تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

مصير "الحجاب الإلزامي".. إذا أُجري استفتاء

نساء يتحدن السلطة برفع الحجاب
AvaToday caption
في حال توفر ظروف حرة وآمنة، فإن غالبية الفتيات وحتى النساء اللواتي في منتصف العمر بالمدن الكبيرة، التي لا توجد فيها تقييدات ثقافية واجتماعية، سيقلن "لا" للحجاب الإلزامي
posted onJanuary 8, 2019
noتعليق

مرتضی كاظميان

قال نائب رئيس البرلمان الإيراني، علي مطهري: "إذا تم إجراء استفتاء حول قضية الحجاب، فستصوت الأغلبية لصالحه".

وفي الواقع تتعارض البيانات الموثقة والعلمية الصحيحة والحقائق الاجتماعية العديدة مع تقييم النائب؛ ففي يوليو (تموز) الماضي، نشر مركز أبحاث البرلمان نتائج بحث حول "تدخل الحكومة في قضية الحجاب"، وكشف التقرير أن ما بين 60 إلى 70 في المائة من النساء في المجتمع تم إدراجهن في تصنيف الحجاب السيئ- حسب التعريف الديني- في حين أن 30 إلى 40 في المائة من النساء يدخلن في تصنيف الملتزمات بالحجاب، بينما يرتدي نحو 13 في المائة من النساء حجابًا تقليديًا.

أما بيانات الموجة الثالثة من "استطلاع القيم والرؤية الإيرانية"، الصادرة عن وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي في عام 2015، فإنها تظهر أيضًا أن نحو 22 في المائة يدعمون "الحجاب الإلزامي".

بالإضافة إلى ذلك، فإن غالبية المواطنين يوافقون على "الحجاب الاختياري"، في معظم محافظات البلاد، باستثناء جنوب خراسان.

وتظهر البيانات المأخوذة من هذا الاستطلاع أنه مع زيادة التعليم، تزداد معارضة "الحجاب الإلزامي". ومع ذلك، حتى في الجماعات غير المتعلمة والأمية، فإن الأغلبية تؤيد "الحجاب الاختياري".

كما أفاد مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لرئاسة الجمهورية، في تقرير له، شتاء العام الماضي، بتغيير كبير في نظرة الإيرانيين حول قضية الحجاب في السنوات الأخيرة، حيث إن هناك زيادة في نسبة رافضي "الحجاب الإلزامي".

ومن ناحية أخرى، هناك كثير من الحقائق الاجتماعية المتنوعة، خلافًا لتقييم على نائب رئيس البرلمان الإيراني علي مطهري. إحدى هذه الحقائق هي زيادة حالات عدم الالتزام بالحجاب الشرعي في السيارات؛ الأمر الذي أدى إلى رد فعل سلبي وحاد من المسؤولين الحكوميين، حيث طالبت وزارة داخلية الحکومة “المعتدلة” بضرورة "التصدي" للنساء اللواتي "يقمن برفع الحجاب في السيارة"، كما تحدث قائد الشرطة عن "التصدي لکسر القواعد والمعايير وعدم الالتزام بالحجاب في السيارة"، و"إنذار" صاحبها وحتى إيقافها.

وفي تصريح آخر، تحدث آية الله مكارم شيرازي، الأسبوع الماضي، عن "مشکلة الحجاب السيئ" في مدينة قُم، والذي "لا يوجد فقط حول المزار، ولكن أيضًا في كل مكان مما يؤثر سلبًا على أمن الأسر والمجتمع".

وبعد أربعين عامًا من استقرار الجمهورية الإسلامية، التي ارتبط اسمها بمفهوم "الحجاب الإلزامي"، وصف المرجع شيرازي المقرب من السلطة، قضية الحجاب بأنها "قضية أمنية وقضائية"، وهو ما يدل على تزايد رفض الحجاب الإلزامي.

إن التصدي الأمني والقضائي الشديد لرافضي الحجاب الإلزامي (من فتيات شارع الثورة، إلى الناشطين مثل فرهاد ميثمي ونسرين سُتوده) هو مثال على هذا النهج الذي أوصت به مراجع حكومية، کما أنه هو نفسه يمثل الأرضية الاجتماعية ويزيد من طاقة الاحتجاج على "الحجاب الإلزامي".

بالإضافة إلى ذلك، تعد وسائل التواصل الاجتماعي منصة مهمة ومؤشرًا هامًا على توسع الهروب مما يسمى "الحجاب الشرعي". وهي حالة غير سارة بالتأکيد للدولة الدينية في إيران.

ويمكن القول، بكل تأكيد، إنه في حال توفر ظروف حرة وآمنة، فإن غالبية الفتيات وحتى النساء اللواتي في منتصف العمر بالمدن الكبيرة، التي لا توجد فيها تقييدات ثقافية واجتماعية، سيقلن "لا" للحجاب الإلزامي.

هذه الـ"لا"، قد بلورت نفسها الآن بطرق مختلفة (من غرف المنزل والأوساط العائلية والتجمعات العائلية، إلى شکل استخدام الأوشحة في السيارات، وكذلك في وسائل التواصل الاجتماعي)، ويُنتظر وضع آمن وحر، أو قبل ذلك إجراء "استفتاء" حول الحجاب؛ ولکن يبدو أن حدوثه في الجمهورية الإسلامية غير وارد.

وكان صادق لاريجاني رئيس السلطة القضائية الذي يرأس مجلس تشخيص مصلحة النظام أيضًا، قد وصف طلب رافضي الحجاب الإلزامي بإجراء استفتاء بـ"السخيف"، وقال: "هل تجري الحكومة الإسلامية استفتاء على ارتكاب فعل محرَّم؟!".

وسواء أُجري الاستفتاء أو لم يُجرَ، فإن "المقاومة" الملموسة والهادفة من الشباب المتعلم وحركته ضد الحجاب الإلزامي مستمرة، رغم كل الضغوط والتهديدات والقيود.

محلل سياسي وخبير في الشأن الإيراني