خلال "السيوف الحديدية"، تم إطلاق مجموعة متنوعة من الأسلحة الإيرانية على إسرائيل لم تواجهها البلاد من قبل. فكيف ينبغي لإسرائيل أن تتعامل مع هذا التهديد؟
تتعرض إسرائيل لهجوم من أطراف مختلفة باستخدام أسلحة إيرانية أهمها التهديد الجوي. تنوع الوسائل التي ظهرت في الحرب، إلى جانب القدرات الجديدة وإشراك جهات فاعلة جديدة في الصراع، تدق ناقوس الخطر، الأمر الذي سيتطلب تجهيز وسائل القتال وتغيير المفاهيم في هذا السياق. إضافة إلى ذلك، على إسرائيل أن تؤكد تنوع التهديد الجوي العالمي الذي ترعاه إيران، للتذكير بأن المشكلة ليست إسرائيلية فقط، كما تقول ماتان يانكو أبيكسيس، التي عملت في مديرية البحث وتطوير الأسلحة والبنية التحتية التكنولوجية (MPAAT) في وزارة الدفاع الإسرائيلية، وليران عنتابي، الباحثة الأولى في معهد دراسات الأمن القومي وتدير برنامج "التقنيات المتقدمة والأمن القومي" فيه، وذلك في دراسة نشرها موقع معهد دراسات الأمن القومي.
تقول الباحثتان إن معظم الأسلحة المستخدمة اليوم ضد إسرائيل، بما فيها المستخدمة في الجو من صواريخ باليستية، وقنابل هاون وصواريخ مضادة للدبابات وطائرات من دون طيار، مصنوع في إيران، أو يعتمد على التكنولوجيا الإيرانية. ففي 18 أكتوبر 2023، نقل التلفزيون الإيراني عن المرشد الأعلى علي خامنئي قوله إنه لن يكون من الممكن إيقاف قوى المقاومة إذا استمرت الحرب. تقول الباحثتان: "في الأسابيع التي مرت بعد هجوم حماس، لم تتعرض إسرائيل لهجوم من قطاع غزة وحده. تم إطلاق الصواريخ والطائرات الانتحارية من دون طيار على إسرائيل من الحوثيين في اليمين، وتم إطلاق صواريخ وصواريخ مضادة للطائرات وطائرات بدون طيار وطائرات من دون طيار من لبنان، وحتى طائرة من دون طيار متفجرة من سوريا أصابت إيلات. ووراء كل ذلك، وبطرق مختلفة، تقف إيران.
بحسبهما، يتصدى الدفاع الجوي الإسرائيلي لهذه الهجمات بنجاح كبير. وبفضله، تم إحباط معظم عمليات الاعتراض، ومن بين الوسائل الأكثر فتكاً حتى الآن الصواريخ المضادة للدبابات التي يتم إطلاقها على إسرائيل من غزة ولبنان. تقولان: "قد تشير هذه الهجمات إلى أن إسرائيل أقل استعدادًا للتعامل مع التهديدات الجوية قصيرة المدى، مقارنة بمجموعة متنوعة من الطبقات المستعدة للتعامل مع التهديدات طويلة المدى. وبالفعل، كان الاعتراض بعيد المدى ناجحًا. وتعد هذه المواجهة الأولى التي تعمل فيها أنظمة القبة الحديدية وديفيد سلينغ ودايموند وأرو، بما في ذلك أول استخدام عملياتي ناجح لمنظومتي "سهم 2" و"سهم 3" اللتين تعترضان خارج الغلاف الجوي. على الرغم من عمليات الاعتراض الناجحة، فإن الصاروخ الباليستي الذي تم إطلاقه من اليمن في 19 أكتوبر اثار قلق إسرائيل والدول الأخرى، لأنه صاروخ باليستي".
