كشفت إيران الاثنين أن الولايات المتحدة رفضت عرضا قدمته لها لإجراء عمليات تفتيش كثيفة لمنشآتها النووية مقابل رفع العقوبات عنها، مؤكدة أن سبب ذلك هو أن واشنطن "لا تسعى إلى الحوار".
ويتناقض هذا الإعلان مع التصريحات الرسمية التي أطلقها الرئيس الإيراني حسن روحاني وكبار المسؤولين في حكومته والتي أعلنوا فيها رفضهم التفاوض مع واشنطن تحت الضغط.
ويسلط هذا التطور أيضا الضوء على سعي إيران لفتح قنوات اتصال سرّية مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للخروج من مأزق العقوبات.
وأظهرت طهران في العلن مقاومة شرسة للضغوط الأميركية، لكن العقوبات التي أثقلت على اقتصادها ودفعته لحافة الهاوية أرغمتها على التحرك سرّا لإيجاد مخرج لورطتها الآخذة في التفاقم.
وكان ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو قد قالا في تصريحات سابقة إن إيران تبحث عن مخرج لأزمتها. وعرضت واشنطن على الحكومة الإيرانية التفاوض على اتفاق جديد يشمل قيودا أكبر على برنامجيها النووي والصاروخي، لكن طهران رفضت العرض وقالت إنها لن تتفاوض تحت الضغط، مطالبة بإنهاء العقوبات كشرط لأي حوار.
وبموجب الاتفاق النووي المبرم في 2015، يتعين على إيران المصادقة على وثيقة تعرف باسم البروتوكول الإضافي وتقضي بإجراء عمليات تفتيش أكثر تشددا لبرنامجها النووي بعد ثماني سنوات من إقرار الاتفاق.
وإيران ملزمة بتطبيق البروتوكول الإضافي وبالتالي فإن عرضها يبدو محاولة للالتفاف على التزاماتها النووية وأيضا محاولة لإظهار أنها ترغب في إنهاء التوتر القائم في المنطقة والناجمة أساسا عن أنشطتها المزعزعة للاستقرار خاصة في مضيقي باب المندب حيث ينشط وكلاؤها الحوثيون وفي مضيق هرمز حيث نفذ الحرس الثوري الإيراني هجمات على 6 ناقلات للنفط، أربع منها قبالة السواحل الإماراتية واثنتان منها في بحر عُمان إضافة إلى احتجاز ناقلة نفط أخرى ترفع العلم البريطاني.
وقال عباس موسوي المتحدث باسم الخارجية الإيرانية "لو أن الولايات المتحدة تسعى حقا لاتفاق يمكن لإيران أن تحول البروتوكول الإضافي إلى قانون في 2019 وفي الوقت ذاته تقدم الولايات المتحدة خطة للكونغرس وترفع جميع العقوبات غير القانونية".
إلا أنه تدارك بالقول "لكن وكما توقعنا فقد رفضوها لأننا نعلم بأنهم لا يريدون المحادثات أو التوصل إلى اتفاق يمكن أن يثمر نتيجة ملائمة".
وبحسب موسوي، قام وزير الخارجية محمد جواد ظريف بتقديم الاقتراح خلال زيارة هذا الشهر لنيويورك لدحض فكرة أن "إيران ترفض المحادثات بينما ترغب الولايات المتحدة في الحوار".
ويسود التوتر بين طهران وواشنطن منذ انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي العام الماضي وإعادة فرضه عقوبات قاسية على طهران.
وأعلنت إيران في مايو/أيار أنها لن تلتزم ببعض بنود الاتفاق بشأن برنامجها النووي ردا على العقوبات الأميركية وهددت بالمزيد من الخطوات في حال لم تساعد الدول الأخرى الموقعة على الاتفاق المبرم في العام 2015 وهي بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا، في الالتفاف عليها خصوصا في ما يتعلق ببيع النفط.
والتقى مبعوثون من الدول الأربع وإيران في فيينا أمس الأحد لمناقشة سبل منع انهيار الاتفاق وسط تزايد التوترات.
وقال موسوي إن إيران احتجت بقوة خلال الاجتماع على "أسلوب وعدم تحرك الأوروبيين واعتقال عدد من الإيرانيين في أوروبا بطلب من أميركا" ومصادرة ناقلة نفط إيرانية قبالة جبل طارق مطلع يوليو/تموز وهي الناقلة الضخمة غريس 1 التي يشتبه بأنها كانت تقل نفطا لسوريا في انتهاك للعقوبات الأميركية والأوروبية على النظام السوري.
وأكد أنه رغم الخلافات فإن المحادثات كانت "صريحة وحاسمة وهدأت الأجواء" لمواصلة العملية، إلا أن اجتماع فيينا الذي خيم عليه التوتر لم يحرز اي تقدم يذكر رغم أن طهران تحدثت عن محادثات بناءة وايجابية.