تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

القرية الكبيرة تعيد إحياء تاريخ مدينة كوردية ثورية

صورة من قرية غيورد
AvaToday caption
اكتشفت شالماشي وبابان فقط كبالغين أنهما ما زالا يملكان نفس الفيلة، وبالنسبة لشالماشي كان أحد الأشياء القليلة التي لا تزال تملكها منذ تلك السنوات الأولى من حياتها. وعندما تنظر حول محيط الفناء الخلفي لعائلة بابان في الفيلم الوثائقي، ترى فيلان صغيران ملقيان على الأرض
posted onJuly 3, 2020
noتعليق

فريدريكه جيردينك

كانت المخرجة الهولندية الكوردية، بيري شلماشي، أصغر من أن تتذكر الحماسة الثورية للقرية الإيرانية الكوردية "غيورد" التي تنحدر منها، وهي التي أمضت في جبال كردستان العراق، عامين عندما كانت طفلة صغيرة.

تأسست القرية من قبل مقاتلي البيشمركة من الحزب الديمقراطي الكوردستاني لإيران - وهي مجموعة يسارية مسلحة تسعى لتقرير المصير للكورد – ولكن تم قصف القرية وتحولت إلى أشلاء في الثمانينيات على يد القوات المسلحة الإيرانية وتشرد سكانها حول العالم.

ولكن في فيلمها الوثائقي التفاعلي الجديد على الإنترنت "بيغ فيليدج" أو (القرية الكبيرة)، قامت شلماشي، مع المؤرخ والمخرج ليانغيلو فاسكويز، بإعادة إحياء قرية "غيورد" واستكشفت أهميتها بالنسبة للحركة الكوردية من خلال المقابلات واللقطات والصور.

وكما تحدثت شلماشي عن آخر أفلامها من منزلها في أمستردام، كانت القنابل تسقط مرة أخرى على الجبال في كوردستان العراق. وفي السنوات التي عاشت فيها في "غيورد"، كانت الطائرات المقاتلة الإيرانية تسقط القنابل هناك. وقالت إن تركيا الآن تسقط القنابل في نفس المنطقة ولكن هذا لا يحدث فرقًا جوهريًا. "لا تزال إيران وتركيا تشعران بالحاجة إلى قصف الجبال الكوردية. لماذا؟ بسبب النجاح النسبي لإقليم كوردستان في العراق".

تم اتخاذ الخطوات الأولى نحو تصوير فيلم "القرية الكبيرة" قبل خمس سنوات. طُلب من شلماشي المساهمة في بودكاست وأن تحكي عن حياة اللاجئين قبل أن يصبحوا لاجئين. لكنها لم تكن تمتلك ذكريات من ذلك الوقت في حياتها ولم تتحدث عن ذلك مع والدها، ووالدتها التي توفت منذ سنوات.

بالطبع، كانت تعرف القليل عن "غيورد"، دعم العديد من الكورد الإيرانيين ثورة 1979 لأنها أعطتهم آمالًا في الحصول على درجة من الحكم المستقل، لكن النظام الثيوقراطي الذي ظهر لم يتسامح مع الكورد ذوي التفكير المستقل واضطر بعضهم إلى مغادرة إيران، بما في ذلك عائلة شلماشي.

لكن شلماشي لم تستطع تصور المكان، ولم تستطع الشعور به، ولم تستطع أن تحفر في ذكرياتها لأنها كانت صغيرة جدًا في ذلك الوقت.

تطور المشروع وتحول إلى فيلم وثائقي تفاعلي مليء بالمقابلات والصور والخرائط واللقطات التي نجت منذ ثلاثة عقود ونصف مضت على أيام مجد "غيورد".

يمكن للمشاهدين تشغيل الفيلم الوثائقي ومشاهدته، ولكن يمكنهم أيضًا التمرير عبر الشاشة والنقر على المواقع؛ مثل ساحة النزهة ومحطة الراديو وحافة المخيم والمزيد، واستكشاف القرية والمنازل والمباني الأخرى. المقابلات تعيد ذكريات بناء القرية، والتفجيرات التي لا تحصى من قبل إيران، والمدرسة، وبث الصوت الكوردي عبر الراديو.

تم رسم جميع المواقع من قبل الرسامة، سوزان ميغينك، بالأسود والأبيض وفي المواسم المختلفة. تظهر التفاصيل على أرض الواقع، على سبيل المثال، في مقابلة مع ماردين هيجا بابان، وهي نفس عمر شالماشي والتي لديها عشرات الصور معًا وهم صغار، بما في ذلك صوراً وهم يجلسون في الثلج في ملابس وردية زاهية.

أحد الأشياء القليلة التي تمكن بابان من الاحتفاظ بها بعد أن اضطرت العائلة إلى مغادرة "غيورد" كان لعبة على شكل فيل طري.

