كشفت منظمة العدالة من أجل إيران في تقرير لها تقديم طهران مقترحا لدفع تعويضات مالية لأسر حوالى 48 شخصا من ضحايا الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.
وقالت المنظمة إن سلطات النظام الإيراني أخبرت هذه الأسر بأنه يمكن معاملتها مثل "أسر الشهداء"، وبالتالي بإمكانها الحصول على "المزايا المالية وغير المالية التي تتمتع بها أسر الشهداء".
وأفاد موقع إيران انترناشيونال أن تقرير المنظمة أشار إلى "تهديد وتخويف الأسر لمنعها من تقديم شكاوى" حيث تم إجبار البعض منها على توقيع التزام بالتنازل عن حقها في رفع شكاوى أو الإعلان من أجل استلام جثث أبنائها.
وأضافت المنظمة أن بعض الأسر اضطرت إلى توقيع إعلان مكتوب بأن أبنائهم قد تم قتلهم على يد محتجين وذلك دون إجراء أي تحقيقات حول كيفية وفاتهم.
وخططت السلطات الإيرانية في السابق للإعلان عن رقم صغير وقابل للتصديق وسط ضغوط داخلية وخارجية تدعو طهران إلى الكشف عن أعداد القتلى والمعتقلين أثناء الاحتجاجات التي عمت المدن الإيرانية في نوفمبر الماضي وواجهتها السلطات بقمع دموي، إلا أن تقريراً لرويترز وضعها في موقف صعب.
وفي ديسمبر كشف تقرير لرويترز أن حصيلة القتلى وصلت إلى 1500 قتيل، وهو رقم يفوق تقديرات منظمات حقوق الإنسان والمعارضة في البلاد، واعتمدت رويترز على مصادر لم تسمها في وزارة الداخلية.
وكانت منظمة العفو الدولية قد أكدت أن قمع الحركة الاحتجاجية أسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص.
وهاجم المسؤولون الإيرانييون تقرير رويترز وجميع التقارير التي كشفت عن أرقام القتلى، ووصفها بـ "الأكاذيب".
وإضافة إلى القتلى، ووفقا للأرقام اعتقلت السلطات الإيرانية منذ 15 نوفمبر ما لا يقل عن 86 ألف متظاهر من 22 مقاطعة.
وتقول منظمات حقوق الإنسان، بما فيها المتواجدة في إيران، إن معظم المعتقلين في مقاطعتي طهران والبوز يحتجزون في سجن فالهوية المكتظ في جنوب العاصمة دون محاكمة عادلة.
ويبدو أن عملية ترهيب وترغيب أسر ضحايا احتجاجات نوفمبر ستت وفقا للسياسات التي أقرها مجلس الأمن القومي في ديسمبر الماضي بعد أن وافق عليها المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي على اعتبار بعض الأشخاص الذين قتلوا في الاضطرابات الأخيرة "ولم يكن لهم دور" فيها "شهداء".
وبعد نحو ثلاثة أسابيع من انطلاق المظاهرات التي اعتبرت السلطات أنها "نتاج مؤامرة خارجية"، قال الموقع الرسمي للمرشد إن خامنئي "وافق" على اعتبار الأشخاص الذين قتلوا في الاضطرابات الأخيرة "ولم يكن لهم دور" فيها "شهداء".
وعادة يمنح لقب "شهيد" عموما للعسكريين الذين يقتلون على جبهات القتال. ويفتح منح هذا اللقب المجال أمام تقديم إعانات مالية لأسر وأبناء القتلى، بالإضافة إلى تسهيلات لحصولهم على عمل أو دخولهم الجامعات.
وبحسب ما ذكر موقع خامنئي، فإن التقرير قدمه، بطلب من المرشد الأعلى، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في الجمهورية الإسلامية، علي شمخاني، ويهدف لكشف "أسباب الاضطرابات"، وتحديد هويات القتلى وظروف موتهم.
وقال شادي صدر أحد المسؤولين في منظمة العدالة من أجل إيران إن خطة النظام الإيراني هي "تسجيل أكبر عدد ممكن من ضحايا الاحتجاجات على أنهم شهداء"، مشيرا إلى أن السلطات لم تجر حتى اليوم تحقيقا قضائيا واحدا حول قتل المحتجين أو إلقاء القبض على الجناة.
وجاء في تقرير المنظمة أن 23 شخصا من أسر ضحايا احتجاجات نوفمبر قدموا شكاوى رسمية للتحقيق في مقتل ذويهم لكن السلطات الرسمية لم تخبر هذه الأسر بتحقيق جنائي واحد.
وذكر التقرير أيضا أن السلطات الرسمية اقترحت على 10 أشخاص من هؤلاء الأشخاص الـ23 الذين رفعوا شكوى قضائية، دفع دية، وقالت إنه ستتم تبرئتهم وإدراجهم ضمن عائلات الشهداء في حال سحب شكواهم.
وتؤكد منظمة العدالة من أجل إيران أن لديها معلومات حول 19 أسرة أخرى لم ترفع بعد شكاوى رسمية، لكنها تلقت "اقتراحات مماثلة من السلطات.
وتواجه طهران ضغوطا داخلية وخارجية من أجل الإعلان عن عدد القتلى والجرحى وحتى المعتقلين في سجونها زادت مع انتشار فيروس كورونا المستجد في الأشهر الماضية بعد أن أصبحت في مقدمة الدول التي شهدت انتشارا للوباء في المنطقة.
وطالب جوزيف بوريل، مسؤول السياسة الخارجية الجديد في الاتحاد الأوروبي، الحكومة الإيرانية إلى إجراء تحقيقات واضحة وموثوقة في حصيلة القتلى والمعتقلين خلال المظاهرات التي اندلعت منتصف نوفمبر في أكثر من 100 مدينة إيرانية رفضا لرفع أسعار الوقود بعنف شديد ما أثار أكبر أزمة تشهدها إيران منذ 1979.
ويشهد الاقتصاد الإيراني تدهورا، ترجع معظم أسبابه إلى إعادة فرض العقوبات الأميركية ردا على سياسات طهران المزعزعة للاستقرار في المنطقة والعالم.
وأدى استشراء الغلاء وصعوبة المعيشية لغالبية الإيرانيين إلى اندلاع احتجاجات واسعة من فترة لأخرى في البلاد.