Skip to main content

الصحافيتان نيلوفر وإلهه لا تزالان خلف القضبان

الصحافيتان الإيرانيتان
AvaToday caption
فازت الصحافيتان الإيرانيتان نيلوفر حامدي وإلهه محمدي إلى جانب نرجس محمدي، بجائزة اليونسكو/غييرمو-كانو العالمية لحرية الصحافة لعام 2023، بناء على توصية لجنة تحكيم دولية
posted onMay 3, 2023
nocomment

في ظل استمرار اعتقال 25 صحافيا إثر حملة توقيفات طالت 72 منهم منذ وفاة مهسا أميني في 16 سبتمبر/أيلول 2022، تعد إيران من بين أكثر الدول قمعا لحرية الصحافة، حسب تقرير نشرته الأربعاء منظمة مراسلون بلا حدود، يضع الجمهورية الإسلامية في المرتبة 177 من أصل 180 بلدا. يلحظ أن أغلبية الصحافيين المسجونين هم من النساء، بينهن صحافيتان قامتا بتغطية وفاة الشابة الكردية، لكن حالتهن هي مبعث قلق بشكل خاص.

ظهر والدا مهسا أميني (22 عاما) حزينان وهما يتعانقان في رواق فارغ بمستشفى الكسرة في طهران، فور علمهما بوفاة ابنتهما بعد ثلاثة أيام من اعتقالها من "شرطة الأخلاق" بسبب طريقة ارتدائها الحجاب، في صورة التقطتها لهما الصحافية نيلوفر حامدي.

لكن تلك الصورة التي التقطتها حامدي ونشرتها كلفتها حريتها، حيث لا تزال تقبع خلف القضبان منذ أكثر من 7 أشهر. كما كانت حامدي وهي مراسلة صحيفة الشرق (إصلاحية) أول من أعلن عن وفاة الشابة الكردية في 16 سبتمبر/أيلول 2022، من خلال نشر تلك الصورة على منصة تويتر. أشعل هذا المنشور لاحقا احتجاجات في الجمهورية الإسلامية وسلسلة من المظاهرات ضد السلطة استمرت لأشهر.

وكانت الصحافية البالغة من العمر 31 عاما اعتقلت في منزلها من قبل عملاء الاستخبارات في 20 سبتمبر/أيلول أي بعد أربعة أيام من نشرها للصورة. وتم اعتقالها "بدون أن يكون هناك أية محاكمة"، وفق منظمة مراسلون بلا حدود التي نشرت الأربعاء تقريرا عن وضع حرية الصحافة في العالم.

لاحقا، علمت حامدي بالتهم الموجهة إليها، بعد أن أعلن القضاء الإيراني في 26 أبريل/نيسان أنها متهمة بتهم ثقيلة هي "التعاون مع الولايات المتحدة، تقويض الأمن القومي، والدعاية ضد النظام".

إلى جانبها في سجن قرجك سيء السمعة جنوبي طهران، تواجه الصحافية إلهه محمدي (35 عاما) التهم عينها. وكانت مراسلة صحيفة هاميهان (إصلاحية)، اعتقلت في 29 سبتمبر/أيلول، أي بعد بضعة أيام فقط من اعتقال نيلوفر حامدي. وكان السبب هو سفرها إلى مدينة سقز الواقعة في كردستان الإيرانية مسقط رأس مهسا أميني، وقيامها بتغطية جنازة الشابة، والتي اندلعت على إثرها أولى المظاهرات التي نددت بوفاتها.

والثلاثاء، فازت الصحافيتان الإيرانيتان نيلوفر حامدي وإلهه محمدي إلى جانب نرجس محمدي، بجائزة اليونسكو/غييرمو-كانو العالمية لحرية الصحافة لعام 2023، بناء على توصية لجنة تحكيم دولية.

وقال موقع أخبار الأمم المتحدة في بيان إن "نرجس محمدي قد عملت صحافية لسنوات عديدة وهي مؤلفة ونائبة لمدير مركز المدافعين عن حقوق الإنسان منظمة المجتمع المدني ومقرها طهران. وهي تقضي حاليا عقوبة بالسجن لمدة 16 عاما في سجن إيفين".

أضاف نفس البيان: "واصلت نرجس محمدي الكتابة من السجن، كما أجرت مقابلات مع سجينات أخريات. تم تضمين هذه المقابلات في كتابها "التعذيب الأبيض". وفازت عام 2022 بجائزة الشجاعة التي تقدمها منظمة مراسلون بلا حدود".

ونقل موقع الأمم المتحدة عن أودري أزولاي المديرة العامة لليونسكو قولها: "الآن أكثر من أي وقت مضى، من المهم أن نشيد بجميع الصحافيات اللواتي يُمنعن من أداء وظائفهن ويواجهن التهديدات والاعتداءات على سلامتهن الشخصية. اليوم نكرم التزامهن بالحقيقة والمساءلة".

كما قالت زينب سلبي رئيسة لجنة التحكيم الدولية للمهنيين العاملين في وسائط الإعلام، حسب نفس الموقع: "نحن ملتزمون بتكريم العمل الشجاع للصحافيات الإيرانيات اللواتي أدت تغطيتهن إلى ثورة تاريخية بقيادة النساء. لقد دفعن ثمنا باهظا لإلتزامهن بالكتابة عن الحقيقة ونقلها. ومن أجل ذلك، نحن ملتزمون بتكريمهن والتأكد من استمرار صدى أصواتهن في جميع أنحاء العالم حتى يصبحن آمنات وحرات".

