Skip to main content

النظام الإيراني في مواجهة فشل سياساته

قادة نظام الملالي
AvaToday caption
من المستبعد أن تكون الأزمات التي مرت بها إيران عبر علاقاتها المضطربة مع العالم قد دفعت نظامها إلى النظر بطريقة مختلفة إلى الشعب ولا إلى حقه في أن يقول كلمته
posted onJune 18, 2023
nocomment

فاروق یوسف

باتت مشكلات إيران مع الآخرين معروفة وهي مشكلات ليست معقدة إذا ما قورنت بمشكلات نظامها مع شعبها الذي يقف على صفيح ساخن كما يُقال، فهو في انتظار خطأ يرتكبه النظام في مناسبة ما لينفجر. تلك حقيقة لا يعترف بها الملالي بعد أن صوروا لأنفسهم أن الحرس الثوري قادر على حسم الأمور لصالحهم إذا ما اشتعل الشارع بتحريض من قوى أجنبية كما يزعمون. لم يقل أحد من أركان النظام السابقين ولو على سبيل شراء رضا الشعب أن سياسة النظام تسير في الطريق التي لا تؤدي إلى ترفيه الشعب وهو ما جعل الشعب يسير في طريق آخر. طريقان لا تلتقيان. وإذا ما كانت المناسبات الجنائزية فرصة للنظام لكي يفرض أجندته الاعلامية المؤقتة فإن الشعب صار ماهرا في اختراع مناسباته التي يُشعر بها النظام بخطر زواله. ومثلما يتميز النظام الإيراني بالعناد الذي يصل إلى درجة الغباء فإن للإيرانيين عنادهم الذي يصنفهم شعبا صعبا.

كانت ظروف نجاح الثورة الإيرانية وصعود الخميني إلى السلطة عام 1979 معقدة وهي أكبر من حقيقة موقف الشعب الإيراني من نفسه ومن إرادته ومن مصيره. يومها تداخلت عوامل عالمية وداخلية وصنعت نسيج حكاية أريد لها أن تلف الشرق العربي بكآبتها وظلامها الذي كان محل رهان غربي سبق رهانه على الربيع العربي بعقود. كان من الصعب يومها أن يحل نظام ليبرالي محل نظام الشاه. لقد تم وضع نظام ديني شمولي محل نظام مدني شمولي. لم يكن الغرب ليخسر فرصته ويبدد الاستبداد حين رأى نظام الشاه وهو يتهاوى. اما حين قفز الخميني إلى السلطة مدعوما من قبل العالم الخارجي فإن فرصة الشعب الإيراني في بناء دولة ديمقراطية كانت قد محيت، بالرغم من جهود المقاومة التي بذلتها أطراف مدنية، الكثير منها عمل مع النظام أملا منه في أن يكون الخميني مجرد رمز وان لا تُسقط عمامته ظلها على الدولة في إيران.

وبالرغم من مضي أكثر أربعين سنة على استقرار الملالي على كرسي الحكم المطلق فإن شيئا لم يتغير في النهج الذي يتبعه النظام. وهو لن يتغير لأن دولة غطاؤها الدين لا يمكن أن تتخلى عن سياسات وتتبنى سياسات جديدة وإلا تكون قد تخلت عن ثوابتها الدينية كما يظن أتباع الولي الفقيه وهو الامام المنزه عن الخطأ. لذلك من المستبعد أن تكون الأزمات التي مرت بها إيران عبر علاقاتها المضطربة مع العالم قد دفعت نظامها إلى النظر بطريقة مختلفة إلى الشعب ولا إلى حقه في أن يقول كلمته. فكل المحتجين في كل المناسبات السابقة هم من وجهة نظر النظام أعداء الجمهورية الإسلامية الذين ينفذون تعليمات قوى الاستكبار العالمي وفي مقدمتها الولايات المتحدة وإسرائيل. تلك تهمة جاهزة قادت الكثير من شباب إيران إلى حبل المشنقة ولا يختلف الأمر الآن عما فعلته المحاكم التي قادها خلخالي قبل أربعين سنة.

قد يغير النظام الإيراني لغته في ما يتعلق بالعلاقات مع الخارج فتنخفض حدة التوتر في المنطقة غير أن ذلك لا يعني تخليه عن برنامجه في تكريس وجوده قوة حرب مدمرة من خلال صواريخ بالستية جديدة وطائرات مسيرة ذات كفاءة عالية. هو ما يعني أن خطر وجوده سيظل ماثلا. إنه موجود لكي يحارب. لا يملك النظام الإيراني في جعبته خطة للسلام ليطرحها من أجل أن يكون كيانا ايجابيا في المنطقة. هناك شعور داخلي بأن مؤامرة إزالته ومحوه لا تزال قائمة وأن القوى الخارجية تنسق مع أطراف داخلية لانجاحها. ذلك ليس وهما، بل هي فكرة اعتبرها النظام أساسا لحقه في الدفاع عن وجوده ضد المارقين المتمردين على خط الامام.

عقدة خلقها النظام من أجل تصفية أعدائه من غير أن يقوى على الاعتراف بهزيمته الداخلية على مستوى عدم قدرته على اخضاع الشعب المتمرد. كان من شأن اعتراف النظام بفشل سياساته على المستويين الداخلي والخارجي أن يمنحه فرصة الحوار مع الخارج من غير مخاتلة ولا مكر كما أن ذلك سيحسن علاقته بالداخل الذي لا يثق بكل السياسات التي يتبعها النظام في إدارة شؤونه. وبغض النظر عن محاولة النظام تهديد الأمن والسلام في المنطقة فإنه خسر فرصة استمالة الشعب إليه.

يواجه النظام الإيراني وحشا صنعه بيديه.