تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

معارضو فرنجية يوحدهم التصدي لإيران

لبنان
AvaToday caption
بعد ثلاثة أيام أمضاها في الإصغاء للأطراف المختلفة، فإن الشيء الوحيد الذي حصل عليه هو أن الفرقاء اللبنانيين يقفون على طرفي خندق، ويريد حزب الله أن يفرض جسرا وحيدا بينهما هو فرنجية
posted onJune 25, 2023
noتعليق

اختتم المبعوث الفرنسي الخاص جان إيف لودريان جولة مباحثاته الأولى مع الزعماء السياسيين في لبنان، من دون أن يقدم مبادرة، ولكن من دون أن يمتلك تصورا للمخرج من أزمة الاستحقاق الرئاسي أيضا.

ولئن وعد لودريان بالعودة من جديد إلى بيروت، فالحقيقة هي أنه ليس لديه ما يعود به، لأن الشروخ بين الأطراف اللبنانية ظلت هي نفسها. فبينما تمسك “الثنائي الشيعي” بترشيح سليمان فرنجية، ولا أحد سواه، فقد تمسكت الأطراف التي رشحت جهاد أزعور، برفضها لفرنجية، في دلالة على أن المسألة الأهم بالنسبة إليها هي مقاومة النفوذ الإيراني.

ولئن بدا أن أزعور هو مرشح توافق فيما بينها، فليس بالضرورة التمسك به، بل لأن الأسماء الأخرى تثير انقسامات وتدمر “التقاطعات” التي أثمرت الالتفاف حول أزعور.

وفسر رئيس مجلس النواب نبيه بري سبب تمسكه وتمسك حزب الله بفرنجية بالقول إنه “صادق وصريح ويلتزم بكلامه، وإنه مستعد للمشاركة بأيّ حوار يُدعى إليه في المجلس النيابي”.

وهذا ما سمعه لودريان من بري، بينما سمع من ممثلي الطرف الآخر أنهم متمسكون برفض مرشح حزب الله، لأنه بمثابة واجهة للنفوذ الإيراني، ولأنه لا يمثل شيئا بالنسبة إلى الكتلة المسيحية الأكبر في البرلمان، ولا في الشارع المسيحي.

وقال النائب أشرف ريفي وزير العدل ومدير عام قوى الأمن الداخلي السابق، إن حوارات لودريان اقتصرت على سؤالين: الأول: ما هو توصيفكم للأزمة الراهنة. والثاني: ما هي رؤيتكم في كيفيّة الخروج من الواقع الراهن.

ودافع ريفي زعيم كتلة التجدد، التي تضم إلى جانبه النواب ميشال معوض وفؤاد المخزومي وأديب عبدالمسيح، عن فكرة عقد جلسة واحدة بدورات متتالية لانتخاب رئيس وليس جلستين تنتهي الثانية بـ”تطيير النصاب”.

وقال ريفي إن حزب الله “صرّح مراراً وتكراراً عن قدرته في التحكّم باللعبة ساعة يشاء، فأوضحنا (للودريان) أن هناك حالة سياديّة ترفض الهيمنة الإيرانيّة التي يشهدها لبنان من خلاله، وهي حالة مسيحية – إسلاميّة متماسكة بشكل كبير، ونحن مستمرون من أجل تعزيز هذه الحالة أكثر فأكثر لنتمكن من كف اليد الإيرانيّة عن الوطن”.

ويقول مراقبون إن “التقاطعات” التي نجحت في جمع 59 صوتا لصالح أزعور في جلسة 14 يونيو للمجلس النيابي، يمكن أن تتمزق إذا ما تم التداول في أسماء أخرى. وفي الوقت نفسه، فليس هناك ما يضمن أن حزب الله لن يعتبر أيّ مرشح آخر “تحديا” له كما وصف ترشيح أزعور.

