Skip to main content

الجانب الخفي للصراع الدموي في ميسان العراقية

ميسان
AvaToday caption
"الصراع لا يقتصر على منفذ الشيب فقط، إنما الشركات النفطية وعقود المشاريع المحلية والاستيلاء على الساحات العامة والأرصفة والوقوف والأسواق"، مبينًا أنّ "أسواقًا تابعة للدولة سيطرت عليها الميليشيات وبدأت تأخذ الأتاوات عليها"
posted onFebruary 13, 2022
nocomment

منذ الحدث الأبرز في محافظة ميسان والذي تجلّى باغتيال قاض متخصّص في قضايا المخدرات، وقبلها الصراعات العشائرية، فضلًا عن الاغتيالات المتبادلة بين أتباع زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، وحركة "عصائب أهل الحق"، بزعامة قيس الخزعلي، والتوترات لم تهدأ وردود الفعل الشعبية الواسعة لا زالت مستمرة.

وبدأت سلسلة الاغتيالات بقيام مسلحين مجهولين بقتل الضابط في وزارة الداخلية حسام العلياوي، شقيق وسام العلياوي القيادي في حركة "عصائب أهل الحق"، الذي قتل في تشرين الأول/ أكتوبر 2019 خلال التظاهرات التي شهدتها محافظة ميسان، ثمّ اغتيل القاضي أحمد فيصل الساعدي في 6 شباط/ فبراير الجاري، لترتفع بعدها وتيرة التوترات الأمنية في المحافظة.

وعلى وقع التوترات، أعلنت خلية الإعلام الأمني، في 12 شباط/ فبراير اعتقال متهم يدعى "حسن طراد غليم" قالت إنه "مسؤول عن تنفيذ العديد من عمليات الاغتيال والخطف في ميسان". 

والأحداث الأمنية والاغتيالات التي شهدتها المحافظة في الأيام الماضية، ليست وليدة اللحظة بل هي سلسلة من الصراعات منذ 2003 إلى الآن، بحسب الناشط، مجيد الزبيدي.

الزبيدي، وهو ناشط اضطر للهروب من المحافظة بعد تعرّضه لهجوم مسلح أمام منزله خلال تظاهرات تشرين الأول/ أكتوبر 2019، يقول إنّ "هذا الصراع أطرافه معلومة للجميع سواء الحكومة المحلية أو الأهالي، مستدركًا "ولكن لا أحد يستطيع أن يصرح أو يتدخل خوفًا على نفسه، ولأن السكوت مقابل الحفاظ على الحياة في ميسان".

وما يحدث بين الحين والآخر من اضطرابات أمنية ـ والكلام للزبيدي ـ هو نتيجة اختلافات في الصفقات والغنائم، مؤكدًا أنّ "الصراع المتجدد في المحافظة هو بالأساس على منفذ الشيب الحدودي الذي يربط ميسان مع إيران، حيث أنّ كل حزب له جانب تجاري منه"، فيما أشار إلى أن كل "ميليشيات الأحزاب تتقاسم تجارة الحديد والمواد الإنشائية وغيرها من المواد الغذائية".

ويفسر الزبيدي لموقع "ألترا عراق" المحلية شكل الصراع الذي يجري حول "منفذ الشيب"، قائلًا إنّ "أي سيارة نوع حمل تدخل المنفذ من غير تجار الميليشيات لا بدّ أن تدفع مبلغ قدرة 500 ألف دينار عراقي بحجة كراجية".

مبينًا أنه "إذا لم يدفع صاحب السيارة يتمّ إطلاق الرصاص على إطارات سيارته وقد تكرّرت هذه الحالات عشرات المرات حتى تم ترويض التجار على دفع المبالغ بشكل دائم".

وسبق أن نُشر تحقيقًا عن "منفذ الشيب" في تموز/يوليو 2019، وقد أشار التحقيق بشكل صريح إلى الصراعات التي تجري حول واردات المنفذ من قبل ميليشيات مسلحة وعشائر، فيما كشف عن ضياع ما يقارب (65 ــ 80 %) من واردات المنفذ بين الجماعات المسلّحة والأحزاب وحتى العشائر التي تسيطر وتتقاسم النفوذ في الشيب.

وأفاد ناشط في حقوق الإنسان من داخل المحافظة، وطلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب قال إنهم "سيضعون عبوة ناسفة أمام بيتي إذا تحدّثت باسمي"، ويتفق الناشط مع الزبيدي قائلًا إنّ "الصراع الدموي بين الصدريين والعصائب هو اقتصادي والأهم فيه منفذ الشيب، واصفًا ما يحدث بـ"معركة المليارات".

ويقول المصدر إنّ "الصراع لا يقتصر على منفذ الشيب فقط، إنما الشركات النفطية وعقود المشاريع المحلية والاستيلاء على الساحات العامة والأرصفة والوقوف والأسواق"، مبينًا أنّ "أسواقًا تابعة للدولة سيطرت عليها الميليشيات وبدأت تأخذ الأتاوات عليها".

