Skip to main content

العراق يقلل أعتماده على الغاز الإيراني

العراق
AvaToday caption
"العراق تحول إلى كبش فداء في اتفاقية استيراد الغاز من إيران، لأن طهران تستغل هذا الملف للضغط سياسيا واقتصاديا من خلال قطعه في فترات الذروة في الصيف والشتاء مما يؤدي الى شلل في كثير من محطات انتاج الطاقة"
posted onFebruary 12, 2022
nocomment

إعلان العراق توقيع اتفاق مبدئي مع قطر لاستيراد الغاز قد يسهم في تقليل الاعتماد على إيران في هذا المجال وحل أزمة توليد الطاقة المستعصية في البلاد من أكثر من عقدين، على الرغم من أن الخطوة جاءت "متأخرة"، وفقا لمحللين.

ويحرق العراق معظم غازه، المُستخرج بجانب النفط من حقوله، لافتقاره إلى المنشآت اللازمة لتحويله إلى وقود ويعتمد بدلا من ذلك على واردات الغاز الإيرانية في توليد الكهرباء.

في تصريحات أدلى بها للوكالة الرسمية العراقية، قال وزير الكهرباء بالوكالة عادل كريم، الخميس، إن "التوجه إلى قطر جاء للبحث عن مصادر أخرى مساعدة أو بديلة في حال انقطاع الغاز الإيراني أو شحه خاصة في فصل الصيف".

وتوقع الوزير العراقي "استكمال استيراد الغاز القطري خلال سنة أو 15 شهرا إن توفرت الإمكانيات".

وقبل ذلك بحث كريم مع وزير الطاقة القطري سعد شريدة الكعبي إمكانية توريد الغاز للعراق لمعالجة نقص الكهرباء لديه.

جاء ذلك خلال زيارة سريعة قام بها وزير الكهرباء العراقي لقطر جرى خلالها بحث كافة القضايا اللوجيستية اللازمة لتوريد الغاز من خلال الموانئ القطرية لموانئ العراق.

ويعتمد العراق بشكل كبير على واردات الغاز الإيراني لتغذية شبكة الكهرباء، إذ تولد البلاد نحو 14 ألف ميغاواط من الشبكة المحلية، إلى جانب ما يقارب من أربعة آلاف ميغاواط إضافية عن طريق استيراد الغاز والطاقة من إيران، وفقا لرويترز.

يقول الخبير الاقتصادي علاء الفهد إن "العراق يحاول توفير بدائل عن الغاز أو الكهرباء من إيران، وهذا ما يحدث الآن من خلال الربط الكهربائي مع الخليج والسعودية كمرحلة أولى ومد أنبوب للغاز مع قطر".

ويضيف الفهد أن الخطوة جاءت "متأخرة" نتيجة انعدام "الإرادة السياسية" في تقليل الاعتماد على إيران في مجال الطاقة.

ويبين الفهد: "الإرادة السياسية مفقودة، هناك جهات سياسية عملت على بقاء العراق مرتبطا بإيران وعدم التفكير بالبديل أو استغلال الغاز الموجود في العراق".

ينتج العراق حاليا ما يقرب من 1300 مليون قدم مكعبة قياسية، ويهدف الوصول إلى حجم الـ4 آلاف مليون عام 2025، حينها لن يصبح العراق بحاجة إلى استيراد الغاز من أي جهة أخرى.

ويكلف حرق الغاز الحكومة العراقية إيرادات مفقودة بنحو 2.5 مليار دولار سنويا وتكفي كمياته لسد معظم النقص في معروض الغاز لتوليد الكهرباء، وفقا للبنك الدولي.

وتفيد بيانات البنك الدولي أن العراق هو ثاني أكثر دولة في العالم تستخدم هذه الممارسة بعد روسيا وقبل إيران والولايات المتحدة. في العام 2020 بلغ حجم الغاز المحترق في العراق 17.374 مليون متر مكعب.

بالمقابل ينتج العراق حاليا 16 ألف ميغاواط من الكهرباء وهذا أقل بكثير من حاجته المقدرة بـ24 ألف ميغاواط، وتصل إلى 30 ألفا في فصل الصيف، فيما قد يتضاعف عدد سكانه بحلول عام 2050 ما يعني ازدياد استهلاكه للطاقة، وفق الأمم المتحدة.

ولم تجدد وزارة الكهرباء وحداتها، وبينها شبكة توزيع الطاقة، ما يعني ضياع 40 بالمئة من الإنتاج. ولم تتمكن وزارة النفط رغم محاولاتها المتواصلة، من استثمار الغاز الطبيعي المرافق لعمليات الاستخراج والذي يحترق من خلال مشاعل على مدار الساعة، لتحويله إلى وقود لتشغيل محطات الطاقة الكهربائية.

وتعاني شبكة الكهرباء الرئيسية في العراق من انقطاعات تستمر لساعات يوميا على مدار العام، لكن الأمر يتفاقم خلال شهور الصيف عندما تسجل درجة الحرارة عادة 50 مئوية ويزيد استخدام مكيفات الهواء.

وفشل جميع وزراء الكهرباء الذين شغلوا هذا المنصب بعد عام 2003، في معالجة هذه المشكلة مع حلول كل صيف، الأمر الذي دفعهم للاستقالة تباعا، وخصوصا مع القاء الحكومة المسؤولية على وزير الكهرباء، عند كل موجة احتجاجات.

يعرب الخبير المالي والاقتصادي باسم جميل أنطوان عن أمله في أن تكون تصريحات وزير الكهرباء العراقي بالوكالة "حقيقية" هذه المرة وتسهم في حل أزمة شح الطاقة في البلاد.

ويضيف أنطوان أن "من غير الممكن نقل الغاز القطري بالسيارات أو الناقلات العملاقة، لأنه سيكون مكلفا وبالتالي الحل الأمثل هو مد خط أنابيب"، مشيرا إلى أن "هذا الإجراء يحتاج لوقت ولجهد ولأموال طائلة، لأن طولها ربما يتجاوز 2000 كيلومتر".

ويرى أنطوان أن "العراق تحول إلى كبش فداء في اتفاقية استيراد الغاز من إيران، لأن طهران تستغل هذا الملف للضغط سياسيا واقتصاديا من خلال قطعه في فترات الذروة في الصيف والشتاء مما يؤدي الى شلل في كثير من محطات انتاج الطاقة".

وإضافة إلى الجنبة السياسية، يشير أنطوان إلى "الكلف المالية الضخمة لاستيراد الغاز والتي تتجاوز 3 مليارات دولار سنويا".

ويبين أنطوان أن "العراق دفع ثمنا غاليا لهذه العملية، لأنه أصبح ساحة صراع تجاري وسياسي بين إيران والولايات المتحدة".

ويؤكد أن "الصفقة مع قطر ودول الخليج ستكون بديلا عن هذا كله، وقد تؤدي إلى سد حاجة العراق من الطاقة بمقدار ستة إلى سبعة آلاف ميغا واط".

ووقع العراق والسعودية مذكرة تفاهم في مجال الربط الكهربائي وذلك لتزويد بغداد بالطاقة الكهربائية، على ما أعلنت وزارة الطاقة بالمملكة الخليجية الشهر الماضي.

وكان وزير النفط العراقي أعلن في ديسمبر الماضي أن بلاده تجري محادثات مع السعودية من أجل شراء الطاقة الكهربائية.