قبل السفر إلى أية دولة في العالم، يكون أول ما يتم الانتباه له هو ما إذا كانت هذه الدولة تحتاج تأشيرة للدخول إليها أم لا، وفي حال كانت تحتاج لتأشيرة، تكون إجراءاتها في بعض الأحيان متعبة، وتحتاج وقتاً طويلاً من أجل الحصول عليها.
لكن هل فكرت يوماً أن هناك مكاناً في العالم يسمح لمواطني جميع الدول بالدخول إليه دون قيود أو شروط؟ ستظن أن جواب السؤال سيكون بالسلب، لكن الحقيقة غير ذلك.
إذ تسمح مدينة سافالبرد، وهي عبارة عن أرخبيل نرويجي، يضم مجموعة جزر متقاربة، موجودة في المحيط المتجمد الشمالي، بدخول أي شخص لها دون الحاجة لتأشيرة، أو القيام بأي إجراء قانوني، عند السفر إليها.
على الرغم من أنها تابعة لدولة النرويج منذ سنة 1920، إلا أن مجموعة جزر سافالبرد تخضع للحكم الذاتي ابتداءً من سنة 2002، ويحكمها رئيس معيَّن من طرف الحكومة النرويجية.
وتعتبر سافالبرد من بين المستوطنات الدائمة الموجودة في أقصى شمال الكرة الأرضية، بالقرب من القطب الشمالي، إذ إن بها سكاناً دائمين، ومراكز أبحاث، وقبو يوم القيامة، الذي يحتوي على أكبر مجموعة من بذور النباتات، التي يمكن اللجوء إليها في حال حدوث أية كارثة طبيعية.
وبسبب الأجواء المعيشية الصعبة هناك، فإن عدد سكان سافالبرد لا يتعدى 3 آلاف نسمة، أغلبهم موجودين في جزيرة لونغيرباين العاصمة، إذ إن درجات الحرارة هناك تتراوح ما بين 8 درجات، وهي أعلى درجة، و30- درجة، وهي أقل درجة مسجلة بمجموعة الجزر.
تعتبر سافالبرد المدينة الوحيدة في العالم التي تسمح لجميع مواطني دول العالم دون استثناء بزيارتها، وحسب قانونها الخاص، فإنها لا تشترط الحصول على تأشيرة دخول، أي يمكنك جمع أغراضك والسفر.
إلا أن العائق الوحيد من أجل السفر إلى سافالبرد، والسياحة أو الاستقرار هناك، هو طريقة الوصول إليها، فعلى الرغم من أنها لا تشترط تأشيرة دخول، إلا أنه لا توجد أية شركة طيران توفر السفر المباشر لها، ما يستدعي التوجه إلى النرويج أولاً، أو أية دولة أوربية، ثم تغيير الطائرة والتوجه إليها.
ومن أجل دخول إحدى الدول الأوروبية، لابد من الحصول على تأشيرة شينغن، أو تأشيرة النرويج بشكل مباشر، ما يجعل الأمر صعباً ومقيداً.
عند الوصول إلى سافالبرد يصبح العيش هناك والاستقرار أمراً سهلاً؛ إذ إن الشرط الوحيد من أجل البقاء بشكل دائم هو تقديم سبب مقنع لحاكم الإقليم هناك.
إلا أنه في الوقت نفسه، لا يستطيع الكثيرون الاستقرار بشكل كامل، بسبب قساوة الظروف المناخية، من جو بارد، وغياب الشمس أغلب شهور السنة، إضافة إلى قلة فرص العمل، وعدد السكان القليل.
كما أن انتشار الدببة القطبية هناك، والتي يفوق عددها عدد السكان، يجعل التجول في أرجاء المدينة أمراً خطراً، لذا من غير القانوني الخروج دون حمل بندقية، كما لا يسمح بقتل الدب القطبي إلا في الحالات الخطرة، أو عند مهاجمته الشخص الموجود أمامه بشكل مباشر.
من بين أغرب القوانين في سافالبرد هي منع الموت على أراضيها، إذ إنه في حال كان شخص ما على فراش الموت، يجب نقله إلى البر الرئيسي للنرويج.
أما في حال الوفاة بشكل مفاجئ، يتم نقل الجثة إلى إحدى المدن النرويجية الموجودة في الجنوب، بعد أن تم منع الدفن داخل الجزر منذ أزيد من 70 سنة.
ويعود السبب وراء منع الموت في سافالبرد هو عدم تحلل الجثث بعد دفنها، بسبب تجمدها، إذ إن فرصة انتشار الفيروسات تكون أكبر حينها.
من بين الأسباب التي تجعل البعض يسافر إلى سافالبرد هي التسوق، وذلك لأنها تعتبر منطقة تجارية حرة، ولا يفرض فيها أي نوع من الضرائب على السلع.
الأمر الذي يجعل بعض المواطنين من دول أوروبا، وخصوصاً النرويجيين، يفضلون السفر إلى سافالبرد من أجل تسوق السلع التي تفرض عليها حكومة بلادهم الضرائب، من بينها السجائر والمشروبات الكحولية.