وبالعودة إلى الجماعات المسلّحة التي تسيطر على محافظة ميسان، فهي بحسب الزبيدي تتمثل بـ"التيار الصدري وعصائب أهل الحق"، ويقول إنها "مجاميع تتحرّك عبر أسماء معروفة في المحافظة وتقوم بكل هذه الأعمال، مشيرًا إلى أنّه "حينما يتم القبض على أي أحد من المجموعات يتم إعلان البراءة منه ويصرّحون بأنه مطرود قبل عدّة أشهر".

وفعلًا، نشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أنّ "حسن طراد غليم" على صلة بحركة "عصائب أهل الحق"، لكنّ الأخيرة نفت علاقتها بالمتهم قائلة إنه "سبق أن أدعى المتهم علاقته بالحركة وصدرت براءة منه قبل عامين بتاريخ 10 شباط/فبراير 2020". 

وبالعودة إلى المصدر، فإنه يلفت إلى أنّ "غليم هو كبش فداء بالنسبة لحركة العصائب، لكننا لا نعلم ما هو كبش الفداء الذي سيقدمه الصدريون".

وأضاف المصدر أنّ "غليم ليس المتهم الأول بالاغتيالات وإنما هناك جهات أكبر منه وأسماء عديدة معروفة لدى الأهالي في ميسان وهم منتمون لحركة عصائب أهل الحق وأنصار الله الأوفياء ومنظمة بدر والتيار الصدري".

ويتحدّث المصدر عن عناصر في الأجهزة الأمنية لديهم ولاءات لـ"عصائب أهل الحق ومنظمة بدر ويمسكون الأماكن الحسّاسة في المحافظة، كما "أنهم فاعلون بالتستر على حوادث القتل وكذلك تسهيل المهمات"، ودليل المصدر بذلك أنّ "كل القتلة عليهم أوامر قبض لكنها لم تنفذ بسبب قائد الشرطة الذي يُحسب على منظمة بدر ولديه تفاهمات مع التيّار الصدري"، مشيرًا إلى أنّ "أوامر القبض بدأت تنفذ الآن لأن قائد الشرطة تم تغييره".

والصراع الذي يدور بين التيار الصدري و"عصائب أهل الحق" هو "من أجل فرض نفوذ على المدينة"، وفقًا لمجيد الزبيدي الذي يوضح: "أو بالأحرى هو محاولات من قبل العصائب للحد من نفوذ التيار الصدري بعدما فشلت منظمة بدر بهذا الدور منذ 2005 كي تصبح العمارة مدينة ذات طابع أو ولاء إيراني ويتفردون بالغنائم والإتاوات".

ويتولّى  المحافظ، علي دواي، وهو عضو في الكتلة الصدرية، إدارة محافظة ميسان، ولم يحاسب أي أحد من المتهمين بالاغتيالات وفق المصدر الذي يقول إنّ "بعض المتهمين بعمليات الاغتيال من التيار الصدري قام علي دواي بتسليم قطع الأراضي لهم وحصلوا على استثمارات كثيرة".

وفي وقت سابق، أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إرسال وفد رفيع إلى ميسان لوضع حد للنزاع مع حركة "عصائب أهل الحق".

وهدد الصدر في بيان، بـ"البراءة من الطرفين في حال عدم التعاون لوأد الفتنة، وفسح المجال للقوات الأمنية للقيام بواجبها".

وبالمقابل، أعلن زعيم حركة "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، الخميس، تشكيل لجنة ثلاثية لـ "التعاون" مع لجنة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بشأن أحداث ميسان.

واشترط الخزعلي، "الاحتكام إلى القانون عبر القضاء العراقي، لتكون وظيفة اللجنة تقصي الحقائق مع لجنة التيار الصدري عن كل الأحداث ابتداءً من تاريخ اغتيال وسام العلياوي في 25 كانون الثاني/يناير 2020".

وأعلنت اللجنة المشتركة من التيار الصدري وحركة "عصائب أهل الحق"، نتائج الاجتماع الأول لحلّ النزاع في محافظة ميسان، ونشر الطرفان بيانًا مشتركًا من خمس نقاط، أكّد على "استنكار جرائم القتل ودعم القوات الأمنية والقضاء، ومواصلة التقصي لكشف الجناة ومحاسبتهم".

فيما أكّد قيادي في حركة العصائب، التوصل إلى اتفاق لإيقاف عمليات الاغتيال المتبادلة، وقال مدير مكتب الحركة في ميسان "أبو هادي صكر"، إنّ "الهدوء سيعود إلى المحافظة وسيكون المجاهدون داعمين للقوات الأمنية".

وأضاف في بيان، أنّ "مبادرة الشيخ الخزعلي والسيد الصدر ستبعد الطرف الثالث وتحل أزمة المحافظة"، مؤكدًا القدرة على تجاوز المرحلة الراهنة و"التوصل إلى اتفاق" بين الطرفين.

وقبل هذه التوترات، وقع في ميسان نزاع عشائري طاحن في منطقة قلعة صالح بين عشيرتين أسفرت عن قتلى ومصابين وطالت الاشتباكات القوات الأمنية التي حاولت التدخل للسيطرة على الموقف لكنها تلقت رشقات من الإطلاقات المتبادلة.