تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

تطور جهاز القمع في إيران تحت العقوبات

خامنئي يبني دولة الأستبداد و القمع
AvaToday caption
تم حقن وزارة الاستخبارات بمجموعة جديدة من استخبارات الحرس الثوري الإيراني
posted onDecember 8, 2018
noتعليق

مجيد محمدي

السلوك الطبيعي لحكومة وطنية تحت ضغوط خارجية هو خفض الضغوط الداخلية على المواطنين لخلق مزيد من التضامن. وتزعم سلطات الجمهورية الإسلامية أن العقوبات ليست ضد النظام وإنما ضد الشعب الإيراني، لكنها لا تتصرف بطريقة تثبت هذا الادعاء في الممارسة العملية.

إذا كان الشعب الإيراني تحت العقوبات، كما تدعي الحكومة، فمن الطبيعي أن تقلل هي من الضغوط السياسية والاجتماعية والاقتصادية عليه. على هذا الأساس، كان من المتوقع في بداية العقوبات- التي أدت إلى التضخم والبطالة وخفض قيمة العملة الوطنية، إذا لم تعلن الحكومة السلطوية الحالية عن عفو وطني وإذا لم تجر انتخابات حرة- أن لا تمارس ضغوطًا اجتماعية وثقافية على المواطنين.

مع بدء العقوبات منذ 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تفاقمت حملة القمع ضد المواطنين الإيرانيين من جميع الطبقات والأصناف والمجموعات عند كل مطالبة ومناداة. بطبيعة الحال، لا يتم تبرير هذا القمع بالعقوبات، لكن من الواضح أن العقوبات مع هذه الضغوط التي يمارسونها على الشعب، تفاقم الوضع سوءًا.

لا ينبغي أن يعدّ السبب الحقيقي لهذا التفاقم هو فرض العقوبات، لأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تستخدم جميع أنواع الضغوط الخارجية، بما في ذلك العقوبات، كذريعة لزيادة القمع، من أجل المساومة مع الحكومات الغربية لصالح النظام وإعطاء ذرائع لمجموعات اللوبي الإيراني للدفاع عنه (كانت إحدى ذرائع لوبي الجمهورية الإسلامية ضد العقوبات: "لا تعاقبوا، حتى المتطرفون لا يتم قمعهم هكذا)".

في هذا المقال، أشير إلى خمسة صور لتفاقم هذا القمع عشية فرض العقوبات وقبلها:

زيادة عمليات الإعدام السياسية والأمنية

إن إعدام عدد من المعتقلين في الأهواز (من 2 إلى 22، وفقًا لتقارير مختلفة) هو واحد من هذه الحالات. لم يلعب هؤلاء الأشخاص أي دور مباشر في الهجوم على العرض العسكري يوم 22 سبتمبر (أيلول) الماضي في الأهواز، وأولئك الذين شاركوا في الهجوم قتلوا هناك. قد يكون هؤلاء الأشخاص مرتبطين بالحركات العربية المعارضة للجمهورية الإسلامية، ولكن هذا الارتباط لا يبرر الإعدام. عمليات الإعدام في الوضع الراهن هي فقط لترهيب وتهديد العامة. ليس من الواضح ما هي تهمة أولئك الذين أُعدموا، وكيف تمت محاكمتهم وبماذا أُدينوا. يبدو أن الانتقام السريع يلعب دورًا رئيسيًا في عمليات الإعدام هذه. وفي وقت سابق للإعدام، كان رئيس السلطة القضائية قد هدد بشكل مباشر سائقي الشاحنات المضربين بأكثر العقوبات قسوةً (أي الإعدام) في خطاب الجمهورية الإسلامية. (إيلنا، مطلع أكتوبر/ تشرين الأول، 2018).

إعدام السماسرة

كما يهدف إصدار أحكام الإعدام على سماسرة العملة والمسكوكات الذهبية إلى زيادة ترهيب العامة، فقد تم إصدار وتنفيذ حکم الإعدام على اثنين من هؤلاء السماسرة، وهما وحيد مظلومين ومحمد إسماعيل قاسمي، على الفور.

أولاً: هؤلاء السماسرة كانوا دائمًا يمتهنون مثل هذه الأعمال.

ثانيًا: كانوا دائمًا في خدمة المسؤولين والأجهزة الحكومية في اقتصاد المضاربة والريعية وغسل الأموال.

وثالثًا: العقوبة والتهم الموجهة لهؤلاء الأشخاص غير متناسبة.

لقد بذلت الأبواق الإعلامية التابعة للنظام، كل جهودها في تغطية أخبار إعدام سماسرة المسكوكات الذهبية، من بث خطاباتهم قبل الإعدام إلى نشر صور جنائزهم بعد الإعدام، كي يقولوا للمواطنين إن الحكومة تحارب الفساد.

بعض أبواق النظام الإعلامية اعتبرت انخفاض سعر الدولار كان نتيجة هذه الإعدامات.