وفيما يستمر اعتقالهن، نددت مراسلون بلا حدود بـ"الاتهامات المروعة" ضد الصحافيتين وطالبت بالإفراج عنهما. ففي إيران، يُعاقب على تهم التجسس بالإعدام وبالتالي فإن حالتي نيلوفر وإلهه هي مثيرة للقلق بشكل خاص. يقول جوناثان داغر رئيس مكتب الشرق الأوسط في المنظمة: "كلاهما أصبح رمزا لقمع حرية الصحافة في إيران، ولكن أيضا لحركة [امرأة، حياة، حرية]. هن صحافيات ونساء. بالتالي فهن رموز على أكثر من مستوى. لهذا السبب تعاملهن الحكومة الإيرانية بصرامة أكبر. يضيف المسؤول الحقوقي: "تميل إيران إلى قمع الصحافيين بشكل أكبر حيث إنهم أول من يكشف عن المعلومات، وذلك لمعاقبتهم وجعلهم عبرة للصحافيين الآخرين وأيضا للنساء الأخريات".

كما تحتجز السلطات الإيرانية تسع صحفيات أخريات، بينهن ثماني تم اعتقالهن منذ الاحتجاجات التي أعقبت وفاة مهسا أميني. يقول جوناثان داغر في هذا الصدد: "هذا أمر غير مسبوق في البلاد وأعداد (الموقوفات) هي من بين الأعلى في العالم"، كما يشرح داغر سبب القمع الأكثر حدّة بحق الصحافيات "لأنهن يلعبن دورا هاما في تغطية هذه الحركة، خصوصا لإيصال صوت النساء. اللاتي هن أصلا في مقدمة الاحتجاجات".

وفي المجموع، أحصت مراسلون بلا حدود اعتقال 72 صحفيا منذ 16 سبتمبر/أيلول، لا يزال 25 منهم خلف القضبان لحد الساعة، ما يجعل الجمهورية الإسلامية سابع دولة في العالم تحتجز أكبر عدد من الصحافيين بعد الصين، بورما، فيتنام، تركيا، سوريا، وبيلاروسيا.

وبالنسبة للصحافيين الذين تم إطلاق سراحهم، "يمكن أن يتحول الإفراج عنهم إلى تهديد بحد ذاته، بسبب العقوبات التي تبقى مثل سيوف داموقليس (أسطورة حول التشهير بالناس) جاثمة فوق رؤوسهم"، حسب ما أوضح جوناثان داغر.

نازيلا معروفيان، هي حالة أخرى لامرأة صحافية حقّقت بدورها في وفاة مهسا أميني. فقد حُكم عليها بالسجن لمدة عامين مع وقف التنفيذ، من دون محاكمة، بعد أن أمضت 71 يوما في السجن. وكانت التهم الموجهة إليها هي "الدعاية ضد النظام ونشر أخبار كاذبة". تنحدر نازيلا من نفس مدينة الشابة الكردية، وقد تم استهداف منزلها من قبل السلطات الإيرانية لنشرها مقابلة مع والد مهسا أميني على موقع "مستقل آنلاين" الإخباري.

آخرون هم أيضا من المستفيدين من قرار الإفراج لكن بعد توقيعهم "اعترافات" أو "تصريحات ندم" أو تعهدات أخرى مثل عدم تغطية مظاهرات معينة أو مواضيع محددة، وفق منظمة مراسلون بلا حدود. من بين هؤلاء الصحافيين، كان علي پورطباطبایی، الذي يعمل لحساب موقع إخباري محلي في مدينة قم (جنوب غرب طهران)، أول من كشف عن قضية حالات تسمم لفتيات بغاز مجهول في مدارس مدينته في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

ألقي القبض پورطباطبایی في 5 مارس/آذار وسط جدل حول موجة التسمم تلك والتي لا تزال مستمرة في إيران. بعد عدة أسابيع من الاعتقال و"في يوم الإفراج عنه، طلبت الحكومة من الصحافيين عدم تغطية هذه القصة لأنها تزعج الرأي العام، وطالبتهم بالاعتماد فقط على المصادر الرسمية لجمع كل هذه المعلومات" حسب ما أوضح جوناثان داغر.

دفعت هذه الظروف عدة صحافيين إيرانيين إلى الفرار من البلاد. في مواجهة هذا التدفق ولمساعدة هؤلاء، أنشأت مراسلون بلا حدود وحدة لإدارة الأزمات.

استقر الكثير منهم في فرنسا، بينما اختار آخرون كندا والولايات المتحدة وتركيا. لكن حتى في المنفى، ليسوا محصنين من التهديدات. تفيد المنظمة الحقوقية غير الحكومية بعد أن جمعت عدة شهادات، بأن "عائلاتهم في إيران لا تزال تواجه الضغوط". كما أبلغت أجهزة استخبارات أجنبية صحافيين آخرين بأنهم أهداف محتملة لعمليات خطف، ونصحتهم بشدة بتجنب السفر إلى الدول المجاورة لإيران، مثل تركيا.