Skip to main content

تسريب كلوب هاوس الذي هزّ إيران

ظريف
AvaToday caption
يأتي هذا التسجيل في وقت تجتمع فيه إيران وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا في فيينا للاتفاق على الخطوات اللازمة لإحياء الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2018
posted onApril 27, 2021
nocomment

بلغة نادرا ما تظهر علنا في أروقة السياسية الإيرانية، اشتكى وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف من المدى الذي وصل إليه تأثير قاسم سليماني، في السياسة الخارجية، في تصريحات مسربة تلقي الضوء على الصراعات بين الحكومة الإيرانية والحرس الثوري الذي يحظى بنفوذ كبير.

وفي تسجيل صوتي مسرب، لمح ظريف إلى أن سليماني، القائد الراحل لفيلق القدس التابع للحرس الثوري، حاول إفساد اتفاق إيران النووي لعام 2015 بالتواطؤ مع روسيا.

وظريف الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، هو مهندس الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع القوى العالمية في 2015.

وفي وقت متأخر من الأحد الماضي، قال ظريف إن نفوذه في السياسة الخارجية الإيرانية "صفر"، في مقابلة بثتها قناة إيران التلفزيونية الدولية الفضائية، الناطقة باللغة الفارسية، ومقرها في لندن.

والاثنين، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إن القناة نشرت مقتطفات فقط من المقابلة التي أجريت على مدى سبع ساعات، دون أن ينفي صحة التسجيل الصوتي. بينما طلب الرئيس الإيراني حسن روحاني التحقيق فيما وصفها بـ"مؤامرة" نشر التسجيل الصوتي.

ويقول حسن راضي، الخبير في الشؤون الإيرانية، لقناة "الحرة" الأميركية إن التصريحات الصريحة والمباشرة الصادرة من مسؤول رفيع، ممثلا في وزير الخارجية، خصوصا عن قاسم سليماني تمثل صفعة وفضيحة كبرى للنظام الإيراني".

ويعتقد راضي أن التسجيل كشف الكثير من الأمور، "لكن محمد جواد ظريف لم يكن يتوقع أن يتسرب وربما كان سيبقى طي الأرشيف".

وأوضح الخبير في الشؤون الإيرانية أن العديد من الوزراء أجروا مقابلات مماثلة لتقييم المرحلة الحالية والاطلاع على وجهات نظرهم.

وفي نفس السياق يقول محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، لموقع "الحرة": "هذا التسريب الصوتي كان تسجيلا خاصا بأرشيف الوزارة؛ تسجل الوزارات دوريا هذه المقابلات كمادة أرشيفية يستمع إليها من يريد أن يتعلم من دروس الدبلوماسية".

وأكد أن هذا التسجيل "غير قابل للنشر، وكان من المفترض ألا ينشر أبدا".

وفي التسجيل الذي بثته القناة التلفزيونية على تطبيق كلوب هاوس، قال ظريف: "في كل مرة تقريبا ذهبت فيها للتفاوض (مع الدول الكبرى) كان (سليماني) يطلب مني أن أقدم هذا التنازل أو ذاك أو أثير نقطة ما".

ويقول راضي: "خامنئي والحرس الثوري كانا يمنحان الضوء الأخضر لروحاني بالاتفاق وبعد ذلك يتم انتهاك صفقة الحكومة، لذلك شعر المسؤولون بأن لا دور لهم في أي شيء".

ويفسر أبو النور ذلك، قائلا: "هذا يعني أنهم يقولون له إنك مجرد موظف بالإدارة الإيرانية، ويجب أن تفعل ما يملى عليك وليس العكس".

وقد أشار ظريف لذلك في التسجيل الصوتي، حينما قال إن نظيره الروسي سيرغي لافروف، في آخر أسبوع من مفاوضات اتفاق 2015، سأله: "أليس لديك تعليمات؟".

ويعلق أبو النور، قائلا: "معنى ذلك أن روسيا كانت لديها تفهمات حول نقاط خلافية معينة مع قاسم سليماني والعسكريين الذين أبلغوا بدورهم ظريف، لكن الأخير لم يلتزم بهذه التعليمات، وفقا للتسريب نفسه".

وكان سليماني شخصية محورية، وأقام شبكة من الجماعات المسلحة الموالية لطهران في أنحاء الشرق الأوسط. وقتل في هجوم أميركي بطائرة مسيرة في العراق العام الماضي.

وردت إيران بهجوم بالصواريخ على قاعدة عراقية تتمركز فيها قوات أميركية. وبعد ساعات أسقطت القوات الإيرانية طائرة ركاب أوكرانية حال إقلاعها من طهران. وبعد أيام اعترف الحرس الثوري بأنه أسقطها "بطريق الخطأ".

وفي التسجيل، قال ظريف: "قلت (في اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي) إن العالم يقول إن صواريخ أسقطت الطائرة. إذا كان هذا ما حدث أبلغونا كي نرى كيف نستطيع تسوية الأمر".

ومضى ظريف قائلا: "قالوا لي: لا، اذهب، غرد على تويتر وانكر ذلك".

ويرجح راضي أن يترتب على تسريب هذا التسجيل الصوتي ما وصفها بـ"التداعيات الخطيرة" التي ستطال جواد ظريف وأطرافا أخرى ذُكرت أسماؤهم خلال المقابلة، بينما أشار أبو النور إلى التداعيات السياسية على التيار الإصلاحي.

وفي فبراير 2019، أعلن ظريف استقالته من منصبه فجأة على صفحته على موقع إنستغرام.

