Skip to main content

وثائق سرية تكشف عن مجزرة الناصرية

مظاهرات ذي قار (الناصرية)
AvaToday caption
العديد من المتظاهرين الذين سقطوا، قضوا برصاصات صوبت مباشرة نحو رؤوسهم، فكيف حصل ذلك، ومن الذي تخطى الأوامر؟
posted onDecember 28, 2019
nocomment

كشفت عن وثائق سرية تكشف خطة المشرف الأمني لمحافظة ذي قار للتعامل مع المتظاهرين، وقد شملت الخطة بحسب تلك الوثائق مناطق تمركز أفرع الأمن والهدف الأساسي لها.

يأتي هذا بالتزامن مع إصدار قائد شرطة ذي قار، العميد الحقوقي ريسان كاصد الإبراهيمي، السبت أمرا بتشكيل لجنة عليا للتحقيق بحوادث مقتل المتظاهرين وأخرى لتنفيذ أوامر القبض بحق المدانين.

ففي وقت لا تزال التحقيقات جارية في أعمال العنف التي شهدتها المحافظة الجنوبية أواخر الشهر الماضي، كشفت معلومات جديدة أن إحدى التشكيلات الأمنية يشتبه بتورطها في مجزرة ذي قار التي وقعت في صبيحة يوم 28 نوفمبر الماضي بعد ساعات من وصول المشرف الأمني على مدينة الناصرية (مركز محافظة ذي قار) الفريق الركن جميل الشمري مكلفا من قبل رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي قبل إعلان استقالته بيومين، وأدت إلى مقتل عشرات المحتجين.

بدأت مجزرة الناصرية، بحسب ناشطين بالقرب من ساحة الاحتجاج في المدينة حين عمدت قوات الأمن إلى تفريق المتظاهرين وطردهم من جسرين رئيسيين كانوا يسيطرون عليهما منذ أيام في خطوة تصعيدية للمطالبة بإقالة الحكومة وتوفير الخدمات والقضاء على الفساد المستشري في المدينة خاصة والعراق عامة، كذلك المطالبة بتنحي رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي وحكومته.

وكان عبدالمهدي قرر نتيجة للوضع الأمني المتدهور في المدينة إرسال قيادات عسكرية (أشبه بحكام عسكريين) إلى عدد من المحافظات الجنوبية من أجل المساعدة في ضبط الأمن.

 

جزء من الوثائق

 

وقد كُلف الفريق الركن جميل الشمري، مشرفا أمنيا على مدينة الناصرية، لعدة أسباب أهمها، بحسب ما أكد مصدر أمني، أنه ابن الجنوب ولديه علاقات جيدة مع العشائر، كما أنه خدم كضابط سابقاً في هذه المدينة ومدن جنوبية أخرى منها البصرة ذات الثروة النفطية الهائلة.

بعد وصول الشمري إلى المدينة، بحسب المصدر المطلع، اجتمع فجر يوم الحادثة مع القيادات الأمنية في المدينة لوضع خطة مناسبة لحماية التظاهرات، مشددا على عدم استخدام الرصاص الحي.

كما حضر الاجتماع أيضاً كافة القادة الأمنيين ومن ضمنهم قائد الشرطة وضباط الأجهزة الأخرى ومنها قوات الرد السريع التابعة لوزارة الداخلية، وكذلك الشرطة الاتحادية التي تتبع وزارة الداخلية العراقية أيضاً

بعد انتهاء الاجتماع والتأكيد على أن موعد انتشار القوات سيكون عند الساعة الخامسة صباحاً، وقعت الاشتباكات في بعض مناطق مدينة الناصرية يوم 2019/11/28 وتحديدا في الساعة السابعة صباحا، أي بعد ساعتين من انتشار القوات الأمنية، وإثر سيطرة المتظاهرين على جسري النصر والزيتون وسط المدينة قبل أن تستعيدهما القوات الأمنية بالقوة .

إلا أن الوضع سرعان ما تدهور، وتزايد التوتر والعنف في أرجاء المحافظة لا سيما في مدينة الناصرية، بعد أن أحرق المتظاهرون مقرات حزبية ومجلس المحافظة.

 

جزء من الوثائق

 

ثم سقط العشرات من القتلى والجرحى نتيجة لإطلاق الرصاص الحي من قبل عناصر في قوات الرد السريع بحسب ما ذكر ناشطون

إلا أن الوثائق التي كشفت عنها أظهرت أنه جرى تحديد الأهداف ومواقع نشر القوات الأمنية من أجل حماية المتظاهرين، مع التشديد على وجوب عدم استخدام الأسلحة النارية

ونصت إحدى هذه الوثائق على ضرورة عدم استخدام القوة إلا عند الضرورة وفي أقل الحدود الممكنة.

كما أظهرت أولويات تلك القوة وتدرجها من "الإقناع اللفظي والترهيب باستخدام القوة، إلى استخدام القنابل المسيلة للدموع، وصولاً إلى استخدام القوة المادية ماعدا الأسلحة النارية، وفي حالة عدم الاستجابة يتم استخدام الكلاب البوليسية المدربة وأخيرا استخدام خراطيم المياه".

إلا أن العديد من المتظاهرين الذين سقطوا، قضوا برصاصات صوبت مباشرة نحو رؤوسهم، فكيف حصل ذلك، ومن الذي تخطى الأوامر؟

للإجابة على تلك التساؤلات، أوضح مصدر أمني مطلع أن بعض العناصر من فرقة الرد السريع استخدموا الرصاص الحي الذي أودى بحياة أكثر من 32 قتيلا وإصابة أكثر من 180 آخرين، وفقا لمصادر طبية من مدينة الناصرية في ذلك اليوم وهم مودعون في السجن بانتظار انتهاء عمل لجنة التحقيق الخاصة بالحادث.

وقال ناشطون من مدينة الناصرية "إن المتظاهرين ردوا على إطلاق النار بإحراق مقر فرقة الرد السريع في الناصرية في يوم 28 نوفمبر، وأظهرت صور تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي تصاعد أعمدة من الدخان من المقر".

من جانبه، قال المحلل الأمني والاستراتيجي أحمد الشريفي تعليقاً على ذلك اليوم الدامي "نحن أمام احتمالين إما أن يكون القائد قد أعطى أوامر بالقمع وهنا يتحمل المسؤولية، وإما لم يعط الأوامر لكن القوات غير منضبطة استهدفت المحتجين، وهنا أيضاً يتحمل جزءا من المسؤولية بوصفه قائدا لتلك القوات".

 

جزء من الوثائق

 

في المقابل، اعتبر المحلل الاستراتيجي رعد هاشم أن حوادث القتل العمد للمتظاهرين في ساحة التحرير والخلاني والوثبة وفي المحافظات الوسطى والجنوبية، فضلاً عن عمليات الخطف والتغييب بحق المحتجين السلميين، لم تكن حوادث فردية عرضية، ولم يكن المسؤول عنها مجهولا، إنما كانت إيعازات منظّمة ومحسوبة، معد لها بإحكام، تديرها غرفة عمليات مرتبطة بعادل عبد المهدي، ومنسقها العام (أبو جهاد الهاشمي) الذي يستلم التوجيهات الرئيسية من "قاسم سليماني" مباشرة (قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني)، الذي كان يحرص على ألا تتوسع الاحتجاجات لتصل إلى الأحواز والمناطق ذات الأغلبية العربية المسحوقة في إيران".

كما رأى أن المسؤولية الجنائية التي يتحملها عبد المهدي تضعه تحت طائلة العقاب، ولن تبرئه أي حصانة سياسية أو تزكية إيرانية"، بحسب تعبيره.