تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

إيران لن تعترف بحكومة "طالبان" من "البشتون"

إيران
AvaToday caption
كان انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان فرصة لطهران، على الرغم من عودة الحركة التي اعتادت شن هجمات في ما سبق على إيران، إلى الحكم. ولكن من جهة أخرى، تتحسس إيران لأي فوضى ربما تنزلق إليها كابول
posted onJanuary 7, 2022
noتعليق

هدى رؤوف

على الرغم من حرص قادة النظام الإيراني على توظيف الإسلام وتقديم إيران في صورة النموذج الإسلامي، ومخاطبة كل المسلمين بغض النظر عن مذاهبهم، سعياً إلى قيادة العالم الإسلامي، لا يمكن إغفال وجود خطاب خاص موجّه إلى الجماعات الشيعية باعتبار رابطة المذهب الديني التي تربطهم بإيران، وما زالت تعمل على توجيه جهودها من أجل قيادة العالم الشيعي. فسبق أن قال هاشمي رفسنجاني، الرئيس الإيراني الأسبق: "إننا باعتبارنا دولة شيعية نساعد الشيعة في كل مكان، حتى لو كانوا حزباً أو أقلية برلمانية. لقد أصبحت للشيعة مركزية الآن في إيران بعد قيام الثورة الإسلامية وإقرار نظام ولاية الفقيه في الحكم". يتأكد ذلك المنظور طيلة الوقت، وآخر مؤشراته تصريح طهران بأنها لن تعترف بالحكومة التي شكّلتها حركة "طالبان" في أفغانستان، وكلها من "البشتون". فقد قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إن بلاده ليست مستعدة للاعتراف رسمياً بحكومة "طالبان" في أفغانستان، مشيراً إلى أهمية وجود حكومة أفغانية شاملة. وأضاف "نأمل في أن يتحرك مجلس الحكم في أفغانستان من خلال أفعاله في اتجاه يمكّنه من تحقيق الاعتراف الدولي"، مؤكدأ أن إيران والدول المجاورة لأفغانستان تصرّ على تشكيل حكومة شاملة تعكس التنوع العرقي والديموغرافي لهذا البلد. تحاول طهران أن تقدم نفسها باعتبارها قادرة على أن تقنع دولاً أخرى بالاعتراف بالحكومة الأفغانية، إذا أدخلت إصلاحات في هيكلها الحكومي.

يأتي هذا التصريح على الرغم من أن إيران والصين وتركيا وروسيا أجرت محادثات رفيعة المستوى مع قادة "طالبان"، وأبقت على القنوات الدبلوماسية لدولها مفتوحة في أفغانستان.

وتبرر إيران موقفها بأنها تخشى أن تحدث أزمة في أفغانستان، ربما تفتح الطريق لمزيد من التطرف بالنسبة إلى تنظيم "داعش خراسان"، وأن تدهور الأوضاع واستمرار المشكلات الاقتصادية سيتسببان في مزيد من الهجرة.

وبشكل عام، تشكل أفغانستان أهمية كبيرة لطهران، إذ تشترك معها في حدود 900 كيلومتر وتستضيف حوالى 3.6 مليون لاجئ أفغاني. ومنذ استيلاء "طالبان" على السلطة في أغسطس (آب)، فر مئات آلاف المدنيين الأفغان إلى إيران عبر المعابر الحدودية.

وكان انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان فرصة لطهران، على الرغم من عودة الحركة التي اعتادت شن هجمات في ما سبق على إيران، إلى الحكم. ولكن من جهة أخرى، تتحسس إيران لأي فوضى ربما تنزلق إليها كابول، ما يؤثر سلباً في قدرتها على ممارسة النفوذ وإقامة علاقات تجارية مع أفغانستان التي تشابكت علاقتها الاقتصادية مع إيران، في محاولة من الأخيرة للتكيف مع موجة العقوبات الأميركية التي تعرّضت لها، بل قد تمتد أية تداعيات سلبية إلى إيران. لذا تعيّن على طهران تنفيذ عملية توازن دقيقة لتستفيد من انسحاب الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، فتعهدت بالعمل مع قادة "طالبان" الأفغان الجدد على الرغم من علاقتهما التاريخية المتوترة. ووصف الرئيس إبراهيم رئيسي الانسحاب الأميركي بـ"الهزيمة العسكرية للولايات المتحدة" وبأنها فرصة للسلام. بالطبع تريد طهران إخلاء كل الدول المجاورة لها من أي وجود أميركي.

ويمكن القول إن إيران تحاول من خلال هذا التصريح الذي اعتبرته "طالبان" تدخلاً في الشؤون الأفغانية، تعزيز صورتها بصفتها مدافعة عن الأقليات في العالم الإسلامي، لا سيما الشيعة، لذا فالتصريح بعدم الاعتراف بحكومة "طالبان"، هو للتعبير عن قلقها إزاء الأقليات العرقية والدينية في أفغانستان، خصوصاً الشيعة الهزارة، الذين اضطهدتهم الحركة، وكانت طهران تبذل ضغوطاً عليها من أجل عدم التعرّض لهم.