تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

صراع مراكز القوى في إيران يخرج للعلن

روحاني في الأحواز
AvaToday caption
أثارت انتقادات روحاني للحرس الثوري رد فعل لدى وسائل إعلام المليشيا إلى حد محاولتها التهرب من إصدار أوامر بتفجير الطرق وخطوط السكك الحديدية، وحاولت حرف الأنظار إلى أن بعض المحافظين الإيرانيين هم من قرروا هذا الأمر
posted onMarch 30, 2019
noتعليق

يبدو أن الضغوط الدولية تجاه سياسات طهران العدائية إقليميا رفعت من وتيرة الصراع بين أركان السلطة داخل نظام ولاية الفقيه، حيث هاجم الرئيس الإيراني حسن روحاني ضمنيا أداء عناصر مليشيا الحرس الثوري التي شاركت بناء على طلبه في عمليات تصريف لمياه فيضانات عارمة ضربت أغلب أنحاء البلاد.

واعتبر روحاني على هامش كلمة له مساء الجمعة في اجتماع حكومي بإقليم الأحواز (تقطنه أغلبية عربية جنوب إيران) أن "تفجير خطوط السكك الحديدية والجادات الرئيسية (من قبل الحرس الثوري) بهدف عرقلة تقدم مسار السيول الجارفة في مناطق مختلفة من البلاد لم يكن له تأثير مطلقا"، وفق قوله.

وتأتي انتقادات روحاني على النقيض تماما من احتفاء وسائل إعلام إيرانية مقربة من الحرس الثوري بتفجير عناصره لطرق وخطوط سكك حديدية في بعض المحافظات الإيرانية، وخاصة مدينة "آق قلا" الواقعة شمالا والتي طمرتها مياه الفيضانات في نطاق محافظة جولستان (ضمن الأكثر تضررا)، بدعوى أن الأمر كان إنجازا.

وأضاف الرئيس الإيراني أن هذه الأساليب لتصريف السيول من قبيل قطع الطرق وتفجير خطوط القطارات لم تسفر عن شيء سوى نقل المياه من جانب إلى آخر، مؤكدا في الوقت نفسه أن مياه الأنهار الزائدة كان يجب تصريفها مسبقا، حسبما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا".

وبعد ساعات من طلب روحاني تدخل الحرس الثوري والجيش حيال كارثة الفيضانات التي أصابت أجهزة النظام الإيراني بالشلل التام، أعلن قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري، الأربعاء الماضي، أن فرقا هندسية تابعة للمليشيا تمكنت من تفجير جانب من خط سكك حديدية يربط بين مدينتي جرجان واينتشه برون الواقعتين شمالا.

وأشار جعفري، وفقا لوكالة أنباء تسنيم، إلى أن الهدف من هذه العمليات تفريغ مياه الفيضانات التي تشهدها البلاد منذ أسابيع، والتي اجتاحت 25 محافظة على الأقل من إجمالي 31 حيث تكبدت محافظتي جولستان (شمال)، وفارس (جنوب) النصيب الأكبر من الخسائر المادية والبشرية.

ووصف محسن رضائي (قائد سابق للحرس الثوري) ويتولى حاليا أمين عام مجمع تشخيص مصلحة النظام (أعلى هيئة استشارية في إيران) عمليات التفجير التي نفذتها فرق الحرس الثوري بشكل أثار الذعر داخل مناطق منكوبة بـ"تفجيرات الأمل".

يشار إلى أن قاعدة "خاتم الأنبياء" العسكرية التابعة للحرس الثوري والتي تدير شبكة واسعة من أنشطة المقاولات ومشروعات البنية التحتية في البلاد هي التي نفذت بعض أعمال تدشين خطوط سكك حديدية محليا جرى تفجيرها لاحقا بدعوى تصريف السيول.

وكشف نور محمد تربتي نجاد (نائب برلماني عن مدينة جرجان) أن أحد خطوط السكك الحديدية التي نفذتها هذه المؤسسة العسكرية ذات الطبيعة الاقتصادية لم يكن مخططا لها تدشين معابر مائية أسفلها لتصريف المياه حال هطول أمطار غزيرة.

وأثارت انتقادات روحاني للحرس الثوري رد فعل لدى وسائل إعلام المليشيا إلى حد محاولتها التهرب من إصدار أوامر بتفجير الطرق وخطوط السكك الحديدية، وحاولت حرف الأنظار إلى أن بعض المحافظين الإيرانيين هم من قرروا هذا الأمر.

