تستغل قوات الأمن الإيرانية سيارات الإسعاف لقمع الاحتجاجات المستمرة في إيران منذ أكثر من شهرين والمطالبة بإسقاط نظام حكم رجال الدين في البلاد.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن روايات شهود عيان وتحليل لمقاطع فيديو مصورة قرب الاحتجاجات تكشف كيف تستخدم السلطات سيارات الإسعاف للتسلل إلى الاحتجاجات واحتجاز المتظاهرين.
في أوائل أكتوبر بينت الصحيفة أن أحد سكان طهران أفاد بأنه رأى ثلاثة متظاهرين على الأقل يُدفعون بالقوة داخل سيارة إسعاف خلال مظاهرة قادها الطلاب.
في الوقت نفسه تقريبا، قالت نيكي، وهي طالبة جامعية في طهران، إنها شاهدت قوات الأمن تستخدم سيارات الإسعاف لاحتجاز المتظاهرين عند تقاطع طرق.
وأضافت: "لقد اعتقلوا على الناس ووضعوهم في سيارة إسعاف وأطفأوا الأنوار.. كان هناك الكثير من الناس في الخلف".
وأشارت إلى أن سيارة الإسعاف سارت بعد ذلك في الشارع ولم تتمكن من التأكد إلى أين تم اقتياد المعتقلين، لكنها رأت أن هناك أشخاصا عاديين في الداخل، بينهم فتيات صغيرات.
تقول الصحيفة إن جميع الشهود الذين قابلتهم تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم خوفا من انتقام الحكومة.
ويشدد خبراء أن مثل هذا الاستخدام لسيارات الإسعاف ينتهك المعايير الدولية للنزاهة الطبية ويظهر المدى الذي ذهبت إليه الحكومة في محاولة لقمع المظاهرات في جميع أنحاء البلاد.
وتنقل الصحيفة عن الأستاذ المساعد في كلية الصحة العامة بجامعة كاليفورنيا روهيني هار القول إن "الناس سيخشون طلب الرعاية الصحية، مما يعني أن المزيد من الناس سيموتون".
في مقابلة عبر تطبيق مراسلة مشفر، وصف شاب يعمل في مطعم كيف كانت سيارات الإسعاف تدخل حرم الجامعات أثناء الاحتجاجات كل يوم تقريبا ويخرج منها رجال أمن يرتدون الزي الرسمي.
تقول الصحيفة إن الشاب يعمل بالقرب من ثلاث جامعات كبرى في طهران تشهد احتجاجات يومية. كما شارك بنفسه في احتجاجات أخرى وقال إنه رأى قوات الأمن تستخدم سيارات الإسعاف هناك أيضا.
تحدث الشهود الذين حضروا الاحتجاجات في طهران عن رؤية ضباط شرطة يرتدون ملابس مدنية، يُعرفون باسم الباسيج، يجبرون الطلاب على صعود سيارة إسعاف في مظاهرة في جامعة شريف في الثاني من أكتوبر الماضي.
وأفاد أحد الشهود، في مقابلة عبر تطبيق مراسلة مشفر، أنه شاهد عنصر من الباسيج يضرب أحد الطلاب بهراوة قبل دفعه في سيارة إسعاف مع متظاهر آخر ومن ثم مغادرة المكان.
ويظهر أحد مقاطع الفيديو، الذي تحققت منه الصحيفة، سيارة إسعاف تحترق، على ما يبدو بعد استهدافها من قبل المتظاهرين.
ويظهر الفيديو رجلا يرتدي ما يشبه زي الشرطة الوطنية الإيرانية وهو يغادر سيارة الإسعاف ويهرب قبل أن تطارده مجموعة من الناس لفترة وجيزة لكنه ينجح في الفرار.
وتبين الصحيفة أنها حللت وحددت مجموعة من مقاطع الفيديو ووجدت أن سيارات الإسعاف تدخل أو تخرج من مراكز الشرطة أو يتم وضعها خارجها مباشرة في ستة مواقع على الأقل في جميع أنحاء البلاد.
وتضيف أن اثنين من المواقع توجد فيهما مستشفيات قريبة وفقا لخرائط غوغل، لكن مقطع الفيديو من أحد هذه المواقع يُظهر بوضوح دخول سيارة إسعاف إلى مركز الشرطة.
وأثار استخدام سيارات الإسعاف لاحتجاز الأشخاص غضب المجتمع الطبي الإيراني، الذين تظاهروا في عدة مناسبات مطالبين بوقف استغلال المستشفيات وسيارات الإسعاف لملاحقة المحتجين.
وقال الدكتور أمير علي الشاهي، الذي عمل سابقا في مستشفيات لقمان الحكيم وطرفة في طهران في عام 2013، إن "الناس لا يشعرون بالأمان للذهاب لوحدات الطوارئ أو المستشفيات، لأنهم يعلمون أن قوات الأمن ستقبض عليهم".
وفي مقابلة مع الصحيفة، قال أحد المتظاهرين في طهران إن العديد من الناس يتعاملون مع إصاباتهم في المنزل بدلا من الذهاب إلى المستشفى بسبب الخوف من السلطات.
وأدت الاحتجاجات، التي اندلعت في سبتمبر بعد وفاة الشابة مهسا أميني، إلى حملة قمع وحشية من قبل قوات الأمن الإيرانية، اسفرت عن اعتقال أكثر من 14 ألف شخص وفقا للأمم المتحدة.
وقُتل ما لا يقل عن 326 شخصا وأصيب آلاف أخرون، وفقا لمنظمة حقوق الإنسان الإيرانية، وهي منظمة غير حكومية مقرها النرويج.