اكتشفت شالماشي وبابان فقط كبالغين أنهما ما زالا يملكان نفس الفيلة، وبالنسبة لشالماشي كان أحد الأشياء القليلة التي لا تزال تملكها منذ تلك السنوات الأولى من حياتها. وعندما تنظر حول محيط الفناء الخلفي لعائلة بابان في الفيلم الوثائقي، ترى فيلان صغيران ملقيان على الأرض.

أوضحت شالماشي أنه لم يكن في نيتها إعادة تصوير "غيورد" بأكبر قدر ممكن من الدقة والتفصيل، فالرسومات والمواقع كانت بسيطة إلى حد ما.

وقالت "ذكريات كل شخص مختلفة ومن المستحيل رسم صورة دقيقة لما تبدو عليه. ليس هذا أيضًا ما تدور حوله فكرة الفيلم. أريد أن أعطي انطباعا، أريد أن أخفف من عنصر الخيال".

وعندما سُئلت عن أهمية "غيورد" بالنسبة للحركة الكوردية، ردت شالماشي "كان هناك تفاني تام لقضية كوردستان الحرة. مثل هذا التفاني عندما تكون على أتم الاستعداد بأن تضحي بكل شئ. الأدرينالين، التضحية، العمل الجماعي، ليس لديهم أي شيء سوى الاكتفاء الذاتي والسعادة".

وحتى أن العديد ممن أجريت معهم مقابلات أخبروا شالماشي أنهم يعتبرون أن سنواتهم في "غيورد" هي أسعد سنوات حياتهم. وأوضحت شالماشي "كان ذلك بعد حوالي خمس سنوات من ثورة 1979 في إيران. لقد رأوا أن الثورة ممكنة، وأرادوا إحداث تحول جديد. بدا لهم أن كل شئ ممكناً".

إنه تناقض كبير مع الوضع الآن. الآن لا توجد "غيورد"، ولكن الحزب الديمقراطي الكردستاني لإيران لا يزال موجودًا في جبال كوردستان العراق، ويقع مقره حاليًا في "كويا".

تقول شالماشي "القاعدة في كوية ليست كبيرة كما كانت غيورد. يتنفسون الآن الحنين عندما كانوا ينتمون إلى البيشمركة. يذهبون إلى الجبال في دفعات، يتلقون تدريباتهم، ومن المخيم يمكنهم رؤية إيران - وإيران يمكنها رؤيتهم. يشعرون بأن العدو يتنفس أمامهم. إذا لم تكن مرئيًا بالنسبة لهم، فلا يهم الأمر في شئ".

وأوضحت شالماشي أن هذا الشعور يلاحق العديد من ثوار غيورد السابقين. وذكرت "مذيع الراديو" في غيورد، أحمد شيرباغوي، كمثال.

في ذلك الوقت، في منتصف الثمانينيات، كان كل شخص في كوردستان والخارج يعرف صوته. عندما يبدأ البث، يوقف ملايين الكورد ما يفعلونه ليستمعوا إليه. والآن، يعيش شيرباغوي في سويسرا، حيث لا أحد يعرف من هو.

طغى نفس شعور الهجر على شالماشي عندما زارت "غيورد" الجديدة في كوية.

تقول شالماشي "أتساءل عما إذا فشلت غيورد ومقاومتها. لقد تأسست غيورد على أساس بطولي واختفت، ولكن مرة أخرى، لم يحدث ذلك. تم استبدالها في كويا، ويمكنك هنا رؤية بقايا نار النضال. من خلال عيوني الكوردية في المهجر، أشعر بالأسف حيالهم. يبدو أنهم عالقون". لكن شالماشي قالت إن صنع الفيلم قد أجاب على هذا السؤال.

وأضافت شالماشي "نعم، من المهم نقل الشعلة إلى الجيل التالي. أنا ممتنة للغاية لاستمرارهم. طالما هناك أناس في الجبال يعتقدون أن هناك فرصة لكوردستان المحررة، سواء كان الحزب الديمقراطي الكوردستاني أو مقاتلي حزب العمال الكوردستاني، أو أي حزب آخر، إذن هناك أمل".

وبعد بضعة أشهر من زيارة شالماشي وطاقم الفيلم للمنطقة لإجراء أبحاثهم، في عام 2018، قصفت إيران كويا. مات العديد من الأشخاص الذين تحدثت إليهم شالماشي عن الفيلم. وبحسب شالماشي، قالت "لكن مهما كان القصف مأساويًا ومثيرًا للغضب، إلا أنه أوضح الأمور. هم لا زالوا موجودين. حتى أنهم جندوا أعضاءاً جدد بعد ذلك القصف".

سيثير الفيلم الخيال حول أيام مجد "غيورد" بين أولئك الذين يشاهدون الفيلم الوثائقي ويتفاعلون معه، كما أثار خيال شالماشي أيضًا.

وقالت شالماشي "أستطيع الآن استعادة الذكريات بصورة واضحة. ستظل إيورد صدى من الماضي، لكنه صدى ملموس الآن".