Skip to main content

الخلاف بين الإخباريين والولائيين

الحوزة العلمية في النجف
AvaToday caption
ساهم في إعادة النظر لهذه المدرسة الإخبارية تلك الضربات التي تعرضت لها بعد الثورة الإيرانية 1979م
posted onOctober 10, 2019
nocomment

محمد السيد الصياد

يُعتبر التيَّار الأَخْباريّ في إيران من أقوى التيَّارات الدينية ذات التأثير في المشهد الحوزوي العام (هناك تيارات داخل الشيعة الإمامية: التيار الأصولي والتيار الإخباري، والأخير يعتبر الروايات الوارد في كتب الحديث صحيحة كافة بينما الإصوليون يضعونها تحت درجات: الصحيح والحسن والمكذوب- المحرر)، وما يتبعه من انعكاسات على الساسة والسياسة.

 ذلك أنّ التيّار استطاع أنْ يتحوّل من مجرّد مدرسة فقهية لها أصولها، وضوابطها في فهم النصوص، والصناعة الفقهية، إلى تيّارٍ عامّ، أقرب إلى الآيديولوجيا، فخرجَ من ضوابط ومحدودية المدرسية والهرمية إلى مرحلة الشيوع والعموم، حتى انسحب تأثيره على جل التيَّارات والمدارس الأخرى حتى ولو لم تتبنَّ كل مقولاته.

ربما ساهم في إعادة النظر لهذه المدرسة الإخبارية تلك الضربات التي تعرضت لها بعد الثورة الإيرانية 1979م، واختفاء مشايخها ومنظّريها من الساحة الدينية والإعلامية، أو كمونهم، لصالح مُنظّري الثورة والنخبة الدينية الجديدة. كذلك فإنَّ التيَّار استولى على الساحة الدينية الشيعية لأكثر من مئتَي عام بعد تأسيسه على يد الأسترابادي، قبل كمونه بسبب عوامل متشابكة، بعضها خارجيّ كتدخّل السُّلْطة السياسية لتقوية التيَّار الأصوليّ على حساب الإخباريين.

 وبعضها داخليّ كجمود التيَّار عند الزمن الروائي دون إدراك عميق للواقع الديني والاجتماعي، فبدا كأنّه عاجز عن إيجاد الحلول الفقاهية والفتووية لعموم الناس، وهنا جاء دور التيَّار الأصولي الذي تبنى الاجتهاد وتجاوب كثيرًا مع حاجات الناس.

فهذا الواقع التاريخي في الحوزة والمشهد الديني لم يكُن ليمرّ دون عودة التيَّار أو أفكاره في التفاعلات الداخلية بالحوزة.

والتيَّار إن يبدُ في الأدبيات الشيعية المعاصرة خافتًا وغير مؤثر، فإنّ المتابع بدقة لأفكاره وفاعليتها في الساحة الشيعية عمومًا، والإيرانية خصوصًا (كردّ فعل على الآيديولوجيا)، يُدرك فاعلية التيَّار في الجماعة الشيعية على المستوى الفقاهي والسياسيّ.

 لكنْ يُمكن القول إنه كتيار مدرسيّ كامن بسبب ما تعرض له من اشتباك عنيف بعيد الثورة الإيرانية 1979م، لدرجة اتهامه بالعمالةِ والنشأة غير السوية من أحد أكبر منظّري التيَّار الولائي، مرتضى مطهري، وهذا الاتهام والاشتباك الذي توالى على الإخبارية بعد الثورة يدلّ في ذاته على فاعلية التيَّار في الحوزة، والخشية من عودته بقوَّة، أو منافسة التيَّار الذي يهيمن الآن على الساحة الحوزوية، إذ لا يُمكن الاشتباك مع تيَّار مندثر.

تحديد مَواطن الخلاف بين الإخباريين والنِّظام الإيرانيّ ما بعد الثورة، وكذلك محاولة فَهْم موازين القوى في البيئة الشيعية الأمّ.

فالتيَّار الإخباري يعتبر نفسه التيَّار الأصيل في الحوزة الشيعية عمومًا، والإيرانية على وجه الخصوص، حيث محلّ النشأة والانتشار والتمدّد.

 في حين أنّ التيّار الولائي يعتبر نفسه في المقابل المتحدث باسم المذهب، وأنّه الامتداد الطبيعي لخطّ الأئمة المعصومين، في حين ثمة تيَّار تقليديّ انتظاريّ حوزويّ ثالث يحاول البقاء في الدرس الحوزوي دون الاشتباك في المسائل الدينية-السياسية مع هذين التيَّارين، ومن هنا نشأ ما سمّاه البعض بالصراع على الإسلام، أو الصِّراع على المذهب والمعتمد فيه.

نُشر في المعهد الدولي للدراسات الإيرانية