بالإضافة إلى هذه الإعدامات، تم اعتقال عدد كبير من سماسرة العملة في الأشهر الأخيرة.

تطور اتهامات جرائم نشطاء البيئة

أعلن المتحدث باسم السلطة القضائية، محسني أجه إي، عن تغيير تهمة أربعة من نشطاء البيئة المعتقلين، من التجسس إلى "الإفساد في الأرض". وفي وقت سابق، رفضت منظمة حماية البيئة ووزارة الاستخبارات أي اتهامات حول تجسس هؤلاء الأشخاص. هذا التغيير في الاتهام هو من أجل تشديد عقوبتهم من 10 سنوات إلى الإعدام. الهدف من هذا التغيير هو تخويف الناشطين البيئيين في الوقت الذي نجد فيه المجتمع جاهزًا للاحتجاج في الأماكن العامة، وأحد الاحتجاجات الرئيسية هي المشاكل البيئية.

موجة جديدة من اعتقالات الصحافيين والنشطاء النقابيين والمدنيين

الاحتجاز وتهديد وتخويف الصحافيين من أدوات الجمهورية الإسلامية، خاصة في فترات ازدياد الانتهاكات والقمع؛ اعتقل الصحافي بويان خوشحال، كردة فعل على استخدامه المصطلح الشائع "وفاة" إمام الشيعة الثالث، بدلا من المصطلح الآيديولوجي "الشهيد".

في أي مكان من العالم يعد مصطلح "وفاة" إهانة للشخص؟

عشية بدء جولة العقوبات الجديدة، اعتقل هاشم خواستار، عضو نقابة معلمي مشهد، ونُقلَ إلى مستشفى الأمراض النفسية. هذا النوع من العقاب المهين في نظام استغل كل أشكال القمع لم يكن رائجًا.

عباس وحيديان شاهرودي، كاتب وناشط مدني مقيم في مشهد، ألقت قوات الأمن القبض عليه من منزله في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتم نقله إلى مكان مجهول، وأعلنت ابنته عن التعامل غير اللائق والتهديدي للضباط مع ابن وبنت آخرين للسيد وحيديان أثناء الاعتقال، وقالت: "قال الضباط لأختي، سنقتل والدك، وهددوا أخي البالغ من العمر 20 عامًا بالاعتقال".

وفي الجولة الثانية من إضراب المعلمين المحتجين على الظروف المعيشية الصعبة، ألقت قوات الأمن القبض على 13 معلمًا.

 

وتم اعتقال عمال قصب السكر في هفت تبه الذين كانوا يطالبون بدفع رواتبهم ولم يرتكبوا أي عنف يمكن فهمه من هذا السياق.

زيادة القيود الاجتماعية

تقييد تسلق الإناث للجبال في محافظة خراسان رضوي، وحاجتهن إلى إذن من الزوج- وفقًا لتوجيهات لجنة تسلق الجبال في هذه المحافظة- كانت من ابتكارات المنظمة الآيديولوجية الحديثة لقمع الحقوق والحريات المدنية للمواطنين الإيرانيين.

وبالطبع، أعلنت لجنة تسلق خراسان رضوي، بعد الانتقادات، أن التوجيه كان "نصيحة". ولكن هذه النصيحة أيضًا تعد انتهاكًا لحقوق المرأة.

في مجال الأقليات الدينية والعرقية أيضًا، ازداد القمع، حيث تم إغلاق المحلات التجارية للبهائيين في كثير من المدن، في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. كما تسارعت عملية اعتقال أعضاء مجموعاتٍ مثل "عرفان حلقة" (وهي حركة روحية تعرف في إيران بـ"عرفان حلقة")، وقد تم اعتقال 12 من هؤلاء الأشخاص من قبل استخبارات الحرس الثوري الإيراني في أصفهان.

التطورات الداخلية لآلة القمع

عشية بدء العقوبات، شهدنا تغييرات في منظمة القمع نفسها، فقد تم حقن وزارة الاستخبارات بمجموعة جديدة من استخبارات الحرس الثوري الإيراني، لتبقى مخلصة للنظام في أوقات الأزمات. العتبة الرضوية- مع تأسيس منظمة استخبارات- أصبحت مستعدة للتعامل مع المعارضين، لأن هذه المؤسسة كانت واحدة من أفسد المؤسسات الاقتصادية الدينية في إيران على مدار الأربعين سنة الماضية.

قامت قوات التعبئة التابعة للحرس الثوري بتوسيع دائرة عملياتها على مستوى الأحياء، بحيث يمكن التعامل بسرعة مع أي احتجاج على مستوى الحي. وكانت مناورة بضع مئات الآلاف من قوات التعبئة في أكتوبر (تشرين الأوَّل) 2018 تحت عنوان "مواجهة الحرب الاقتصادية" من أجل التدريب على الجهوزية لهذا الوضع. وقد كان من الأفضل تسمية هذه المناورة "مناورة مواجهة الاحتجاجات العامة الناجمة عن البؤس الاقتصادي والتضخم الجامح".

محلل سياسي