وتقول الأوساط المعارضة لحزب الله، وخاصة على الجبهة المسيحية، إن على حزب الله نفسه أن يطرح أسماء بديلة لكي يمكن الاختيار فيما بينها. وسواء أكان ذلك يعني التخلي عن فرنجية أو بقائه ضمن قائمة يختارها الحزب، فإن الكلمة الفصل حينئذ ستعود إلى الفريق الآخر ليرى أيّ الأسماء هو الأصلح.

ويقول مراقبون إن صيغة “أن يطرح حزب الله أسماء يقترحها بنفسه”، توفر فائدة على وجهين، الأول، هو أن القائمة لن يعتبرها حزب الله “تحديا” له. والثاني، هو أنها تجنب الطرف الآخر التمزق حول البدائل. وتذهب التوقعات في هذا الاتجاه، إلى أن فرنجية وأزعور سوف يسقطان معا، لتدور الأفضلية نحو باقي المرشحين.

إلا أن هذا السيناريو تبدد مرة أخرى عندما أعلن “الثنائي الشيعي” أنه لن يتخلى عن فرنجية ولن يطرح أسماء بديلة.

وهذا الواقع يزيد في تعقيد المهمة أمام لودريان. فبعد ثلاثة أيام أمضاها في الإصغاء للأطراف المختلفة، فإن الشيء الوحيد الذي حصل عليه هو أن الفرقاء اللبنانيين يقفون على طرفي خندق، ويريد حزب الله أن يفرض جسرا وحيدا بينهما هو فرنجية.

وقال لودريان إنه سوف يرفع تقريرا حول مهمته إلى الرئيس إيمانويل ماكرون “وسأعود مجددا إلى بيروت في القريب العاجل لأن الوقت لا يعمل لصالح لبنان”.

وذكر “سوف اعمل على تسهيل حوار بناء وجامع بين اللبنانيين من أجل التوصل إلى حل يكون في الوقت نفسه توافقياً وفعالا للخروج من الفراغ المؤسساتي والقيام بالإصلاحات الضرورية لنهوض لبنان بشكل مستدام وذلك بالتشاور مع الدول الشريكة الأساسية للبنان”.

إلا أنه لم يقدم تصورا حول الأسس المقترحة للحوار، طالما أن المعادلة بين الطرفين تكاد تقول على جانب الخندق الأول: “إما فرنجية أو لا أحد”. وتقول على جانب الخندق الثاني: “أي أحد، إلا فرنجية” لأنه يمثل المشروع الإيراني في لبنان.

وكان ريفي ذكّر لودريان بالأسباب التي تجعل مواجهة المشروع الإيراني هي الأساس بالنسبة إلى الأطراف المعارضة قائلا “الجميع يعلم أن من أقدم على تفجير مقر مشاة البحرية الأميركية (المارينز) والقوات الفرنسيّة في بيروت هو حزب الله أو جماعة إيران، حين استشهد 58 جندياً فرنسياً على أرضنا، ناهيك عن كيفية اختطاف الملحق الفرنسي وتصفيته، بالإضافة إلى قتل الباحث الاجتماعي ميشال سورا الذي كان لي دور شخصيّ في عمليّة اكتشاف جثته، وبالتالي لا يمكن للفريق الآخر ممارسة إرهابه علينا والتحكم فينا، ولقد تمكنا من تبديد الخوف والتردد في مواجهة هذا المشروع”.

ويقول مراقبون إن السيناريو الذي يمكن أن يعود إليه لودريان يقوم على فكرة عقد “طاولة حوار للتفاهم حول الأساسيات وقضايا الإصلاح المطلوب”، وبناء على نتائجها يتم اختيار المرشحين المناسبين للرئاسة لتنفيذها. إلا أن هذا السيناريو يظل يواجه عقبة “إما فرنجية أو لا أحد” نفسها، الأمر الذي يجعل “العودة في القريب العاجل” للودريان، شيئا مستبعدا.