خلال الأسبوع الماضي، كانت المدمرة الصاروخية الأكبر في الأسطول الهندي "آي إن إس كوتشي" تشارك في مناورات عسكرية بحرية مع الأسطول السعودي بالساحل الشرقي للمملكة.
كانت المناورات هي الأولى من نوعها بحسب تصريحات لقائد الأسطول الشرقي السعودي اللواء ماجد القحطاني، وذلك "لضمان حرية الملاحة البحرية والأمن البحري في مياه الخليج "، حسبما ذكرت "وكالة الأنباء السعودية" الرسمية (واس).
وجاءت المناورات الهندية السعودية بعد أيام من تنفيذ الهند تمرينا بحريا مشتركا مع الإمارات قبالة سواحل أبوظبي عبر المدمرة ذاتها "في انعكاس للنهوض السريع في التعاون العسكري الثنائي" كما تقول صحيفة "أوتلوك إنديا".
والأحد، انتقلت المدمرة الصاروخية ذاتها إلى سواحل المنامة في البحرين "... ضمن مهمتها لضمان سلامة البحار ودعم العبور الآمن للسفن التجارية ... في المنطقة"، بحسب صحيفة "الأيام" البحرينية.
ويقول خبراء أن العلاقات الهندية الخليجية عميقة ولها تاريخ طويل، إلا أن هذه التدريبات لها دلالات استراتيجية، إذ أتت بعد أسبوعين من هجمات تعرضت لها ناقلات نفط في مياه الخليج ينظر لها على نطاق واسع أن إيران تقف خلفها.
ويربط محللون بين هذه المناورات والتنافس الإقليمي بين الصين والهند من ناحية، وتشكل محور "هندي إبراهيمي" يضم دول الخليج وإسرائيل ضد الخطر الإيراني المشترك من ناحية أخرى.
في حديثه لموقع قناة "الحرة"، يقول المتخصص في الدراسات الاستراتيجية والسياسية، الدكتور محمد الحربي، إن هذه "التمارين مهمة للقيادة والسيطرة والاتصالات وحفظ أمن الممرات الحيوية الاستراتيجية، خاصة أن الهند تستورد ما نسبته 18 بالمئة من حجم استهلاكها للنفط من السعودية".
يقول الباحث والمحلل السياسي، عبدالله الجنيد، من جهته، إن الهند ترتبط مع دول الخليج بالكثير من المصالح المشتركة على اعتبار أن العملاق الآسيوي جار تاريخي للخليج.
وأضاف أنه "من الطبيعي جدا أن يكون للهند دور أمني متصاعد في المحيط الهندي وبحر العرب بالاشتراك مع حلفائها مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة".
ويرى الخبير في الشؤون الاستراتيجية العميد متقاعد، خلفان الكعبي في تصريح صحفي أن علاقات الإمارات والهند راسخة منذ القدم، وأن توسيع قاعدة العلاقات نابع من رغبة مشتركة للبلدين.
والهدف المعلن للتدريبات المشتركة بين الهند ودول الخليج هو تأمين حركة الملاحة البحرية والعمل على إيجاد ممرات بحرية آمنة للسفن في المنطقة.
وقال قائد الأسطول البحري الهندي، أجائي كوشار، في تصريح لصحيفة "الشرق الأوسط" إن التعاون العسكري المشترك يهدف للحفاظ على الأمن البحري، في ظل الأحداث الأخيرة المتعلقة باختطاف ناقلات وتنفيذ أنشطة غير شرعية.
يتابع كوشار قائلا: "هناك كثير من التحديات المشتركة ونعمل مع السعودية على حماية وسلامة البحار والحد من مخاطر القراصنة".
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، اتهمت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، إيران بتنفيذ أول هجوم مميت ضد ناقلة نفط في بحر العرب، حيث تعرضت "ميرسر ستريت" التي يديرها رجل أعمال إسرائيلي لهجوم بطائرة مسيرة أسفر عن مقتل اثنين من بحارتها.
وأعقب ذلك الهجوم بأيام محاولة اختطاف فاشلة لناقلة النفط "أسفلت برنسيس" قبالة سواحل الفجيرة واتهمت فيها إيران أيضا من الدول الغربية ذاتها.
وبينما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن تلك الأعمال، تنفي إيران مرارا وتكرارا ضلوعها بأي هجوم استهداف ناقلات النفط في الخليج مؤخرا.
تعليقا على خطر الهجمات الإيرانية، يقول الحربي إن "مصالح الهند الاستراتيجية هي الاتجاه للشرق الأوسط وخاصة دول مجلس التعاون، حيث هناك الاستثمارات والموانئ والاتفاقيات والتفاهمات والمصالح المباشرة".
وتابع: "الهند توازن الأمور في العلاقات الاستراتيجية وهي متجهة إلى دولنا أكثر من العمق الإيراني".
ومن هذا المنطلق، يعتقد الجنيد أن ضمانات الأمن والاستقرار قد يحتم على الهند إعادة تقييم مصادر التهديد "مما قد يدفع بها للعب دور أقل تقليدية في مواجهة مثل تلك التحديات الآنية والمستقبلية".
وقال إن الهند لها "دبلوماسيتها الخاصة وكذلك هواجسها الأمنية المباشرة، إلا ان تقاطع المصالح مع دول الخليج في كل ما يتعلق بضمانات الأمن والاستقرار وكذلك محاولة الهند احتواء التمدد الصيني غربا (باكستان، إيران، والآن أفغانستان) قد يفرض نوعا جديدا من إعادة تقييم مصادر التهديد من وجهة النظر الهندية".
في مارس الماضي، نقلت وكالة "رويترز" عن بيانات من شركة "ريفينيتيف" وستة مصادر بقطاع النفط قولهم إن "إيران شحنت سرا كميات كبيرة من النفط الخام إلى الصين خلال الأشهر الماضية، وبكين هي أكبر مستورد للنفط الإيراني".