تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

العقوبات الأميركية تبعد الإمارات عن فلك الإيراني

محل لبيع سلع إيرانية في أسواق دبي
AvaToday caption
يمثل فرض العقوبات الأميركية تكرارا للتدابير التي فرضها الرئيس السابق باراك أوباما في ما بين عامي 2012 و2015
posted onNovember 21, 2018
noتعليق

لعشرات السنين ظل سوق مرشد يعج بالمتاجر والمطاعم، التي تضع لافتات أسمائها باللغة الفارسية ويمثل مركزا للتجارة على نطاق صغير مع إيران عبر متاهة من الأزقة المتشابكة في دبي القديمة.

لكن تلك الصورة بدأت تتغير بسرعة كبيرة بعد تراجع كبير في نشاط السوق وإغلاق أبواب أكثر من 10 بالمئة من متاجره، ووضعت عليها لافتات تعرضها للإيجار. وتراجعت هيمنة التجار الإيرانيين، الذين حل محلهم التجار الهنود والباكستانيون.

ومنذ عهد بعيد ظلت دبي حلقة من حلقات الوصل الرئيسية بين إيران والعالم الخارجي غير أن حركة التجارة بين الجانبين تباطأت مع سريان العقوبات. ويقول من بقي من الإيرانيين إن تداعيات العقوبات الأميركية زادت من صعوبة أعمالهم.

وأكدت الحكومة الإماراتية هذا الأسبوع أنها ملتزمة تماما بالعقوبات الأميركية رغم أن ذلك يعني تراجعا جديدا في التجارة مع طهران. وقال عبدالله آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية والصناعة “نحن ننفذ العقوبات وجميع السلطات تضمن الالتزام بها”.

وأكد أن الالتزام بالعقوبات سيعني تفادي الشركات الإماراتية أي صعوبات في الولايات المتحدة وأن حكومة الإمارات ستتطلع لتعزيز التجارة مع أسواق أخرى مثل أفريقيا وآسيا لتعويض أثر العقوبات على اقتصادها.

وتستهدف العقوبات التي فرضت على مرحلتين في أغسطس وبداية نوفمبر الجاري، العملة الإيرانية والسيارات والمعادن وقطاعي النفط والبنوك. لكنها أثرت أيضا على تجارة الزعفران والملابس والأغذية المصنعة التي يبيعها الإيرانيون رغم أنها غير مشمولة بالعقوبات.

وازدادت ممانعة البنوك في الإمارات بما فيها بنوك دبي للعمل مع الإيرانيين خوفا من تعريض نفسها لتدابير قانونية أميركية. كما أن انخفاض قيمة الريال بنحو 70 بالمئة مقابل الدولار الأميركي هذا العام جعل التعامل مع إيران محفوفا بالمخاطر.

وقال رجل الأعمال أفتاب حسن عضو مجلس الأعمال الإيراني في دبي إن أصحاب العقارات في السوق يعرضون التنازل عن إيجار شهرين من المستأجرين المحتملين. وأضاف أن “الكثير من الإيرانيين أغلقوا متاجرهم” بسبب صعوبة أداء الأعمال في دبي. وأضاف أن البعض ينظر في إمكانية الرحيل عن المدينة بحثا عن قواعد أخرى لنشاطه.

كما تهدد العلاقات المصرفية المتدهورة تجارة أكبر حجما هي تجارة إعادة التصدير التي تشمل نقل بضائع دول أخرى إلى إيران من خلال موانئ دبي ومطاراتها، والتي كانت تشمل السيارات وقطع غيارها والأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية والآلات والزجاج ومنتجات البلاستيك.

وتوضح بيانات صندوق النقد الدولي أن 29 بالمئة من واردات إيران التي بلغت قيمتها 71.5 مليار دولار في العام الماضي مرت عبر الإمارات، غالبيتها العظمى عن طريق دبي التي لا تكشف عن بيانات التجارة مع إيران في حينها. وقال مهرداد عمادي الاقتصادي الإيراني الذي يرأس قسم تحليلات مخاطر الطاقة في شركة بيتاماتريكس الاستشارية في لندن إن ضعف الريال بفعل سريان العقوبات أضر بحركة التجارة لأن إيران قللت الواردات لزيادة كلفتها.

وأضاف “عندما يكون لديك انخفاض هائل في قيمة العملة فإن أسعار الواردات ترتفع، ولا تزيد الأجور بالسرعة نفسها في إيران، ولذلك يضطر الناس لخفض الإنفاق”.

وقال عمادي إن بنوك المنطقة انتابها القلق من الروابط مع إيران بفعل زيارات قام بها مسؤولون من وزارة الخزانة الأميركية لمنطقة الخليج هذا العام لبحث التطبيق القانوني للعقوبات. وأضاف أن ذلك زاد من صعوبة ترتيب المدفوعات لتغطية حركة التجارة.

وقال إيراني يعمل مديرا في متجر للأعشاب والبهارات في سوق مرشد إن البنوك في دبي لم تعد تفتح حسابات للإيرانيين وأن التحويلات المالية الدولية من خلال البنوك أصبحت مستحيلة إلى حد بعيد.

وكان مبارك راشد المنصوري محافظ مصرف الإمارات المركزي قد أكد أن بنوك الإمارات تتوخى الحذر في التعامل مع إيران بفعل احتياجها للحفاظ على علاقاتها مع بنوك المقاصة في الولايات المتحدة.

وقال البنك المركزي الإيراني الشهر الماضي إن بنوك الإمارات لم تعد تسهل التعاملات للتجار الإيرانيين. وأضاف أن طهران تسعى إلى بدائل في المنطقة لتحل محل الإمارات كمركز للتعاملات المصرفية.

ويمثل فرض العقوبات الأميركية تكرارا للتدابير التي فرضها الرئيس السابق باراك أوباما في ما بين عامي 2012 و2015 وذلك رغم أن المسؤولين الأميركيين يقولون إنهم يعتزمون أخذ إجراءات إضافية.

وقد تحملت دبي العقوبات السابقة إذ تعود الروابط التجارية التي تربطها بإيران لأكثر من قرن من الزمان، كما أن عدد الإيرانيين فيها يقدر بنحو 200 ألف نسمة أو أكثر، أي ما يصل إلى 5 بالمئة من إجمالي عدد سكان الإمارة.

واكتشف رجال الأعمال سبلا لمواصلة العمل. فقد استخدم بعض التجار الإيرانيين أفرادا من جنسيات أخرى لنقل الأموال إلى الخارج وأبرموا صفقات مقايضة يتم فيها تبادل سلع دون دفع أي مبالغ بالعملة الصعبة.

غير أن إدارة أوباما لم تطبق العقوبات بصرامة، الأمر الذي سمح ببقاء عدد صغير من القنوات المصرفية والتجارية مفتوحة.

وفي مجلس الأعمال الإيراني، تراجع عدد الأعضاء إلى حوالي 50 بعد أن كان يصل إلى 500 في عام 2011. وقال حسين أسرار حقيقي رجل الأعمال الإيراني وعضو المجلس الذي يعيش في دبي منذ 37 عاما إن ذلك يرجع في جانب منه إلى أن مؤسسات الأعمال ترفض أن يرتبط اسمها بالمجلس خلال العقوبات.