Skip to main content

من صاحب قرار إغلاق مضيق هرمز في إيران؟

مضيق هرمز
AvaToday caption
لكن في نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث يتدخل الحرس الثوري في کل مکان، في الاقتصاد والرياضة والفن والسياسة، و... فإن قرار الحرس الثوري (لا الرئيس، ولا مجلس الأمن القومي الأعلى، ولا البرلمان) بشأن هذه القضية الخطيرة ليس أمرًا مستبعدًا
posted onMay 2, 2019
nocomment

حسين عليزادة

توجه أحد الصحافيين إلى محمد جواد ظريف، في نيويورك، بسؤاله: "هل يعتبر إغلاق مضيق هرمز أحد خيارات إيران في مواجهة الولايات المتحدة أم لا؟"..

فأجابه ظريف: "لا أتحدث عن الخيار العسكري.. هذا الأمر يجب أن يقرره العسکريون".

فهل کما يقول وزير الخارجية الإيراني، إن قرار إغلاق مضيق هرمز هو قضية عسكرية وإن العسکريين هم من يتخذون هذا القرار، أم إن العسکريين ينفذون هذه القرارات مثل أي مكان في العالم، ولا يتخذونها بأنفسهم؟

إذا كان الافتراض الثاني صحيحًا، فلماذا يعکس ظريف هذه الحقيقة "مقلوبة"؟ وما هو المعنى المحتمل وراء مثل هذا الرأي؟

لنفْي تصريح ظريف بأن العسکريين هم من يتخذون القرار بشأن إغلاق مضيق هرمز، يكفي أن نتذكر أنه بعد التصريحات الأولية لحكومة ترامب بتصفير صادرات النفط الإيرانية، کان حسن روحاني، بصفته رئيسًا (وليس عسكريًا)، أول من أثار موضوع إغلاق مضيق هرمز كأحد الخيارات في مواجهة الولايات المتحدة.

ذکر ذلك روحاني، خلال زيارته إلى سويسرا، في يوليو (تموز) 2018، حيث قال: "زعم الأميركيون أنهم يريدون وقف صادرات النفط الإيرانية بالكامل. إنهم لا يفهمون معنى هذا التصريح، لأنه لا معنى لعدم تصدير النفط الإيراني بينما يجري تصدير نفط المنطقة، إذا استطعتهم فافلعوا ذلك لكي تروا النتائج".

ورغم أنه لم يهدد صراحة بإغلاق مضيق هرمز، فإن الجميع استنتجوا هذا المعنى.

وخلال أيام قليلة فقط من هذا الموقف، أثنى آية الله خامنئي، خلال لقائه كبار مسؤولي وزارة الخارجية، على موقف روحاني، قائلاً إن تصريح الرئيس أثناء زيارته إلى أوروبا الذي يفيد بأنه "إذا لم تقم إيران بتصدير نفطها، فلن يتم تصدير نفط أي دولة في المنطقة"، هو تصريح مهم يعکس سياسة النظام ونهجه.

والأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن مرشد الجمهورية الإسلامية خاطب الدبلوماسيين الحاضرين في الاجتماع، والذي حضره وزير الخارجية، جواد ظريف، أيضًا، قائلا: "إن واجب وزارة الخارجية هو متابعة مواقف الرئيس بجدية".

ووفقًا لما أوردناه:

أولاً: الإعلان الأول عن إغلاق مضيق هرمز لم يكن من قائد عسكري، بل عبر مسؤول حكومي وهو رئيس الجمهورية.

ثانيًا: تم التأكيد على موقف الرئيس من قبل القائد الأعلى للنظام السياسي، أي المرشد الأعلى.

وثالثًا: أعطى المرشد أوامره بمتابعة هذا القرار لأول مرة للدبلوماسيين، وليس للعسکريين، وهذا ليس منطقيًا.

مع هذا الأيضاح، لماذا يعتقد ظريف أن اتخاذ مثل هذا القرار يرجع للعسکريين؟

ردًا على هذا السؤال، هناك احتمالان:

أولاً: التملص من الموضوع

صدر تعليق ظريف الجديد أثناء زيارته إلى نيويورك، فهو يعلم جيدًا أن رده الإيجابي في نيويورك على القرار الذي أقره الرئيس روحاني والمرشد خامنئي، يمكن أن يكون ذريعة كبيرة لوسائل الإعلام الأميركية الکبيرة لاتهام إيران بزعزعة النقل البحري وبالتالي التأثير على رحلات الشحن بأكملها. لذلك، فإن تجنب الإجابة هو الخيار الأفضل، وفي نفس الوقت فإنه لم يستبعد إغلاق هرمز. هو في النهاية تملص من الموضوع.

ثانيًا: الحرس الثوري صانع القرار الرئيسي

الافتراض المحتمل الآخر هو أن ظريف- عن تبصر- يشير إلى الحقيقة واضحة، بأن الحرس الثوري، باعتباره الركن الأساسي للنظام، لا ينفذ مثل هذه القرارات فحسب، بل إنه هو مِنْ يتخذ هذه القرارات أيضًا.

وعلى الرغم من أن هذا أمر غريب، ولكن في نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث يتدخل الحرس الثوري في کل مکان، في الاقتصاد والرياضة والفن والسياسة، و... فإن قرار الحرس الثوري (لا الرئيس، ولا مجلس الأمن القومي الأعلى، ولا البرلمان) بشأن هذه القضية الخطيرة ليس أمرًا مستبعدًا.. فإذا اتخذ الحرس الثوري هذا القرار، فإن المرشد الأعلى سيعترف به، لأنه القائد الأعلى للقوات المسلحة في البلاد.

لا ينبغي أن ننسى أن قائد القوات البحرية للحرس الثوري، علي رضا تنكسيري، هو من أثار قضية إغلاق مضيق هرمز، في المرة الأخيرة، حيث قال: "إن مضيق هرمز ممر بحري وفق القوانين الدولية وسنغلقه إذا تم منعنا من استخدامه".

ويبدو أن ما تحدث عنه القائد بالحرس الثوري إما أنه الكشف عن قرار تم اتخاذه على المستوى الكلي (ليس فقط بإرادة الحرس الثوري) وإما أنه للتحايل ولن يحدث.

علينا أخيرا أن نتذكر مكابرة خامنئي وعدم دقته في تقدير إمكاناته، قبل عدة سنوات، حين قال: "إذا لزم الأمر، فإن الجمهورية الإسلامية سوف تستخدم صادرات النفط کسلاح اقتصادي"، لكنها لم تفعل ذلك.. والآن تغير الوضع بحيث تسعى الولايات المتحدة إلى تصفير صادرات النفط الإيرانية.

 

محلل سياسي ودبلوماسي سابق