Skip to main content

طهران يستنجد بمهرب نفط ومحكوم بالإعدام

بابك زنجاني
AvaToday caption
زنجاني، مدح وزراء حكومة أحمدي نجاد خلال مختلف جلسات المحاكمة وبشكل خاص رستم قاسمي، ولم تبد عليه ملامح الخوف عندما سمع حكم الإعدام ضده لأنه يبدوا كان واثقا من أنه لن يعدم بل سيتم الإفراج عنه
posted onApril 20, 2019
nocomment

بلغت صادرات النفط الإيراني إلى أدنى مستوياتها بسبب العقوبات الأميركية الشديدة، لكن النظام في طهران والحرس الثوري يحاولان إعادة تأهيل رجال أعمال لتأسيس شبكات للالتفاف على العقوبات كما كانت قبل الاتفاق النووي عام 2015.

ومن أبرز هؤلاء الشخصيات بابك زنجاني، المعتقل حاليا بتهم فساد والمحكومة بالإعدام، والذي كان يعمل سمسارا لبيع النفط الإيراني من خلال الشركات التابعة للحرس الثوري إبان فترة العقوبات الدولية وخاصة خلال فترة حكم الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد ( 2005 - 2013).

ويعتبر زنجاني من أغنى أغنياء إيران، ويمتلك 70 شركة، من بينها "هولدينغ سورينت قشم" و"بنك الاستثمار الإسلامي الأول" في ماليزيا و"مؤسسة الاعتبارات المالية"، ومصرف "ارزش" في طاجيكستان، ويمتلك حصصا في شركة "أنور" التركية للطيران.

وهناك حاليا حديث يدور حول وزير النفط الإيراني السابق، رستم قاسمي، العقيد السابق في الحرس الثوري، وهو الشخصية الرئيسية التي كانت وراء صعود بابك زنجاني.

ولقاسمي بصمات في جميع الملفات النفطية حيث قام ومعاونوه بمساعدة بابك زنجاني، وكذلك إنشاء نسخ مماثلة منه في بلدان أخرى في المنطقة؛ لاستمرار مبيعات النفط بالطرق غير القانونية وتمويل تدخلات الحرس الثوري الإقليمية والميليشيات التابعة له.

ويمكن تشبيه ظاهرة تاجر النفط السوري محمد عامر الشويكي، وبعض قادة الجماعات الشيعية الموالية لطهران بالتاجر بابك زنجاني. وتمكنت إيران من خلال هذه الشبكة وبإشراف رستم قاسمي في تأسيس إمبراطورية فساد منظمة في المنطقة.

ولد رستم قاسمي في مدينة لامرد، بمحافظة فارس، جنوب إيران، وانضم إلى الحرس الثوري عام 1981 عندما كان يبلغ من العمر 17 عاما. اشتهر اسمه في حقبة حكومة محمود أحمدي نجاد ( 2005- 2013) حيث كان قائدا لمقر " خاتم الأنبياء" الذراع المالي للحرس الثوري الذي كان يتولى مشاريع إعادة الإعمار في فترة ما بعد الحرب الإيرانية العراقية ثم توسع نشاطه في كل المجالات.

وقبل ذلك، كان رستم قاسمي قائد قاعدة "نوح" البحرية بالحرس الثوري والتي تعمل على إنشاء الأنفاق والمنشآت تحت الأرض وكذلك تتولى مشاريع الغاز و البتروكيماويات والنفط وبناء المراسي.

وخلال توليه مقر " خاتم الأنبياء"، اشترى قاسمي شركة "صدرا" لصناعة السفن لصالح الحرس وفتح الطريق لعمليات التهريب النفطية من خلالها.

وكان أحمدي نجاد قد اشتكى في ولايته الثانية من جهات "تمتلك موانئ خارجة عن سيطرة الجمارك" واتهم الحرس الثوري علنا بعمليات التهريب.

لكن رغم عدم شهرته داخليا، فإن اسم رستم قاسمي متداول لدى وسائل الإعلام الغربية حيث أدرجته مجلة "فوربس" في المرتبة 32 قائمة أقوى رجال الشرق الأوسط لعام 2012. كما نقلت عنه مجلة "فورين بوليسي" عام 2013 بأنه لا يواجه مشاكل في بيع النفط الإيراني رغم العقوبات.

تعرف رستم قاسمي على بابك زنجاني عندما كان الزول يقود مقر خاتم الأنبياء، ثم توطدت علاقتهما عندما أصبح قاسمي وزيرا للنفط في عهد أحمدي نجاد.

خلال تلك الفترة، سلم قاسمي عمليات تهريب النفط الإيراني بيد زنجاني وسهل له كل شيء وفتح يديه على كل المنافذ والامتيازات.

وكانت خدمات الوزير لزنجاني كبيرة جدا إلى درجة أنه لم يعترف عليه بشيء خلال جلسات محاكمته التي لا زالت مستمرة.

