيار، مستمرة إلى الآن".

وكلما حاصرت العقوبات الأميركية كلاً من روسيا وإيران اتجه الطرفان إلى تعزيز الشراكات بينهما، إذ اعتبر إبراهيم رئيسي أنه بمجرد اكتمال الصفقة الموقعة مع روسيا ستتعزز التجارة الإقليمية، مشيراً إلى الإمكانات الكبيرة في العلاقات معها.

وزار نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك إيران لمناقشة مشاريع جديدة في مجال التنقيب عن النفط والغاز. وقال الوزير الإيراني جواد أوجي إن الشركات الروسية تستثمر حالياً في سبعة حقول نفطية إيرانية، وتم الاتفاق على أن تستثمر موسكو في تطوير ستة حقول أخرى. كما افتتح ثاني أكبر بنك في روسيا (VTB) أخيراً مكتباً تمثيلياً في إيران، إذ يتجه البلدان نحو ربط أنظمتهما المصرفية للالتفاف على العقوبات.

من الواضح أن إدارة إبراهيم رئيسي تعمل على تحقيق دبلوماسيتها التي أعلنتها في بدايتها توليها الحكومة، وهي عدم الاعتماد على فتح آفاق تواصل مع الغرب، بل النظر شرقاً نحو آسيا وروسيا وجيران إيران الإقليميين لتعزيز وضعها الاقتصادي والتحايل على الضغوط الاقتصادية الأميركية، لكن من جانب آخر تستمر سياستها في إحداث توترات في مياه الخليج لمناوأة الولايات المتحدة والضغط عليها.