ووصل الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى إقليم الأحواز الغني بالنفط والواقع جنوبي البلاد، الجمعة، وسط انتقادات من نشطاء أحوازيين بسبب فشل منظومة الطوارئ، وسط مخاوف من غرق مدن الإقليم جراء انهيار السدود المقامة على 3 من أنهار كبرى أبرزها كارون في ظل تدفق مياه السيول من محافظات أخرى.

ويواجه سدي (دز والكرخة) جنوب غربي إيران خطر الانهيار بسبب امتلائهما بالكثير من مياه الفيضانات، بينما تسود تحذيرات من غرق عشرات القرى و3 مدن، فضلا عن تضرر قرابة 278 قرية و125 ألف هكتار زراعي، في الوقت الذي يطالب سكان محليون بسرعة إخلاء هذه المناطق.

صراع مكتوم بين مراكز القوى المنضوية تحت عباءة نظام المرشد الإيراني علي خامنئي خرج للعلن، حيث نقلت وسائل إعلام إيرانية مقربة من الحرس الثوري، السبت، تصريحات أدلى بها جعفري (قائد المليشيا) منتقدا هو الآخر حديث روحاني قائلا في لهجة حادة: "لا تلقونا بالاتهامات" معتبرا أن الأجهزة الحكومية تقاعست عن أداء واجبها على الوجه الأكمل تجاه الفيضانات على غرار المؤسسات العسكرية في البلاد، وفق زعمه.

يشار إلى أن مليشيا الحرس الثوري الإيراني باتت ذات أذرع طولى داخل البلاد وخارجها، بحيث أصبحت أقوى من هيئات حكومية في ظل ميزانية سنوية تتجاوز 7 مليارات دولار أمريكي، واستحواذها على أكثر من 50% من إجمالي الاقتصاد المحلي في مختلف المجالات.

ويرى مراقبون أن استقالة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف (تراجع عنها لاحقا)، في فبراير/شباط الماضي، جاءت بعد خلافات شديدة مع جنرالات مليشيا الحرس الثوري الإيراني حول كيفية إدارة نفوذ طهران في دول المنطقة التي تتموضع بها مليشيات عسكرية مدعومة من نظام الملالي.

يذكر أن أدوار "قاسم سليماني" قائد فيلق القدس (ذراع عسكرية خارجية لتنفيذ اغتيالات وخطط تخريبية) وأحد أبرز جنرالات الحرس الثوري المدرج على قوائم الإرهاب دوليا منذ عام 2011، تعددت في بلدان إقليمية، فضلا عن تدخله المعلن في السياسات الخارجية لبلاده.

وأجرى سليماني مؤخرا لقاءات رسمية مع مكونات سياسية موالية لنظام ولاية الفقيه في العراق، وعناصر المليشيات الحوثية الانقلابية في اليمن، وصولا إلى مليشيا حزب الله في بيروت، وأخيرا حضوره اللافت في زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى العاصمة الإيرانية طهران، دون حضور ظريف.

وفي أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني في مايو/أيار الماضي، جاء أول ردٍّ على لسان قاسم سليماني وليس ظريف الذي توارى عن المشهد تماما في ظل تصريحات عدائية أطلقها قائد المليشيا المختصة بتنفيذ خطط اغتيالات وعمليات استخباراتية معادية خارج الحدود.

الواقعة الأوضح على مدى صراع مراكز القوى في إيران، نقلها شهود عيان وفقا لصحيفة "جهان صنعت" المحلية في يونيو/حزيران الماضي، حيث نشبت مشاجرة كلامية بين الرئيس الإيراني حسن روحاني، وقاسم سليماني بدعوى خلافات حول مخصصات مالية يهدرها الحرس الثوري في القتال خارجيا، على هامش إقامة صلاة عيد الفطر في طهران حينها.

وتضمن حديث سليماني الحاد، بحسب الرواية المنشورة، تحذيرات لروحاني من عدم تخصيص مبالغ إضافية للإنفاق العسكري لدعم عناصر المليشيات الإيرانية التي تقاتل في بلدان اليمن، وسوريا، والعراق، وغيرها لتنفيذ خطط نظام ولاية الفقيه التخريبية، قبل أن يتدخل علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، للفصل بين الطرفين بعد توتر الموقف بشكل أثار انتباه الحضور.