وكان النائب الإيراني السابق وعضو لجنة متابعة ملف فساد زنجاني، قد كشف في تصريحات أن الأخير مدح وزراء حكومة أحمدي نجاد خلال مختلف جلسات المحاكمة وبشكل خاص رستم قاسمي، ولم تبد عليه ملامح الخوف عندما سمع حكم الإعدام ضده لأنه يبدوا كان واثقا من أنه لن يعدم بل سيتم الإفراج عنه بضغط من قاسمي وقادة الحرس الثوري.

كان لقاسمي دور مهم في تطوير برنامج الصواريخ الإيراني عندما كان قائدا لمقر خاتم الأنبياء، حيث قام بإنشاء منصات متطورة وكذلك الجزء النووي المتعلق بالاختبارات الصاروخية حيث تم وضع اسمه على لائحة العقوبات في كل من أميركا وأوروبا وأستراليا لهذا السبب.

بعد مشاركته في برامج الصواريخ والنووي، ارتبط اسم رستم قاسمي بملف النفط الإيراني حيث بات اسمه يرد في كل ملف يتعلق بمبيعات النفط في السوق السوداء او الاختلاسات وملفات الفساد أو حتى في غسيل الأموال.

وكانت لجنة التخطيط والموازنة في البرلمان الإيراني ذكرت في تحقيق أن قاسمي تعامل عام 2012 مع قائد قوات الأمن الداخلي السابق إسماعيل أحمدي مقدم، والتعاونية التابعة لهذه القوات برئاسة ابوالفضل قنبربور، حيث منحهم عقدا تم توقيعه من قبل شركة النفط الوطنية الإيرانية منحهم بموجبه 600 ألف برميل ليتم بيعها من خلال شركة بتروتيما التابعة للأمن الداخلي.

وكان أحمدي مقدم قد اعترف في تصريحات عام 2014 أن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد اقترح عليه بيع جزء من منتجات النفط التي لم تستطع بيعها بسبب العقوبات، وذلك من أجل دفع رواتب قوات الأمن الداخلي.

وقال أحمدي مقدم أن الأمن الداخلي استلم شحنتين بقيمة 240 مليون دولار بينما لم يودع 180 مليون دولار منها في خزانة الدولة بل دفعها مباشرة إلى الأمن الداخلي كرواتب متأخرة لعناصره.

وتفيد التقارير بأن رستم قاسمي سهل أيضا تعاملات بيع النفط لقائده في فيلق القدس قاسم سليماني، ووفر المبالغ الطائلة له لتمويل ميليشياته في الشرق الأوسط.

وأنشأ قاسمي شبكة تمتد من طهران إلى بغداد ودمشق وبيروت وحتى المتوسط ووضع فيها أشخاصا مثل بابك زنجاني كسماسرة لبيع النفط الإيراني.

وقام أعضاء هذه الشبكة بتوفير الأموال من خلال بيع النفط في السوق السوداء وتحويل عائداتها عن طريق عمليات غسل الأموال والالتفاف على العقوبات.

وبهذه الطريقة كان سليماني يمول ميليشيات حزب الله اللبناني والنظام السوري وسائر الجماعات المسلحة التي تقاتل تحت إمرة الحرس الثوري في سوريا وجماعة الحوثي في اليمن والخلايا التابعة لإيران في مختلف الدول.

وكانت وزارة الخزانة الأميركية أعلنت في نوفمبر 2018 عن تفكيك شبكة لبيع النفط وغسيل الأموال تديرها شركات إيرانية وروسية وسورية يديرها لمساعدة نظام الأسد.

كان السفير الإيراني السابق في العراق حسن دانائي فر، بمثابة رجل الظل لرستم قاسمي، حيث يرد اسمه في أية مناسبة يُذكر فيها اسم قاسمي.

ودانائي فر عضو بارز في الحرس الثوري وكان قنصل إيران العام في أربيل قبل أن يتم تعيينه سفيرا في بغداد، وتعود علاقته بقاسمي إلى فترة بناء المراسي من قبل مقر نوح التابعة لبحرية الحرس الثوري.

وكان دانائي فر يشغل في تلك الفترة منصب مساعد الشؤون البحرية في الحرس الثوري ويسهل لقاسمي عمليات التهريب النفطي عن طريق البحر.

وفي حقبة حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني، قام نائبه الأول إسحاق جهانغيري بتعيين رستم قاسمي مستشارا له وطلب منه توسيع العلاقات مع العراق من خلال دانائي فر.

لكن بعد عامين تم عزل قاسمي لخلافات نشبت بينه وبين جهانغيري لأنه عارض إبرام الحكومة عقودا نفطية مع شركات خارجية.

وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "اقتصاد نيوز" في تقرير أن رستم قاسمي لعب دورا مهما في إفشال إبرام عقود نفط مع الشركات الخارجية.

لكن المثير في هذه العلاقة، أن جهانغيري قام بعد ذلك بتعيين حسن دانائي فر، مستشارا له لتوسيع العلاقات مع العراق وسوريا.

وكان دانائي فر مسؤولا عن لجنة العلاقات الاقتصادية بين إيران وسوريا، وقد التقلى برئيس النظام السوري بشار الأسد عدة مرات وقد وعد باستمرار المساعدات النفطية لسوريا عام ٢٠١٥ رغم انخفاض سعر النفط آنذاك حيث هبط لما دون الـ 50 دولارا للبرميل.