تضيف الباحثتان أن إطلاق صاروخ باليستي من قبل جهة غير دولة يشير إلى تغير في توزيع التقنيات المتقدمة والأسلحة بعيدة المدى والفتاكة. فعلى مر السنين، قامت إيران بتقديم الطائرات من دون طيار والصواريخ والقذائف إلى حماس والميليشيات الشيعية العراقية والفصائل في سوريا، وحزب الله في لبنان. وفي السنوات الأخيرة، تفاخرت إيران بقدراتها على إنتاج الطائرات من دون طيار، وقد بدأ هذا المجال في منتصف الثمانينيات خلال الحرب الإيرانية العراقية، عندما تم تقديم "أبابيل 1" و"مهاجر 1" كأسلحة متجولة أو للمراقبة والاستطلاع. تطورت صناعة الطائرات من دون طيار وتقدمت باستمرار، وتوسع الإنتاج نفسه بشكل كبير منذ عام 2014، عندما بدأ الإنتاج التسلسلي لنموذج "شاهد 129"، الطائرة من دون طيار الأكثر شيوعًا في البحرية الإيرانية.
تقول الباحثتان: "يعتمد تنوع الطائرات من دون طيار الإيرانية بشكل أساسي على قدرات الهندسة العكسية للطائرات من دون طيار الإسرائيلية والأميركية. ويُزعم أن طراز "شاهد 129" يكاد يكون مطابقًا لطراز "هيرميس-450" الذي تنتجه شركة إلبيت سيستمز. ويعتبر طراز "شاهد 171" نسخة من الطائرة الأميركية بدون طيار "آر كيو 170"، التي سقطت على الأراضي الإيرانية في ديسمبر 2011". كما تم تسجيل نقطة تحول في توزيع الأسلحة الإيرانية في أعقاب الحرب في أوكرانيا، عندما أصبحت إريان عاملاً عالمياً مهيمناً في مجال صادرات الطائرات من دون طيار وأكبر مورد للجيش الروسي.
زودت إيران روسيا بثلاثة نماذج من الطائرات بدون طيار التي تنتجها: "شاهد 131" و"شاهد 136"، إضافة إلى الطائرة الهجومية من دون طيار "مهاجر 6" التي تستخدم لجمع المعلومات الاستخبارية وحمل الذخيرة، وجميع تلك الطائرات من دون طيار رخيصة الصنع ترفد المجهود الحربي الروسي لسد الثغرات العملياتية في أوكرانيا. وبحسبهما، بعد الخبرة التي اكتسبتها الطائرات من دون طيار الإيرانية في الحرب في أوكرانيا، "أبدت دول أخرى اهتمامها بشرائها، وفي العام الماضي، نُشرت عدة تقارير تفيد بأن إيران واجهت صعوبة في تلبية الطلب المتزايد على الطائرات من دون طيار الانتحارية، وساعدت موسكو لهذا الغرض ببناء مصنع في سوريا، لكن من المتوقع أن ينتقل الإنتاج إلى مصنع يتم بناؤه بمساعدة إيرانية في الأراضي الروسية مصمم لإنتاج 6000 مسيرة".
حتى الآن، لم تتعرض إسرائيل لوابل من القذائف المشتركة يتجاوز حدود قدراتها الدفاعية الجوية، لكن ليس هناك ما يضمن بقاء الوضع على هذا النحو في حالة حدوث مواجهة على الجبهة الشمالية. وبحسب الباحثتين، كشفت البيانات التي نشرها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في 9 نوفمبر أنه منذ بداية الحرب، "تم إطلاق نحو 9500 صاروخ وعشرات الطائرات على الأراضي الإسرائيلية، منها 3000 صاروخ في الساعات الأولى من الحرب. بينما فشل بعض عمليات الإطلاق أو تم إطلاقها نحو ما تحدده أنظمة الدفاع على أنها مناطق مفتوحة، واعترض نظام الدفاع الجوي نحو 2000 صاروخ وعشرات الطائرات من مختلف الأنواع. كما وقعت حالات فشل كثيرة في إيلات مثلًا، بسبب طائرة من دون طيار متفجرة انطلقت من سوريا".
وتختم الباحثتان دراستهما بالقول إن الهجمات من غزة ولبنان واليمن وسوريا والعراق تؤكد كيف تقلل إيران من خطر الصراع المباشر مع إسرائيل من خلال الانخراط في صراع لا مركزي بواسطة جهات فاعلة غير حكومية. وتتوقعان أن تستخدم إسرائيل مجموعة متنوعة من التقنيات التي تتيحها الصناعات الدفاعية الإسرائيلية، وأن توسع تحالفاتها مع دول أخرى، إلى جانب تعززي التعاون مع الولايات المتحدة التي تزود إسرائيل أيضًا بصواريخ القبة الحديدية.