ولم يذكر ظريف أسبابا محددة لقراره الذي لم يقبله روحاني بينما تكهن البعض أن الاستقالة جاءت احتجاجا على عدم إبلاغ ظريف بزيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى طهران آنذاك.

وفي التسجيل الحديث، قال ظريف: "لم أتمكن مطلقا من مطالبة أي قائد عسكري بفعل شيء ما من أجل مساعدة الجهود الدبلوماسية".

ومضى قائلا "كان النجاح على الساحة (العسكرية) أهم من نجاح الدبلوماسية. كنت أتفاوض من أجل النجاح على الساحة (العسكرية)".

وتأسس الحرس الثوري بعد ثورة عام 1979 لحماية المؤسسة الدينية الحاكمة، والحفاظ على القيم الثورية. وهو يتبع مباشرة المرشد الأعلى علي خامنئي.

ويتمتع الحرس الثوري بنفوذ هائل لدرجة أن بوسعه تعطيل أي تقارب مع الغرب إذا شعر بأن ذلك يمثل خطرا على مصالحه الاقتصادية والسياسية.

ويقول راضي إن "الحرس الثوري هو الدولة العميقة، دولة في داخل دولة، بل هو الإمبراطورية التي تمتلك كل شيء".

وأضاف "طبعا جواد ظريف وحكومة الرئيس حسن روحاني والكثير من المسؤولين يعرفون جيدا أن القرارات لخامنئي والحرس الثوري، لكنهم كانوا يحاولون المشاركة بالكلمة والرأي".

ورغم ضغوط الحرس الثوري وتداخلاته "كانوا يتوقعون أن يكون لهم دور، خصوصا وأنهم طرف في العلاقات الدولية والإقليمية في وقت تجري فيه مفاوضات"، وفقا لراضي.

ويأتي هذا التسجيل في وقت تجتمع فيه إيران وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا في فيينا للاتفاق على الخطوات اللازمة لإحياء الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2018.

وتهدف المحادثات لإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق وإقناع طهران بإنهاء انتهاكاتها.

وقال أبو النور إنه في صباح يوم تسريب التسجيل "طالب ظريف طلبا غريبا جدا وهو دعم مسار فيينا على حساب مسار نطنز".

ويتمثل مسار نطنز، كما سماه أبو النور، في تركيب إيران لأجهزة طرد مركزي إضافية في منشأة لتخصيب اليورانيوم توجد تحت الأرض في نطنز وتعرضت للهجوم هذا الشهر.

أما مسار فيينا فيتعلق باختراق دبلوماسي كبير للعودة إلى الاتفاق النووي قبل أن يغادر الرئيس حسن روحاني السلطة في 18 يونيو المقبل.

ويعتقد أبو النور أن "هناك جهات داخل إيران لا تريد لهذا الاختراق أن يتم؛ هذه الجهات هي بيت القيادة ومؤسسات الحرس الثوري".

وأضاف "الحرس الثوري لا يريد لإدارة روحاني أن تقوم بعمل الاختراق، يريد أن ينتظر لما بعد الـ18 من يونيو، ويرى ما إذا كان حسين دهقان وهو قائد عسكري سيصبح رئيسا لكي تتوصل إدارته الجديدة لاتفاق، لاسيما وأن جواد ظريف ينتقد المؤسسة العسكرية ويحملها الإخفاقات السياسية والدبلوماسية في الجلسات الخاصة".

وأرجع أبو النور تسريب التسجيل إلى "صراعات داخلية بين الأجنحة الإيرانية، يستعرض فيها الجناح العسكري قوته ونفوذه"، مدللا على ذلك بعدم تسريب تسجيل صوتي لرجل عسكري أو رجل استخبارات أو ما إلى ذلك.

ولعب ظريف دور الريادة في الاتفاق الذي وافقت إيران بموجبه على كبح برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات المالية الدولية عنها.

وقد تعرض لهجوم من المحافظين المناهضين للغرب في إيران بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق، وأعادت فرض العقوبات على اقتصاد إيران وصناعة النفط التي تعد شريان الحياة لاقتصادها والتي كانت قد رُفعت بموجب الاتفاق.

وكان ظريف قال إنه لا يعتزم الترشح لانتخابات الرئاسة التي ستجرى يوم 18 يونيو، ورغم ذلك قال بعض المنتقدين إن تصريحاته ترمي إلى كسب أصوات الإيرانيين الذين يعيشون ظروفا اقتصادية صعبة وغيابا للحريات السياسية والاجتماعية.

وطرحت شخصيات بارزة في التيار السياسي المعتدل اسمه باعتباره مرشحا محتملا للانتخابات التي سيخوضها أيضا عدة قادة بارزين من الحرس الثوري.

لكن راضي يعتقد أن تصريحات ظريف ستعزز رؤية خامنئي والحرس الثوري بشأن إقصاء الإصلاحيين والمعتدلين من المشاركة في الانتخابات المقبلة.

وبحسب راضي، فإن خامنئي كان قد حسم أمره قبل الانتخابات بأن تكون المرحلة المقبلة "للمحافظين المتشددين وربما لأحد قيادات الحرس الثوري، لكن مقابلة ظريف عززت هذه الموقف".

وأضاف "خامنئي لن يتراجع بالتأكيد عن هذا الرأي، لأن هذا التسجيل الصوتي أثبت أن هؤلاء كما يصفونهم المحافظون المتشددون لا ثقة لهم"، مشيرا إلى اتهام البعض منهم لظريف بأنه ارتكب خيانة وقدم خدمة كبيرة للغرب.