تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

معنى أن تكون الكرة في الملعب الإيراني

مفاعل
AvaToday caption
لم يكن القلق العالمي القديم مبنيا على وهم بل على واقع يشير إلى أن النظام الإيراني قد وضع نصب عينيه أن يمتلك السلاح النووي من أجل أن تكون حفلته العدوانية في المنطقة مغطاة بحماية لا تقبل المزاح
posted onOctober 27, 2021
noتعليق

فاروق يوسف

الأوروبيون يضحكون على أنفسهم والأميركان يفعلون الشيء نفسه حين يعتقدون أنهم يمارسون ضغطا على الإيرانيين من أجل أن يأتوا طوعا إلى المفاوضات في ما يتعلق بشؤونهم النووية التي يعتقد الإسرائيليون أنها باتت قريبة من حالة اعلان الحرب على العالم. وهو اعتقاد له ما يسنده من المعلومات.

لن تكون لعبة الانتظار آمنة. لم تكن آمنة يوما ما. غير أنها اليوم في أشد حالاتها خطرا. فالزمن الذي يمر من غير أن يظهر المجتمع الدولي نوعا من الصرامة في التعامل مع إيران، يقربها من تحقيق هدفها في الحصول على السلاح النووي. وهو ما تحتاجه لتعلن تمردها النهائي على كل المواثيق والاتفاقيات الدولية.

قبل الجميع استشعر الإسرائيليون أن لعبة الانتظار الغربي قد تنطوي على نوع من التواطؤ مع النظام الإيراني الذي مُنح الكثير من الفرص لكي بجد متنفسا من العقوبات الأميركية. كانت هناك دائما استثناءات تحث دولا وشركات كبرى على التعامل بأمان مع إيران خارج نظام العقوبات. وليست حالة العراق إلا واحدة من تلك الحيل الأميركية التي كان القصد منها سياسيا وليس إنسانيا.

فاللافت أن النظام الإيراني يقدم برامج التسليح وفي مقدمتها برنامجه النووي على كل جوانب الحياة في إيران وبالأخص الأوضاع المعيشية للمواطن العادي. وهي أوضاع مزرية لا تتناسب على الاطلاق مع قدرات دولة ثرية. ناهيك عن أن ذلك النظام ينفق على مشروعه التوسعي في المنطقة ما لا يمكن أن يسمح له بالإنفاق على التعليم والصحة وسواهما من الخدمات في الداخل الإيراني.

اما أكثر نقاط الموقف الغربي المتباطئ والمتساهل والمتمهل مدعاة للدهشة فإنها تكمن في التناقض الصارخ ما بين ذلك الموقف وبين حقيقة أن التسلح النووي خرج من دائرة التكهنات والافتراضات والتوقعات بعد أن أعلنت إيران بنفسها أنها بدأت في انتاج اليورانيوم المخصب بنسب عالية بما يتعارض مع الاتفاق النووي.

ولم يكن القلق العالمي القديم مبنيا على وهم بل على واقع يشير إلى أن النظام الإيراني قد وضع نصب عينيه أن يمتلك السلاح النووي من أجل أن تكون حفلته العدوانية في المنطقة مغطاة بحماية لا تقبل المزاح. كان السلاح النووي هو القاعدة الثابتة وليس الاستثناء المؤقت.  

وحين غضبت المملكة العربية السعودية من إدارة الرئيس اوباما وهي تحث الخطى في اتجاه توقيع الاتفاق النووي عام 2015 فقد كان لذلك الغضب أسبابه التي حاولت المملكة من خلالها أن توضح للإدارة الأميركية أنها ليست غافلة عما يتم التخطيط له على صعيد تقديم الدعم لقوى الإسلام السياسي من أجل اشاعة الفوضى وتهديد استقرار المجتمعات العربية.

كان الخطر الذي استشعرته المملكة قائما في الاتفاق الذي عده الرئيس أوباما انجازا تاريخيا. فبعد التوقيع ضُخت المليارات إلى إيران بما يشبه الرشوة غير أن الوقائع أثبتت أنها كانت محاولة لإرضائها ودعم مشروعها التوسعي على حساب دول المنطقة.

ما شهدته المنطقة في ظل الاتفاق النووي كان أسوأ بكثير مما شهدته في المرحلة التي سبقته. يومها تنفست إيران الصعداء وصارت تجهز جيوشها في المنطقة بأحدث الأسلحة وتمولها بكل أسباب الحياة والاستمرار من غير أن تتجه إليها أنظار الغرب باعتبارها راعية للإرهاب.

كما لو أنها كانت تقود حشودا من القديسين الاطهار لم يتصد أحد لإيران وهي توسع من حدودها بحيث صار عسكريوها يتحدثون عن اطلالة على البحر المتوسط وأخرى على البحر الأحمر. اما بغداد فقد كانت حسب قاموسهم الجديد عاصمة امبراطوريتهم المستعادة.

ألم تكن تلك المعلومات متاحة بالنسبة للدول التي تتساءل الآن عن مسؤولية إيران عن تلكؤ مفاوضات النووي في فيينا؟ اما أن يكون النظر عن طريق اغماض عين وفتح الأخرى فذلك أمر مختلف، يتيح لجميع الأطراف اللعب من غير كرة في ملعب يضيق ويتسع حسب ما تفرضه المرحلة من احتياجات وشروط.

ففي الوقت الذي تؤكد فيه إسرائيل أن إيران توشك على صنع قنبلتها النووية الأولى فإن أحدا لا يأخذ تحذريها على محمل الجد. الابنة المدللة لا أحد ينصت إلى صوتها وسط العائلة. أكل هذا من أجل الجمهورية الإسلامية أم من أجل أن تبقى المنطقة غارقة في فوضاها؟ سوف يكون علينا أن نصدق أن إسرائيل لا تقول الحقيقة وأن الغرب وهو الذي يعبر عن حرصه على أن لا تمتلك إيران سلاحا نوويا يعرف ما لا تعرفه إسرائيل. من حقنا أن نشك في ذلك.

لقد عملت إسرائيل على اشعال الحرائق في أجزاء كثيرة من المشروع النووي من أجل ابطاء العمل فيه وتأخير وصول إيران إلى هدفها. غير أن الغرب لم يعنها في مهمتها إلا بالصمت على عدوانها على الأراضي الإيرانية.

أكان الغرب دائما يفكر في الكرة المفقودة ولا يفكر في اللاعب الموجود؟